الدولة والشعب

ID: 36763 | Date: 2021/08/25
الاسبوع الذي يمر علينا الان , هو (اسبوع الدولة), الذي يبدأ من الثاني من شهريور (الشهر السادس في السنة الايرانية) كل عام و هو الاسبوع الذي استشهد فيه اثنان من قادة الحكومة الاسلامية في عنفوان شبابها و من العاملين على قدم و ساق في سبيل الثورة الاسلامية المباركة وهما : الشهيد محمد علي رجائي رئيس الجمهورية والدكتور با هنر  رئيس الوزراء . كان استشهادهما على يد زمرة المنافقين .. عملاء الاستكبار العالمي . فيما يلي مقتطفات من روائع كلام الامام الخميني  في هذا المجال , و تبيان ما يقوم به المسؤولون في الحكومة بعد الثورة ومقارنة ذلك بالنظام الملكي المقبور.  

هذا ما قاله الامام (قده) :
المقارنة بين السلطات الثلاث الحالية والسابقة
يجب عليّ أن أهنئ الشعب لإمتلاكه اليوم والحمد للّه مراكز وسلطات مسؤولة منبثقة عن الشعب نفسه بعيدة عن الإنحراف والطاغوتية كما كان في السابق. أسأل الله التوفيق للجميع لخدمة الإسلام ولتمضي هذه الثورة قدماً نحو المستقبل المشرق ونحو إقامة حكومة العدل الإلهية بدلًا من الحكومة الطاغوتية.
أنتم جميعاً تعلمون ويعلم الشعب مدى الإنحراف والفساد الذي كان يعبث في هذه السلطات الثلاث في عهد الشاه المخلوع. ولقد اعترف الشاه نفسه بأن أعضاء السلطة التشريعية كانوا يعينون من قبل سفارات الدول الغربية بشكل مباشر ويعملون على رعاية مصالح الغرب في إيران. هذه هي حقيقة السلطة التشريعية في عهد الشاه، وقد كان لأمريكا بالذات دور فعال في إدارتها والإشراف عليها بما يخدم مصالحها.
لم تقم هذه السلطة ولو بعمل واحد في خدمة الإسلام وفي سبيل مرضاة الله سبحانه وتعالى. وفي الحقيقة لو كان هدفهم خدمة الإسلام والمسلمين لما تم تزكيتهم من قبل أمريكا وتعيينهم من قبل الشاه. من خلال كلام الشاه نفسه يمكننا فهم طبيعة هؤلاء الأفراد وحقيقتهم الفاضحة. ومن جهة أخرى فإن الجميع يعرفون حجم الجرائم التي ارتكبتها السلطة التنفيذية في هذا البلد. جميعنا يعرف أيضاً مسؤولية الشاه المباشرة عن هذه الجرائم النكراء من خلال الأوامر التي كان يتلقاها من الأجانب.
وأما السلطة القضائية والتي أولاها الإسلام كل الإهتمام، وحدد لنا صفات وشرائط كل من يود التصدي لها، بأن يكون نبي، أو وصي نبياً، وما عدا ذلك من المتصدين فهو شقي، فإني أجزم قاطعاً أنه لم يكن بين أولئك الأشخاص أي واحد صالح أبداً. ولو فرضنا جدلًا وجود بعض المتدينين في هذا السلك فإن ذلك لا يعد مسوغاً لهم ومبرراً للعمل في هذه السلطة. قلّما نجد في الإسلام أمراً نال كل هذا الإهتمام كأمر القضاء، والسبب في ذلك واضح للعيان لأن أموال الناس وأرواحهم بيد القضاء. وإن كان القاضي فرداً غير لائق أو صالح فإن ذلك سينعكس على المجتمع وسيسبب الكثير من المشاكل.
لا بد لي هنا، من تهنئة الشعب الإيراني على امتلاكه سلطة تشريعية منتخبة من قبل الشعب نفسه دون جبر أو فرض، أو تدخل من الأجانب وقد تم إخراج كل فاسد فيها بواسطة المجلس.
