ما هي رؤية سماحة الإمام الخميني (قدس سره)، حول مفهومَي الحرية وقيود الارادة الحرة، الايجابي والسلبي؟

ما هي رؤية سماحة الإمام الخميني (قدس سره)، حول مفهومَي الحرية وقيود الارادة الحرة، الايجابي والسلبي؟

         ان الارادة الحرة الخارجة عن الضوابط و(القانون)، تعتبر مهلكة ليس لمصالح المجتمع فقط، بل وللفرد نفسه، لأننا،  حتى لو أخذنا بعين الاعتبار، ان مصلحة المجتمع، تنطبق وتتلائم مع مصلحة الفرد، بصورة كاملة، فإن بقاء واستقرار المجتمعات، يرتكز على الحفاظ وحراسة مباني المجتمع الفكرية والاعتقادية، واي إهمال لذلك، يؤدي إلى انهيار المجتمع ومصالح الأفراد الذين يعيشون فيه!. لذلك فالمحافظة على الأسس المذكورة، والقيم الأخلاقية، يبعث على تواجد عوامل سالمة، تضمن سائر أجزاء المجتمع، وصد اية تيارات تقف بوجه نمو، تطور وتحوّل المجتمعات، الاعتقادي والتقدمي، حيث لا يجب غض النظر، حسب نظرية التعاليم الأخلاقية، عن: ان قيم المجتمع، متجذرة داخل واقعيات عالم الوجود، وممتزجة تماما بمصلحة الأفراد، وإهمال ذلك يُنتج الإبتعاد عن الحياة الاخلاقية، مما يرسم سقوط حياة الفرد الطالب للسمو، المعنوية، وإعاقته عن هدف الخلقة. وقد أوضح الإمام الخميني (قدس سره) ذلك،  خلال اعتقاده، بأن اصل التوحيد افضل تعليم في هذا المجال. قال سماحته: " ان خالق ومبدع العالم وجميع الوجود والإنسان،  هو الله المقدس، سبحانه وتعالى، الذي يعلم بكل الحقائق والقادر على كل شيئ ومالك كل شيئ. وهذا الأصل يعلمنا، ان الانسان يجب أن يسلم لله، جل وعلا، الحق ويجب أن لايطيع إنسانا  الا اذا كانت طاعته لله ،فليس للانسان الحق، ان يجبر الآخرين على التسليم والخضوع له. ونحن نتعلم من هذا الأصل التوحيدي حرية البشر، فلا يحق لاحد ان يحرم إنسانا او مجتمعا او شعبا، الحرية، أو ان يضع له قانونا او ان ينظم ويحدد علاقاته وتصرفاته! استنادا إلى فهمه ومعرفته الخاصة، التي تكون ناقصة وضعيفة! او بناء على مثله ورغباته ." _ (صحيفة الإمام العربية، ج ٥، ص ٢٦١). فالامام (قدس سره) يرى ان الحرية ذات مفهوم سلبي وإيجابي،  بنفس الوقت. فهو يعبر عن المفهوم السلبي، ان: " الناس احرار في معتقداتهم، ولا يلزمهم احد بالإيمان بعقيدة ما. كما أنه لا يستطيع احد، الزامك بسلوك، طريق معين! او انتخاب شيئ محدد! ولا حتى الإقامة في مكان ما واختيار عمل بعينه، فالحرية امر واضح وبيّن . " _ (نفس المصدر، ج ١٠، ص ٧٢)، مضيفا حول المفهوم الايجابي: " ... الحق الأول للانسان، هو، ان يكون حرا. انا اريد ان يكون كلامي حرا. اريد ان اكون مستقلا. اريد ان اكون سيدا لنفسي. هذا هو كلامنا، وهو كلام يقبله الجميع منكم في كل مكان. " _ (نفس المصدر، ج ٣، ص ٥١٠). ومؤكدا على ان ذلك من الحقوق الأولى في الإسلام،  اردف قائلا: " ... الإسلام يحترم حقوق الإنسان ويعمل بها أيضا،  فلا يضيع حقا لاحد، ولا يسلب حرية احد باسم الحرية، ولا يسمح بتسلط احد عليه وسلب الحرية باسم الحرية، وسلب الاستقلال باسم الاستقلال." _ (نفس المصدر، ج ١٤، ص ٥٧). وفيما يتعلق بانشطة الاحزاب والمجموعات اليسارية والماركسية، قال: " اذا كانت مسيئة لمصالح الشعب ستمنع، والا فلا مانع لذلك ." _ (المصدر نفسه، ج ٥، ص ٣٥٤). ويضيف : " انتم ترون الآن،  انه توجد بعض الاحزاب المنحرفة، ونحن لا نعتبرهم جزءا من المسلمين، ومع ذلك، لأنهم لا يريدون الثورة المسلحة، بل هدفهم سياسي، فهم احرار، ولهم منشوراتهم بشكل حر ..." _ (المصدر نفسه، ج ١٤، ص ٢٧١)،  معربا سماحته (قدس سره)، عن العنصر الذي يؤدي إلى انهيار الأخلاق العامة، قائلا ان: " ... الحرية بشكلها الغربي، يمثل السبب الجوهري، في انحراف الشباب والشابات، والفتيان والفتيات. كذلك، فإن الإعلانات والمقالات والكتب والمجلات، المنافية للعفة العامة والمخالفة للاسلام ومصالح  البلاد، حرام وينبغي علينا وعلى جميع المسلمين منعها .. ." _ (نفس المصدر، ج ٢١، ص ٣٨٦) ... هكذا يعبر الإمام( قدس سره) عن رؤيته حول الحرية،  كاصل ومعيار اول للانسان، وتقييد ذلك بقانون ما، هو، للضرورة، وبهدف الحفاظ على النظام، القِيم والمصالح الوطنية.

 -------------------

-          نقلا عن الموقع الفارسي، للأمام الخميني (قدس سره).

-          القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قدس سره) .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء