لقد جاء الاسلام كي يوحد كل شعوب العالم من عرب وعجم واتراك وفرس ويقيم أمة كبرى في العالم باسم الامة الاسلامية. ( الامام الخميني)
(صحيفة الامام ج13 ص443)
لقد أقض الانتصار الاعجازي لحركة الشعب الايراني الثورية تحت ظل القيادة الحكيمة للامام في اهم مركز سياسي في العالم والانتشار السريع لرسالة الثورة الاسلامية التحررية الى جميع ارجاء العالم ،أقض المضاجع الآمنة لمستكبري العالم وطغاته وسلب الغرب حلمه بالانتصار على المسلمين بعد العهد الطويل من الحروب الصليبية وتجربة الامبراطورية العثمانية ، وما لبثت التحفة الالهية الغيبية للثورة الاسلامية والتي كانت حسب تعبير مؤسسها متميزة عن كل الثورات العالمية في الدوافع واسلوب الكفاح ، أن اخترقت الحدود الجغرافية والعقيدية القائمة على المذاهب الوضعية في العالم وعرضت على العالم الابعاد المهجورة والمنسية "العالمية" و"السياسية" للاسلام ، وكان وقوع هذا الحدث في قلب نطاق حكم الغرب وسيطرته الاستعمارية في الشرق الاوسط المبشر بقطع ايدي الاستعمار عن الثروات الضخمة والغنية للبلدان الاسلامية وتجلي عظمة المسلمين وعزتهم من جديد في العالم المعاصر.
واصبح الاسلام منذ ذلك الحين المنادي بتحرير البشرية من نير المستكبرين ، الاسلام المحارب للظلم والمدافع عن المستضعفين ،الاسلام السياسي والعالم الاسلامي الذي استيقظ على اثر حركة الامام الثورية ،مركز اهتمامات وقرارات الحكومات الاستعمارية والقوى العظمى العالمية.إن الاتجاه الغربي المعادي للاسلام هو وليد طبيعة الاسلام التوعوية والمناهظة للظلم : الاسلام الذي قدمه الامام الخميني(رض) . وعلى حد تعبير سماحته : " إنهم درسوا نص القرآن كما درسوا الاسلام وادركوا ان القرآن كتاب اذا ارتبط به المسلمون فإنهم سيوجهون ضربة الى هؤلاء الذين يريدون القدوم ليتسلطوا على المسلمين "(صحيفة الامام ج4ص317)
وبناء على هذا الاتجاه تظهر ضرورة الاهتمام الجاد للمسلمين والنخب العلمية والسياسية في المجتمعات الاسلامية على جميع الاصعدة بموضوع" العالم الاسلامي" . وبناء على شهادة الوثائق والمستمسكات الكثيرة من آثار الامام(رض) وخطاباته فإن موضوع العالم الاسلامي والمشاكل التي ابتليت بها الحكومات والشعوب الاسلامية وانتهاء مخططات ومؤامرات القوى الكبرى ضد المسلمين ونهب موارد البلدان الاسلامية كل ذلك كان يعتبر من اهم هواجس الامام طيلة عمره المبارك .وأن توصياته وارشاداته المتكررة للمسؤولين والنخب الداخلية والخارجية بخصوص الاهتمام المتزايد بقضايا العالم الاسلامي ومشاكله المعقدة وتعيين مكانته الحقيقية في التحولات والمعادلات السياسية العالمية تكشف عن المكانة الخاصة للامة الاسلامية في فكر الامام الخميني.
إن تناول موضوع " العالم الاسلامي" وتتبع زواياه المختلفة مع اخذ آراء الامام(رض) وافكاره بعين الاعتبار يستلزم بحوثاً ودراسات واسعة تتطلب نطاقاً من النشاط اوسع من هذه المجموعة ومجالاً يتجاوزها ، وعلى اي حال فإن تنظيم وتأليف الكتاب الخاص بالعالم الاسلامي هما خطوة صغيرة في التصوير العام لموقع الامة الاسلامية الحالي وتطلعاتها الرئيسة وقضايا العالم الاسلامي في العصر الراهن ومن المؤمل أن ينتفع منها المتلقون والمهتمون بآراء الامام(رض) وافكاره والباحثون في مجال العالم الاسلامي.