«الكبر» عبارة عن حالة نفسية تجعل الإنسان يرتفع ويتعالى على الآخرين. ومن أماراته تلك الأعمال التي تصدر عن الإنسان، والآثار التي تترشح منه بحيث يقال عنه إنه متكبر، وهذه الصفة هي غير العجب، بل هي، كما سبق قوله، صفة رذيلة وخبيثة، وتحجم عن العجب، لأن العجب هو الإعجاب بالذات، والكبر هو التعالي والتعاظم على الناس.
فعندما يتوهم الإنسان أن فيه صفة من صفات الكمال، تتنازع حاله، هي مزيج من السرور والدلال والتبجح وغيرها. هذه هي صفة «العجب»، ولكنه يرى الآخرين لا يملكون تلك الصفة التي يتوهمها في نفسه، فبنايةً يشعر آخر هو تصور التفوق والتقدم، وهذا يؤدي به إلى التعاظم والترفع، وهذه هي صفة «الكبر».
إن كل هذه الحالات تكون في القلب وفي الباطن، وتظهر آثارها على الظاهر، في الملامح وفي الأفعال وفي الأقوال. وبهذا يصبح الإنسان مرة فمرة وإذا ازداد غروره أصبح معجباً بنفسه، وعندما يطمح إعجابه بنفسه يتعاظم ويتكبر.
واعلم أن الصفات النفسانية، سواء أكانت من صفات النقص والرذيلة أم من صفات الكمال والفضيلة، فإنها دقيقة ومهمة جداً. ولهذا فإن التمييز بينها، والتعرف عليها يكون في غاية الصعوبة. وربما يقع الكبير من الاختلاف بين العلماء الأعلام عند تحديدها، أو في صعوبة وضع تعريف لها لهذه الصفة الحيوانية من دون أن تتشعب متضخمة. لذلك من الضروري أن ندقق الأمور الوجدانية نفسه، وتحرير النفس من اصطلاح المفاهيم حتى لاتختلف عن الهدف المقصود باصطناع المفاهيم والمقاصد.
فلابدّ أن نعرف أن للكِبر درجات كأني ذكرتها للعجب، وتضاف إليها درجات أخرى كانت في العجب أيضاً.
-----------
القسم العربي، الشؤون الدولية، كتاب " الاربعون حديثاً" تعريب: السيد محمد العروس. ص ١٠١.