إذاً فجميع أعضاء السلطة التشريعية هم من الأفراد الصالحين وأكثرهم من الملتزمين، والأهم من ذلك، أنهم انتُخبوا من قبل الشعب نفسه دون تدخل القصر بتعيينهم كما في السابق. ومن الواضح أيضاً أن جميع أفراد السلطة القضائية هم من أهل العلم والتقوى والذين أمضوا حياتهم كطلاب علم وعايشوا الناس وفهموا مشاكلهم ولذلك فهم قادرون على خدمة المستضعفين بشكل جيد.
وأما السلطة التنفيذية كرئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، والوزراء فإنهم سيُنتخبون عاجلًا إن شاء الله من قبل الشعب. والمجلس أيضاً قد انبثق من صميم الشعب وهو المسؤول عن منح الثقة للحكومة وحجبها عنها في حال مخالفة الموازين الشرعية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏13، ص: 89


تضامن الشعب الإيراني مع الحكومة
لقد كانت الأنظمة السابقة كالأنظمة الملكية تتخلخل أركانها إذا ما قتل ملك أو مات. حيث أن المهم في أمرها هو كثرة الظلم التي مارسها الملك وعملاؤه على الناس كانت تؤدي إلى ثورة الشعوب والحشود المليونية بمجرد هلاك هذا الشخص لقد كان الناس بأنفسهم يثورون ضد الحكومة.
إلا أن لجمهوريتنا الاسلامية وضعاً آخر حيث أن الشعب هو الذي يأتي بفرد وهو الذي يطيح به. وهو الذي يختار شخصاً آخر بدل من يستشهد. وهو يعتبر نفسه من الحكومةو الحكومة منه، كما يعتبر نفسه مع رئيس الجمهورية الملتزم ويري رئيس الجمهورية الملتزم منه.
لأجل ذلك لو استشهد رئيس جمهوريتنا أو رئيس ورزائنا أو أي مسؤول آخر فإن شعبنا لا يتزعزع من ذلك أبداً وسيختار أناساً آخرين مكانهم. فإذا لاحظتم أرجاءبلادنا سواء تلك الجموع المحتشدةقرب جامعة طهران وبقيةالمدن التي هي مثل طهران لوجدتم أن هذه الجمهورية تختلف عن سائر الجمهوريات في العالم ولأدركتم مدي الفروق الموجودة بين هذه الحكومة والأنظمة السابقه في هذه البلاديمكنكم أن تقارنوا كان يسحيل صدور رد فعل من الشعب ومن السوق ومن الناس في العهود السابقةإذا ما قتل رئيس للوزراء إلا إبداء السرور والفرح واليوم بعد استشهاد هذين الشهيدين نجد البلاد بأكملها في مأتم كما أن بلادنا ستحفظ وحدتها وحفظت أيضاً وإذا أعلن غداً عن اختيار رئيس جديد فإن هؤلاء الناس مستعدون للمشاركة في الانتخابات إنني أعلم أن العناصر المعادية للجمهورية الإسلامية بل المعاديةللإسلام خارج البلاد وأبواق الدعاية الأجنبيه ستتحدث عن أن إيران ستشهد بلبلةً من جراء استشهاد هذين الشخصين وستتحدث أيضاً أن الشعب لم يكترث بتأبينهما بل كان مسروراً.
