كيف كانت علاقة الإمام الخميني (قدس سره) بالشهيد المطهري؟

كانت العلاقة التي تجمع بين الإمام الخميني (قدس سره) والشهيد المطهري علاقة من نوع خاص، وذلك نظرًا لمعرفة كل منهما للآخر معرفة حقيقية والتي نشأت من خلال تلمذ الشهيد لمدة اثني عشر عامًا على يد الإمام (ره) ثم في سنيّ الثورة وما بعدها حتى لحظة استشهاده. ونظرة إلى أقوال الأستاذ الشهيد المطهري حول الإمام الراحل (ره) وكذا أقوال الإمام في الشهيد تكشف عن هذه الحقيقة.

ID: 49382 | Date: 2017/12/19
كانت العلاقة التي تجمع بين الإمام الخميني (قدس سره) والشهيد المطهري علاقة من نوع خاص، وذلك نظرًا لمعرفة كل منهما للآخر معرفة حقيقية والتي نشأت من خلال تلمذ الشهيد لمدة اثني عشر عامًا على يد الإمام (ره) ثم في سنيّ الثورة وما بعدها حتى لحظة استشهاده. ونظرة إلى أقوال الأستاذ الشهيد المطهري حول الإمام الراحل (ره) وكذا أقوال الإمام في الشهيد تكشف عن هذه الحقيقة.
فقد كان الشهيد المطهري يعتبر الدراسة على يد الإمام الخميني (قده) اثنا عشر عامًا – والذي تعدّت علاقته بالإمام حدود علاقة التلميذ بالأستاذ حيث كان الإمام يزوره في غرفته – ذي تأثير كبير على تبلور شخصيته. يقول الشهيد في مقدمة كتاب (الدوافع نحو المادية) بعد بيان أمنيته للمشاركة في درس المرحوم آقا ميرزا مهدي شهيدي رضوي مدرّس الفلسفة الإلهية في حوزة مشهد وعدم تحقق هذه الأمنية بسبب وفاة آقا ميرزا:
«بعد الهجرة إلى قم، وجدت ضالّتي في شخصية أخرى، كنت أرى فيها دومًا المرحوم آقا ميرزا مهدي إضافة إلى ميزات أخرى. كنت أتصوّر أن روحي الظمأى سوف ترتوي من معين زلال هذه الشخصية، وإن كنا في بداية الهجرة إلى قم لم نفرغ بعد من المقدمات ولم نكن جديرين بالدخول في (العقليات)، لكن درس محبوبي في الأخلاق يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع – والذي كان درسًا في المعارف والسير والسلوك لا أخلاقًا بمعناه العلمي الجاف – كان يطربني. ودون أدنى مبالغة كان هذا الدرس يشدّ وجدي بحيث كنت أشعر بتأثيره الشديد حتى الاثنين والثلاثاء في الأسبوع التالي. وقد تبلور قسم مهم من شخصيتي الفكرية والروحية في هذه الدرس ثم في دروس أخرى درستها عند ذلك الأستاذ الإلهي طوال اثني عشر عامًا. وكان في الحقيقة روحًا قدسية وإلهية».
ويقول الشهيد المطهري في كتابه (حول الثورة الإسلامية) حول الإمام (قدس سره) هكذا:
«إنني درست اثنتي عشرة سنة تقريبًا عند هذا الرجل العظيم، لكن ذهبت إلى لقائه في سفري الأخير إلى باريس، فكشفت أمورًا في معنوياته لم تزد في حيرتي فحسب، بل ازداد إيماني به أيضًا. وعندما رجعت سألني الزملاء: ماذا رأيت؟ فقلت: رأيت فيه أربعًا:
- آمن بهدفه، فلو تكالبت عليه الدنيا، لم تصرفه عن هدفه.
- وآمن بسبيله، فلا يمكن صرفه عنه، وهو أشبه بإيمان الرسول بهدفه وسبيله.
- آمن بشعبه، فمن بين من أعرفهم، لم أجد أحدًا يؤمن بمعنويات الشعب الإيراني مثله. فينصحونه أن تمهّل قليلًا، فالناس قد تعبوا وفتروا، فيقول: كلاّ، ليس الناس كما تقولون، إنني أعرف الشعب أفضل منكم. ونرى صحة كلامه تتجلّى يومًا بعد يوم.
- وأخيرًا، والأسمى منها جميعًا، آمن بربّه.
وفي إحدى الجلسات الخاصة كان يقول لي: يا فلان، إننا لسنا الذين نقوم بكل هذه، فإنني أشعر بوجود اليد الإلهية. والإنسان الذي يشعر بوجود يد إلهية، ويخطو خطوة في سبيل الله، فالله ينصره طبقًا الآية ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُ﴾.
أو مثلما جاء في قصة أصحاب الكهف. يقول القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ﴾، وتوكلوا عليه، ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾. إنهم قاموا لله، فثبت الله سبحانه وتعالى قلوبهم.
إنني أرى بوضوح مثل هذه الهداية والتأييد في هذا الرجل؛ فهو قد ثار لله، فأعطاه الباري تعالى قلبًا قويًا لم يجد الخوف والتزلزل إليه سبيلًا.
وأذكر ميزة أخرى في هذا الرجل، قد لا تصدّقون أن هذا الرجل الذي يصدر هذه البيانات الملتهبة نهارًا، يناجي ربّه في الأسحار ساعة على الأقل، ويذرف الدموع بصورة يصعب تصديقها.
هذا الرجل في الحقيقة نموذج لعلي (ع)؛ فقد قيل إن عليًّا كان يبتسم أمام العدو في الحرب، وأما في محراب العبادة فيغشى عليه من شدة البكاء. ونحن نرى نموذجًا له في هذا الرجل».

أما كلام الإمام الخميني (ره) في الشهيد فلا شك أنه لا نظير له، فلم يقل الإمام (ره) في أحد مثلما قاله في الشهيد المطهري، كما أنه لم يبكِ لأحد علنًا كما للشهيد، وهنا ندرج هذا الكلام بالترتيب: