بعد سنوات من منع المقابلات مع الإمام الخميني (س) أو نشرها في وسائل الإعلام، جرت المقابلة الرسمية الثانية مع إذاعة وتلفزيون فرنسا. حاولت الحكومة العراقية منع المقابلة، لكن بوعي المجاهدين والمحيطين بالإمام، خصوصاً المرحوم الحاج أحمد آقا، وصل الشريط إلى فرنسا. غير أنّ الحكومة الفرنسية منعت بثّها، فتنافست صحيفتا الفيغارو واللوموند، وتمكّنت الفيغارو من شراء الشريط وبثّه، فكان لذلك أثر بالغ في إثبات شرعية حركة الشعب الإيراني ونزع الشرعية عن نظام الشاه.
المرحوم الحاج السید احمد يروي:
«بعد مقابلة الإمام مع لوموند، كثرت الطلبات من الصحف والمجلات والإذاعات والتلفزيونات العالمية. العراقيون أعلنوا رسمياً أنّ الإمام لا يحقّ له إجراء مقابلات، وأن أي لقاء يجب أن يتمّ بعلمهم. ومع كلّ هذه الضغوط قبلنا طلب إذاعة وتلفزيون فرنسا. اتخذنا تدابير سرّية لإدخال الصحافيين، لكن سرعان ما دخل بعض عناصر الأمن العراقي إلى المنزل لمحاولة منع المقابلة. أغلقت الباب عليهم فأصبحوا سجناء داخل البيت حتى انتهاء المقابلة. بعد خروج الصحافيين، فتحت الباب لهم فرحلوا مسرعين. وبعد أيام فوجئنا بنشر المقابلة في صحيفة الفيغارو، وقد سمعت أنّ الصحيفة اشترتها بمبلغ كبير من الإذاعة الفرنسية».
---
مقتطفات من مقابلة الإمام مع الصحافيين الفرنسيين
سؤال: ما هو تصوركم عن الحكومة الإسلامية؟ هل يقصد أن يتولّى رجال الدين الحكم مباشرة؟
الجواب: كلا. ليس المقصود أن يحكم رجال الدين بأنفسهم، بل يقودون الشعب لتحقيق أهداف الإسلام. بما أنّ أكثرية الشعب مسلم، فإن الحكومة الإسلامية ستكون قائمة على دعم الشعب. المرحلة الأولى هي استقلال البلاد وقطع أيادي النفوذ الأجنبي، وإخراج الاستعمار والمستغلّين، وإعادة الثروات للشعب المظلوم. المرحلة الثانية هي تطهير الوزارات والمؤسسات من الخونة والانتهازيين وتسليم الأمور لأبناء الوطن الأمناء. ثم تأتي مراحل أخرى للإصلاح، لكن الشرط الأوّل لتحقيق أي إصلاح هو إزالة عقبة النظام البهلوي، فمع بقاء الشاه وأسرته لا يمكن الوصول إلى الحرية والاستقلال.
---
سؤال: الرئيس كارتر يقدّم نفسه مدافعاً عن حقوق الإنسان. لماذا دعم الشاه بعد مجازر طهران؟
الجواب: الحديث عن حقوق الإنسان يصدر من أكثر المنتهكين لها، وفي عصرنا كارتر هو أوّلهم. لقد ارتكب الشاه مجازر جماعية في مدن كثيرة، وآخرها مجزرة طهران حيث قُتل الآلاف. ومع ذلك واصل كارتر دعمه له. إنّ الولايات المتحدة وسائر الدول الاستعمارية لا هدف لها سوى إبقاء الشعوب الضعيفة متأخرة ليستغلّوا ثرواتها، وهذا أصل كلّ الضغوط علينا.
---
سؤال: مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي، ومع نفاد النفط في المستقبل، ما هو حلّ أزمة إيران؟
الجواب: إذا قُطع نفوذ المستغلّين الداخليين والخارجيين عن النفط، فلن تنفد المخزونات سريعاً. نحن نرى الحلّ في إقامة حكومة إسلامية وطنية، تقطع يد الشاه ومن حوله عن المال العام، وتعيد الثقة للاقتصاد، وتنهض بالزراعة والصناعة بيد متخصصين أمناء. بهذه الطريقة يمكن معالجة الأزمة جذرياً.
---
سؤال: ما رأيكم في مصطلح «الماركسيين الإسلاميين» الذي روّجه الشاه؟
الجواب: هذا اصطلاح اخترعه الشاه لتبرير جرائمه أمام أميركا، ولتشويه الحقائق أمام الشعب. الإسلام دين كامل، لا يحتاج إلى استعارة من أي «إيديولوجيا»، وحركة شعبنا إسلامية مئة بالمئة.
---
سؤال: ما موقفكم من حديث الشاه عن «انتخابات حرّة»؟
الجواب: لو كان الشاه يقبل بانتخابات حرّة لقبل أولاً بمطلب الشعب الموحّد بعزله وإقامة حكومة إسلامية. لكن مجازر «الجمعة السوداء» برهنت أنّ حديثه عن الانتخابات كذب. الشعب قال كلمته علناً برفض الشاه، وعلى الغرب إذا كان صادقاً في دعواه لحقوق الإنسان أن يدعم إرادة الشعب الإيراني لا نظام الشاه.
-------
القسم العربي، الشؤون الدولیة.