الرؤية التوحيدية..

لقد انتصرت الثورة الإسلامية الايرانية في عصر سادت فيه الشدة على الدين وهُجِرت ثقافته، واستطاعت من خلال ذلك أن تعيد الإسلام مرة أخرى وتعرفه على أنه الدين الحي والمنجي للشعوب والأمم التي أخذ منها أفيون الاستعمال حيويتها واستقلالها.

ID: 36291 | Date: 2018/10/07
يعد المتحجرون والمبغضون أكبر الآفات التي واجهت الدين والتي أدت لظهور الشبهات والهروب من الدين.
استطاع الإمام الخميني المحيي للفكر الديني في العصر الحديث تفعيل هذا الفكر من خلال إرسائه لنظام الجمهورية الإسلامية في ايران.
لقد انتصرت الثورة الإسلامية الايرانية في عصر سادت فيه الشدة على الدين وهُجِرت ثقافته، واستطاعت من خلال ذلك أن تعيد الإسلام مرة أخرى وتعرفه على أنه الدين الحي والمنجي للشعوب والأمم التي أخذ منها أفيون الاستعمال حيويتها واستقلالها.  
يرى الإمام الخميني في تفسيره للدين أنه على الرغم من عدم إنكار تأثر وتأثير العوامل المحيطية والاجتماعية والتاريخية على الإنسان والمجتمع الإنساني إلا أنه وبالاستناد إلى الآيات القرانية نجد أنها تعرف الإنسان على أنه مخلوق مفطور على السعي وراء الكمال ومخيّر ويتمتع بالقدرة على التفكير بحيث أنه يستطيع التحليق من عالم الطبيعية إلى أبعد مما نتصور وبالعكس. فالإمام الخميني يبين ويفسر علم الإنسان من خلال علم الكون وفي هذا السياق يثبت حرية الإنسان واختياره وينفي أي نوع من الإجبار ويُعرِّف الإنسان على أنه موهوب وقابل للتربية والله سبحانه خالق هذا الكون قد بيّن أسلوب هذه التربية له من خلال بعثه للأنبياء والكتب السماوية ليسير بذلك نحو الكمال المطلق الكامن فطرياً في ذاته.
لم يرى الإمام أن الإنسان هو أسير إجبار التاريخ والمجتمع ومن خلال إشارته إلى أن المجتمع أيضاً يخضع إلى التفسير والتأويل خلال نظام الوجود يرى أن: مسألة التشريع للبشرية هي لله وحده، وأن سعادة وكمال الإنسان والمجتمع، مرهونان بإطاعة واتباع القوانين الإلهية التي نقلها الأنبياء إلى البشر. لذلك فإن للإسلام نظام اجتماعي واقتصادي وثقافي خاص به وقد وضع قوانين خاصة لكافة جوانب وشؤون الحياة الفردية والاجتماعية ولا يقبل سواها لتحقق سعادة المجتمع. فيقول للإنسان إعبد الله ويبين له طريقة عبادته له، ويخبره: كيف يعيش وكيف يتصرف مع بقية البشر وكيف يقيم المجتمع الإسلامي علاقاته مع باقي المجتماعات.
يرى الإمام الخميني استناداً إلى التعاليم وسلوك الأنبياء الإلهيين أن قيمة مصالح المجتمع تسبق مصالح الفرد. وفي حال تعارضهما فإنه يفتدي مصالح الفرد من أجل مصالح المجتمع.
يرى الإمام أن ((المجتمع التوحيدي)) هو مجتمع يسود فيه رأي واحد مع رعاية جميع درجاته، وتسير فيه جميع الطبقات من مسؤولين وجماهير مع رعاية درجاتهم نحو هدف معين. مجتمع له فكر واحد مع تعدد حكوماته. فيه الجميع يفكر بالله، يلتفتون إلى الله مجتمع تكون فيه الأمة الإسلامية العظيمة في خدمة الإسلام استناداً إلى القرآن الكريم والأخوة الإسلامية.
إن المبادئ الفكرية للإمام الخميني القائمة على حاكمية الرؤية التوحيدية على جميع شؤون وساحات الحياة الفردية والاجتماعية، والاهتمام بكرامة الإنسان ونبله الأصيل والمكتسب وتأثر الإنسان بالعوامل الإيجابية والسلبية للمحيط الاجتماعي جعله يرى أنه من الضروري تشكيل نظام إسلاميٍّ لتنظيف الفضاء المحيط بالإنسان والعوامل المؤثرة على التربية. ولكي يتم الالتفات والتطرق إلى أهمية ودور الأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام الجماعية والفن والاقتصاد والهوايات المناسبة وباقي المؤسسات الثقافية بغية تنمية الفضائل الأخلاقية القائمة على الإيمان والتقوى ومكافحة جميع أشكال الفساد والخراب ورفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات.