وفق الإمام في احدى المرات لزيارة بيت الله في عام 1352هـ(1973) وكانت هذه الرحلة التي واجه خلالها الكثير من المشقات ، بمثابة ذكرى محببة وجميلة له. وقد ذكر هو نفسه تلك الفترة قائلاً:" لم أؤد الحج سوى سنة واحدة وحج واحد . وعندما كنت ان اتوجه للحج فقد ذهبت بوسائط مختلفة (حيث) استغرق ذلك سبعة عشر يوماً". ولم يغفل الامام حتى في هذه الرحلة عن ارشاد الناس وكان يؤدي مسؤوليته باعتباره رجل الدين المرافق للحملة.
يقول آية الله المسعودي حول هذه الخاطرة: أروي (لكم) حج الامام بما سمعته بنفسي من لسانه الفصيح والمبارك . قال لي الامام الخميني(رض) :" لم أؤد الحج سوى سنة واحدة ولمرة واحدة .وعندما كنت اريد الانطلاق للحج ركبت وسائط(نقل) مختلفة واستغرق ذلك سبعة عشر يوماً حتى وصلنا الى الجانب الآخر من الماء بالسفينة وعندما دخلت السفينة نظرت فرأيت عدداً من الاشخاص المختلفين من طهران والمدن الأخرى وكانوا كلهم يعيشون حالة الاضطراب والحزن،فسألت عن سبب ذلك فقيل لي إنهم يخافون من الحج ! وهم مضطربون بسسب صعوبة الاعمال ."
وبناء على ذلك :" فقد رأيت من الواجب علي أن اسعى ما استطعت كي أخرجهم من الاضطراب واشرح لهم المسائل.ولذلك فقد طلبت من أحد السادة ان يجمعهم إن أمكنه ذلك كي اتحدث لهم . وتحدثت في اليوم الاول أن لاداعي للإضطراب بسبب الحج وان الحج حركة وسكون إلا أن هذه الحركة والسكون يجب ان يكونا لله وأن يقترنا بالاخلاص ".
ثم واصل الامام الخميني(رض) قائلاً:" كان علي في البدء ان اقلل من اضطرابهم كي يعودوا الى حالتهم العادية ثم اوضح لهم المسائل بعد ذلك . ولذلك فقد تحدثت في هذا الموضوع بضعة ايام وقلت إننا عندما نذهب من هنا فإننا سنحرم في الميقات ،ونغير ملابسنا ونواصل الطريق ؛ إلا أن هنالك اشياء علينا الالتزام بها . وبعد ان أصبح الوضع بشكل بحيث عم السكون وزال الإضطراب ، بدأت من اليوم السادس بشرح المسائل ، وعندما بلغنا الجانب الآخر من البحر التفت الى ان الناس تعمهم السكينة ويطرحون الاسئلة الشرعية . وكنت قد حملت معي كتاب الحج من وسائل الشيعة وكنت اشرح للناس المناسك من هذا الكتاب وكنت انا نفسي اعمل بها ".
وتتذكر زوجة الامام بعض الخواطر من هذه الرحلة نشير اليها في الختام:
إنطلق الامام (رحمه الله) بعد ولادة ثاني اولاده ،في عهد دراسته وفي عهد آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري بتاريخ 25 شوال 1352 بالسيارة من قم الى طهران ، من طهران الى الاهواز ،من الاهواز الى العراق ومن العراق الى لبنان ومنها الى جدة عبر البحر.
وفي السفينة تعرف على عدد من تجار قم وكانوا يدعون السادة آقازاده وابن اخيه السيد مصطفوي وكذلك السيد صادقي.
ويبدو أن الامام(رحمه الله) اختار بنفسه منزلاً لوحده وكان السادة المذكورون يزورونه للسؤال عن احواله وعقد الجلسات الودية معه .
جدير ذكره أنه كان يرافق هؤلاء السادة أنفسهم عند العودة من الحج وحتى لبنان وكان الامام(رحمه الله) يأتي من لبنان الى النجف ثم يتوجه الى النجف. وكان وصوله الى قم متزامناً مع إجتياح السيول لهذه المدينة.