إنّ هؤلاء يقومون بنشر هذه الدعايات رغم علمهم بالواقع. انظروا إلى بلادنا اليوم فإن الجميع في الحداد وإن جميع الشوارع والأزقة والأسواق تعيش الحداد وقدأ خبروني اليوم بأن الحشود المجتمعه اليوم حوالي الجامعة اكثر من الزمن الذي استشهد فيه اثنان وسبعون شخصاً. إن شعبنا هكذا، وإذا ما استشهد أناس آخرون- لاسمح الله- بعد اليوم فإن شعبنا هو نفس هذا الشعب وإن ثورتنا هي نفس الثورة. والمهم في الأمر أن هذا عمل لله وليس للناس ولا للأفراد ولا للشخصيات. إن هذا العمل لايمكن أن يتوقف برحيل الأشخاص أو الشخصيات. إذا كان شعب بأفراده في إحدي البلاد مرتبطاً بشخص معيّن فإن هذه البلاد ستتزعزع ولاينطبق ذلك على بلاد مرتبطة بالله نهضت لأجل لله. وقد هتفت منذ البداية بهتاف «لاشرقيه لا غربيه جمهورية إسلاميه» ورددت هتاف «الله اكبر» وكان صغارها وكبارها ونساؤها ورجالها موجودين في الساحة وأسسوا هذه الثورة إنه هذا الشعب نفسه، لأن الله موجود، فإذا كان رجائي وغيره قدر حلوا فإن الله موجودٌ. ففي إحدي حروب صدر الإسلام أعلن المنافقون بأن الرسول قد استشهد لكن البعض أجابوا: إذا كنتم تعبدون الرسول فاهتموا باستشهاده لأنه استشهد ولكنكم إذا كنتم تعبدون الله فإن الله موجود حتى إذا رحل الرسول. لقد ضحي أميرالمؤمنين (ع) بحياته من أجل الإسلام واستشهد ولكن الإسلام قد بقي كما أن الإمام الحسين (ع) قد ضحي بنفسه وأولاده وأقربانه ولكن الاسلام زاد قوة بعد استشهاده.
إن رحيل هؤلاء الشهداء الكرام الذين كانوا كراماً رغم حزننا عليهم إلّا أن توجهنا نحو الله وكون ثورثنا لله يجعلاننا لا نضعف ولا يضعف الناس ولا يرتكبون الخطأ بارتكاب بعض الأفراد أموراً كهذه لقد نصركم الله تبارك وتعالي منذ البدء ومادمتم موجودين في الساحة وأنتم كذلك إن شاء الله، فإن الله تبارك وتعالي ينصركم وستكونون أقوياء. على قواتنا المسلحة في جبهات القتال أن تنتبه إلى أنّها تقاتل لله ولا تقاتل لأجل رئيس الجموريةأو رئيس الوزراء أو غيرهما. عليها أن تكون قوية. وكلما زاد الفاسدون من توجيه الضربات نحو هذه البلاد فإن عليها أن تزيد من قوة جهادها وكفاحها في مواقعها.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏15، ص: 120

حفظ التضامن الموجود بين الشعب والحكومة
إننى أتصور أن التطورات التى حصلت بعد الثورة في إيران استطاع بعضها أن يوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم ومن جملة هذه التطورات هذا التضامن الموجود بين الشعب والحكومة 0 وقد يكون ذلك على رأس التطورات الحاصلة 0
علينا أن نحفظ هذا التضامن والتنسيق بأى ثمن وبأى وسيلة ممكنه 0 وإذا ما فقدنا هذا التضامن- لاسمح الله- فإن أعمالكم ستفشل جميعاً وستنجر البلاد نحو الأمور التى كانت موجودة سابقاً- لاسمح الله- 0 إننى لاأظن أن هناك بلداً غير ايران- حسب ما نعرفه نحن على الأقل- يوجد بين الحكومة والشعب هذاالنوع من التنسيق الموجود هنا 0 إننا لانفكر بهذا الشكل أى إن حكومتنا لا تنوى طرح قضية خلف الأبواب المغلقة وفرضها على الناس مثل مشروع فهد.. فمن أهم أولويات الحكومة أن تحفظ هذا التضامن وألايتصور أعضاء الحكومة بأننا في الحكومة وكلما نقوله يجب أن يقبله الشعب سواء كان لصالحه أم لم يكن‏..ان استمرارية التضامن بين الشعب والحكومة ينتهي إلى حفظ إيران ومنع أي شخص من الإضراربها.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏15، ص: 311
لعلّ تفاهم الحكومة والشعب في رأس العمل الإسلامي، أي: أنه لا الحكومة ترى نفسها منفصلة عن الشعب، وتريد تسخيره لها، وتهدّده وترعبه، وتؤذيه، ولا الشعب كان في صدد أن يضعف الحكومة، أو يفرّ من مقرّراتها. هكذا كان وضع الإسلام منذ البدء، فحاكمه الذي كان رأس النظام كان مع الناس في حياته ومعاشرته، أو أدْنى منهم، أو قريباً منهم.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏8، ص: 185
..لا ترى الحكومات نفسها منفصلة عن الناس. لا يكن الرؤساء هكذا، فيمضي كل منهم يبسط سلطانه أينما كان رئيساً، ويظهر رئاسته، ويرى الناس دونه، ويعاملهم بقوّة لا تلين. فهذه تكون أسباباً لأن ينفصل عنه الناس.. وهذا يجب أن تكون عبرة للحكومات، لكل الجهات حتى لا تنفصل الناس عنها، ويروهم منهم، والناس أيضاً يرونهم من أنفسهم، أولئك يراهم الناس من أنفسهم. إذا تفاهمت الحكومة والشعب هكذا، فتلك الحكومة معتمدة على الشعب، ولا سقوط لها، فهي غير قابلة حينئذ للسقوط.
