سأحاول هنا استعراض الخطوط العامة التي نطلق عليها (خط الامام)، وشكلت معالم مسيرة الجمهورية الاسلامية خلال السنوات العشر الأخيرة من حياة الامام المباركة، والتي كانت تشکل في تصوري المحاور الرئيسية لفكر الامام وسيرته العملية وإدارته للبلد، وكانت موضع قبول وايمان الامام رضوان الله تعالى عليه أيضا ً:
* اولاً – الصمود والثبات في وجه القوى الاجنبية ونفوذها، وعدم المساومة والتطبيع مع هذه القوى. كان ذلك اولى سمات حركة إمامنا العظيم.
* ثانيا ً – الاهتمام بالعبادة والخصال الفردية والوقوف بوجه سلطات شيطان النفس والوساوس النفسانية.. أن هذين الموضوعين الهامين وساحتي الجهاد هاتين لم يحاول الامام الفصل بينهما، إذ كان يقف بحزم امام الشيطان الاكبر وشياطين القوة في ميدان الاجتماع والسياسة.
كان الامام يجاهد النفس في ميدان الروح وداخل وجود الانسان، وكان حريصا ً على التعبد والعمل الاسلامي والفردي والشخصي.
* ثالثا ً – اعطاء الاهمية لقدرات الشعوب، والايمان بمبدأ قدرة الشعوب على العطاء.. الامام كان يتحدث الى الشعوب، وكان يؤمن بأن التطورات الكبرى في العالم إذا ما تحققت على أيدي الشعوب لن تهزم، وأن بامكان الشعوب احداث تحول في العالم وتغيير محيطها.
* رابعا ً – الاصرار على وحدة المسلمين والتصدي لمحاولات الاستكبار في إثارة التفرقة.
* خامسا ً – الاصرار على إرساء علاقات ودّية سليمة مع الدول، فيما عدا الاستثناءات التي لها مبرراتها القوية. لقد علّمنا الامام بأن بوسع الجمهورية الاسلامية، ولابد لها، أن يكون لديها علاقات سليمة مع الدول على الصعيد الدولي. طبعا ً العلاقات مع اميركا مرفوضة، لأن أميركا دولة استكبارية ومعتدية وظالمة، وتعارض الجمهورية الاسلامية وتحاربها. وكذلك العلاقة مع الكيان الصهيوني. بيد أن العلاقات مع الدول الأخرى، فهي رهن مصالح الجمهورية الاسلامية، وأن الاصل هو وجود هذه العلاقة.
* سادسا ً – الاصرار على تحطيم حصار التحجر والالتقاط في الفهم والعمل الاسلامي، والتمسك بالاسلام الاصيل. إن كلا ً من التحجر والالتقاط كان مرفوضا ً من وجهة نظر الامام سواء في البيان والعمل.
* سابعا ً – اعطاء الاولوية لإنقاذ المحرومين وتحقق العدالة الاجتماعية.. الجماهير في رؤية الامام كانت هي (الأصل) على الدوام. في منطق إمام الأمة وقيادة النظام الاسلامي، يحتل المحرومون والمستضعفون محور القرارات، وأن كل الانشطة الاقتصادية ونظيرها كانت تتمحور حول إنقاذ المحرومين وإنهاء حرمانهم.
* ثامنا ً – الاهتمام الخاص بالنضال ضد الكيان المحتل للقدس والكيان الصهيوني الغاصب.. النضال ضد اسرائيل كان يحتل حيزا ً خاصا ً في منطق الامام وفي قيادته. فمن وجهة نظر إمام الأمة، أن النضال ضد الصهاينة يعتبر فرضا ً بالنسبة للشعوب الاسلامية ولا يمكن التسامح بشأنه، إذ أن الامام العظيم كان قد أدرك بشكل سليم الدور المخرب لهذا الكيان المفروض منذ سنوات قبل انتصار الثورة.
* تاسعا ً – صيانة الوحدة الوطنية، وتوحيد صفوف الشعب الايراني، والاصرار على التصدي ومحاربة الشعارات المثيرة للتفرقة.
* عاشرا ً – الحرص على السمة الشعبية للحكومة وتعزيز العلاقة مع الجماهير وصيانتها. ولهذا كان الامام يوصي المسؤولين بعدم الابتعاد عن الشعب، والاختلاط بالجماهير والتشبه بهم والتفكير بهم، وباختصار كان يحرص على علاقة المسؤولين بالجماهير. وفي المقابل كان يوصي الشعب بالمسؤولين والحكومة. وهذا يعني أن الامام كان يتصدى بنحو من الانحاء لكل الذين كانوا يحاولون اضعاف اركان النظام والحكومة.
* أحد عشر – الاصرار على إعمار البلد وتعريف العالم به بمثابة نموذج عملي للبلد والمجتمع الاسلامي، وقد حظي ذلك باهتمام خاص في الاشهر الأخيرة من عمر الامام المبارك. وكان سماحته يصرّ على ضرورة إعمار البلد وتقدمه من الناحية الاقتصادية وفي مجالات البنية التحتية، وتجسيد إنموذجا ً عينيا ً وعمليا ً للإعمار الاسلامي.
(تاريخ الخطاب 14/3/1371 شمسي)