إن إيران اليوم وبحمد الله تمتلك حكومة وشعباً متضامنين متحدين وإن شعبنا مسلم والحكومة إسلامية والشعب راضٍ عن الحكومة مؤيد لها ومتضامن معها.. ً. ليت الحكومات الاخرى تعي أهمية التعامل مع الشعوب بالشكل الصحيح والمناسب وأهمية التضامن معها وأي أهداف ستتحقق جراء ذلك. ليست هذه الحكومات تدرك أهمية تأييد الشعوب لها وأهمية كسب ود الشعب، عندما تصبح الحكومة ملك للشعب، منبثقة عنه، وتتمتع بعقائد وأحكام إسلامية، ودستور إسلامي، عندها ستدرك أن الدول المستكبرة لا يمكنها فعل شي‏ء تجاهها.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏13، ص: 63
إن شعبنا ليس له مثيل، ولا أظن أن هناك بلداً في العالم يتحد فيه الشعب مع حكومته على هذا النحو الذي عندنا ويعملان سوية على إنجاز مختلف الأعمال‏،  فسابقاً على عهد الطاغوت لم يكن الشعب يتعاون مع الحكومة بل كان يسعى لوضع العراقيل في طريقها، لأنه كان يشعر بأنها بعيدة عنه ولا تفكر بحاله أبداً. فعليكم أن تشعروا الناس بأنكم إنما جئتم لخدمتهم‏.. لابد ان يشعر الناس بأن الحكومة حكومتهم وأنها تعمل على خدمتهم‏، لآن بحمد الله فإن شعبنا بأسره يقف خلف الجميع ويعلن عن تأييده للجميع قيادة وجيشاً وحكومة، ويعتبرهم جزءاً منه.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏13، ص: 387
 رابطوا وتآزروا، ولتتحد الحكومة مع الشعب، وليدعم الشعب الحكومة في كافة أمورها، ولتقم الحكومة بواجبها تجاه الشعب، ولتشركة في جميع القضايا. يجب أن يكون للشعب كلمة في الجامعات. يجب أن يكون للشعب جامعات حرة بيد أنّ الاشراف للحكومة. إشراف الدولة أمر حتمي، لكن لاتتصوروا أنّه يحق لها فعل ماشاءت، ترون أنّها لاتتمكن وهي تعترف بذلك والجميع يعترف بعجزه بدون مساهمة الشعب. لاتفرطوا بهذه الأمة، بل حافظوا عليها.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏20، ص: 54

تفاعل الًافراد مع المسوًوليات‏
من اللازم في هذا اليوم ا لذي حلت فيه كارثة رئاسة الوزراء أن نذكر عبر كلمات هذين الشهيدين السعيدين، وكذلك السيد العراقي الذي تربطنا به علاقة وثيقة منذ سنوات طوال. من جملة الصفات المهمة التي كان يتحلى بها السادة المذكورون والتي تجلب الانتباه هي أنّ السيد رجائي كان بائعاً متجولًا في السوق كما أخبروني. حسب دراستي ومطالعتي لسيرته يبدو لي أنّ الانتقا ل من البيع في السوق الى رئاسة الجمهورية لم يكن له وقع يذكر على روحه وحياته. ماأكثر الذين سرعان ما يتغيرون لو أصبح أحدهم مختار قرية نتيجة ضعفهم النفسي، سرعان ما يتأثرون بالمنصب الذي ينالونه، وثمة أشخاص يتأثر المنصب والمقام ذاته بقوة شخصيتهم. والسيدان رجائي وباهنر لم يؤثربهما منصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء قط، بل هما اللذان أخضعا الرئاسة لتأثيرهما، أي جعلا الرئاسة في قبضتهما، ولم تضوهما الرئاسة تحت لوائها. وهذا عبارة عن درس لابد للانسان من وضعه نصب عينيه، والحمد لله هنالك الكثير من الأفراد في هذه الجمهورية لم يكترثوا بالجاه والمقام. لم تتغير أحوالهم عندما نالوا مركزاً مرموقاً عنه لما كانوا طلبة للعلوم الدينية أو باعة في السوق، فلم يصبهم الغرور والتكبر ولم يثيروا ضجة مفتعلة في أعقاب ذلك ليبرزوا أنفسهم، وهذه قضية فائقة الأهمية. من يقع تحت تأثير المركز والمقام هو ليس من يمتلك مقاماً في الواقع، بل هذا من باب أنّ غالبية البشر ذوو نفوس ضعيفة فيتسلط المقام عليهم ويتبعونه، هنالك تحصل‏الطامة الكبرى للانسان نفسه ولبلده إن كان يشغل منصباً فيه، وإن حصل العكس كانت النتيجة طيبة ومثمرة للشخص ولبلده أيضاً. لذا أوصيكم أيها السادة بالالتفات الى هذا المعنى مع أنّي «ما أبّري‏ءُ نَفسي إنِّ النّفسَ لأمّارةُ بالسُوء»، تصبح هذه المراكز بعد عدة أيام في خبركان ويطويها النسيان. ستنتهي لمن جلس على عرش مجلل ولمن زهد وقنع واكتفي من الدنيا بالنزر القليل على حدّ سواء. هذه الأمور فانية وزائلة والشي المهم أنّنا في حضور الباري تعالى، وتسجل كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في صحيفة أعمالنا.
فعلينا أن نفكر فيما بعد ذلك. هذا ما يتعلق بأولئك الأشخاص، وإنه لمن دواعي الأسف أن يقتلوا على أيدي شرار خلق الله. لكن وبحمدلله رسخ أولئك دعائم الجمهورية الاسلامية في مماتهم أيضاً. السيد العراقي كذلك أعرفه منذ زمن طويل، تجشم العناء منذ باكورة الثورة وأضحى من أعز الأصدقاء، كان رجلًا صالحاً ونبيلًا، رحمهم الله جميعاً.

وصف الحكومة بالفشل حكم مجحف‏
بما أنّ هذا «أسبوع الحكومة» فأود التحدث مع السادة في هذا المضمار. يجب أن يكون تقييمنا شاملًا لجميع المواضيع، فان ركزنا على نقطة معينة يمكن أن نكبو ونخطأ، وكذلك لو ركزنا ونظرنا الى نقطة أخرى. يجب أن نقيم نتائج أعمال الحكومة بصورة إجمالية، فلننظر إجمالًا هل أفلحت هذه الحكومة التي كانت تمر بحالة من الحرب، وفرض عليها حصار اقتصادي، وعارضتها كافة الدول العظمى في العالم؟ لا نكون منصفين لو قلنا أنّها فشلت، أو لم تقدم شيئاً خلال هذه الآونة. لقد أنجزت أعمالًا عظيمة، أعمالًا لم تنجز خلال أربعين أو خمسين عاماً، وقامت بها الحكومة بكامل أفرادها، إذن كانت حكومة ناحجة وموفقة. وإنّي أوصيكم أيها السادة- وبرغم اجتيازكم الاختبار- بالسعي الدؤوب لإحراز نجاح أكبر، عليكم ألا تقتنعوا بما قمتم به وقدمتموه، مهما قدمنا لهذا الشعب فقد قدمنا له القليل، لأنّ جميع الشدائد والمصائب رفعت على يده، أسقطت الحكومة الملكية على يده، فكل مالدينا يعود له. يجب أن نقدم له الخدمات بقدر مانستطيع، ومهما قدمنا من خدمات فهي قليلة بالنسبة له. نحن لا نتمكن من شكر الله تعالى لأننا أصغر من أن نشكره، لكن شكر هذا الشعب البطل والمظلوم هو شكرلله. فمن لم يشكره لم يشكر الله لأنّهم عباد الله، إنّهم أناس يقومون بخدمة هذه الدولة في سبيل الله، والشكر هو أن نقوم بخدمتهم، كل واحد من موقعه ومكانه.

مراعاة كرامة النظام الاسلامي في الانتقادات‏
يجب أن أطرح موضوع مهم هو أنّ بعض الناس وبرغم كونهم أناساً صالحين لهم نفوس لا يعلمها إلا الله أحياناً، نظير الوالدين اللذين يحبان ابنهما حباً شديداً، فلايريان منه إلا خيرا وزيناً، ويغفلان عن شره وشينه؛ «حب الشئ يعمي ويصم»
والعكس بالعكس فعندما يبغض الانسان أحداً أو جماعة ويعاديهم يرى كل خير يصدر منهم شراً، ولا يبقى أي أثر للخير والطيب في قلبه. أريد أن أوصي حملة الأقلام والمفوهين أن يلتفتوا الى ما يكتبون وينطقون، فقلمهم ولسانهم يتحرك بحضورالله تعالى، هنالك حساب وعقاب؛ ليس الموضوع موضوع الحكومة ورئاسة الجمهورية وما شابه، الموضوع موضوع نظام إسلامي؛ سواءاً كان السيد الخامنئي رئيساً للجمهورية أم كان شخصاً غيره، وسواءاً كان السيد الموسوي رئيساً للوزراء أم لا، ليس هذا المهم، المهم نظام الجمهورية الاسلامية، نحن مكلفون بحفظها، كافة الكتاب مكلفون بذلك. فلو كان لشخص عتاب على أحد المسؤولين أو رأي مثلبة ونقصاً في عمله، فعليه أن ينصحه، بيد أن لسان النصيحة غير لسان التهمة والتضييع. أعتقد- وكما أمرنا الشارع المقدس- أنه لو قام إنسان بتضييع حق مسلم لأجل هواه فلن يفلح في هذه الدنيا فضلًا عن مجازاته بأشد العقوبات في الآخرة. يجب أن يكون منطقنا منطق الوعظ والنصح، ونرى أحياناً خلاف ذلك.
لاتعنينا الحكومة أكثر مما تعنينا الجمهورية الاسلامية، يلاخط الانسان أحياناً أنّ الأسعار ترتفع أو تنخفض في السوق من جراء استعمال القلم وكتابة موضوع ما، فعلى من يمسك القلم بيده أن يلتفت الى أنّ الموضوع ليس موضوع فرد واحد، بل الموضوع هو الاسلام بأسره والنظام الاسلامي، ونحن مكلفون بحفظ هذا النظام. فان كانت لي تحفظات وملاحظات حول شخص رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية لايجب أن أطلق العنان لقلمي وأدعه يكتب ما يشاء. تجري هذه الاعمال بحضور الله تعالى والملائكة وتسجل في كتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة. يمكن أن يكون الشخص صالحاً لكنه لايتمكن من تمالك نفسه والتغلب على مكائد الشيطان ومكائد نفسه الامارة بالسوء وجعلها منقادة له بسهولة، وكان الأنبياء يسعون الى عدم الابتلاء بهذه الأمور.

حذار لمقوضي أركان النظام الاسلامي‏
على السادة الكتاب أن يلتفتوا الى ما يكتبون لئلا يكون باعثاً على تقويض أركان النظام الاسلامي وتضعيفه. وإني لأرى بعض الأقلام كذلك فلينتبهوا ويحذروا. إنني أسعى‏ دائماً للتعامل برفق ولين عن طريق النصيحة والالتماس، وإن لم يكن الحديث على هذه الشاكلة فالأفضل ألا يكون من أساسه. لكن لو اقتضت مصلحة الاسلام فسوف يكون لنا كلام آخر، مثلما لو أراد شخص النيل من الاسلام وتضعيفه وتثبيط العزائم عمداً أو سهواً فسوف نتصرف بشكل مغاير تماماً. هنا ينتهي التسامح والرفق. نحن فجرنا ثورة، أنظروا الى الأماكن التي حدثت فيها ثورة، ماذا فعلوا هناك؟ الثورة الروسية التي مضى عليها أكثر من خمسين عاماً، مازالت الصحف هناك تخضع لسيطرة الثوريين، ولا يستطيعون كتابة كلمة إضافية. الآن وكما أخبرت لا تتمكن الصحف العراقية من طباعة ونشر أي موضوع بدون موافقة دائرة الاستخبارات، أي موضوع سواء تعلق باقتصادهم أم بعملتهم أم بجيشهم، يجب أن تأذن دائرة الاسخبارات أولًا كي ينشر. طيب ماذا عنا نحن؟ نحن قلنا كل ما تمكنا منه، إقتصادنا كذا ونحن مفلسون! طيب عندما تقول سعادتك بأنّنا مفلسون واقتصادنا منهار، هل هذا يضر الاسلام أم الحكومة؟ أسأ ل الله تعالى أن يوفق الجميع لأداء واجباتهم كما ينبغي. إنّكم تعيشون جميعاً في وطن واحد. لاحظوا كم هو الانسان ضعيف، فلو أمسكت القلم وأردت كتابة موضوع حول شخص عزيز جداً فيستحيل أن يزل هذا القلم، حتى لو اتسم ذلك الشخص بألف عيب ومثلبة لايمكن أن أشير الى واحدة منها، لأنّ الصداقة تحول دون ذلك. من جهة أخرى لئن أمسكت بقلمي وأردت الكتابة حول عدو لي فيستحيل أن أذكر واحدة من محاسنه وإيجابياته، إنّ هذا قلم الشيطان. من كان قلمه قلماً إنسا نياً لا يكتب إلا بإنصاف، ولايتحد ث إلا بإنصاف؛ يجب الالتفات الى أنّ بعض الأشياء لايمكن قولها حتى لو كان القول بإنصاف نتيجة للوضع الحرج الذي نمرّ به، كما يفعل الآخرون ذلك. تلغى في الثورات جميع الصحف، ويتم الابقاء على واحدة تحت إشرافهم، وتلغى جميع الأحزاب سوى حزباً واحداً ينضوي تحت لوائهم. هكذا تفعل بقية الثورات، لايسمحون بالفوضى والاضطراب، ويفعلون كل ما يحلو لهم، ويقولون ما يشتهون. هل هذا يضر النظام ويسي‏ء له أم لا؟ كلا، دعنا نصرع خصمنا حتى لو كان الثمن هوالاسلام! يوجد هكذا أشخاص وعليهم أن يعيدوا النظر في تفكيرهم وأعمالهم، عندما يعرف الانسان تكليفه وواجبه لا يسعه أن يقول: هذا صديقي، هذا صاحبي، هذا أخي، هذا ولدي.
أسأل الله تعالى أن يجنبنا هكذا مواضيع، وأطلب من جميع حملة الأقلام والمتكلمين والمفوهين أن يتأملوا ويصلحوا أعمالهم، لا تكن النفس الأمارة بالسوء صاحبة التأثير عليكم. كانت الحكومة ناجحة برغم ما لاقت من صعوبات. نحن في وضع حربي، نحن محاصرون، وقد وقف العالم برمته بوجهنا، فهل من الصحيح أن نجلس ويقول كل واحد منا ما يحلو له وما يخطر بباله؟ آمل أن يحذو جميع السادة حذو السيد الخامنئي والشيخ ا لرفسنجاني بتقديم النصح للجميع وعدم التركيز على العيوب فقط. لماذا لا تذكر الخدمات والمحاسن؟ بعض الكتاب لا ينبس ببنت شفة عن المحاسن، يبدأ بالعيب ويختم به. حينئذ يعود بعض الضرر على كرامة الاسلام، وبعضه على النظام، والبعض الآخر على القوات المسلحة أيضاً. آمل أن لا تتكرر مثل هذه المواضيع، أسأل الله تعالى أن ينقذنا وجميع شعبنا من هذه العثرات والزلات، وألا نرد عليه بوجوه سوداء مكفهرة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏20، ص: 108- 105