الحرية الحقيقية
إن السادة الذين يرددون شعار (الحرية)، سواء الذين يكتبون في الصحف والمجلات أم الفئات الأخرى التي تنادي بالحرية، انهم لا يبينون الحرية بشكل صحيح، أو يجهلونها. فالحرية في كل بلد إنما تكون في اطار القانون، في اطار قوانين ذلك البلد، فالناس ليسوا أحراراً في تجاوز القانون، ليس معنى الحرية أن يتكلم كل انسان بما شاء ولو كان مخالفاً للقوانين، مخالفاً للقانون الأساسي للشعب، مخالفاً لقوانين الأمة.
الحرية تكون ضمن حدود قوانين البلد. وإيران بلد إسلامي، وقوانينها قوانين الإسلام حتى إن الدستور كان ينص على الغاء كل قانون يتعارض مع قوانين الإسلام، فالقانون لابد ان يكون موافقاً للإسلام. والقانون الأساسي في إيران لا يمكن ان يكون مخالفاً لكلام نبي الإسلام، أو القرآن. فالحرية- يقال الصحف والمجلات حرة، الإعلام حر- لاتعني ان الناس أحرار في ان يفعلوا ما يشاؤون. مثلًا أحرار في ان يسرقوا، أحرار في ممارسة الفحشاء، أحرار في فتح مراكز للفحشاء .. فهذه الحرية حرية غربية- طبعاً باستثناء السرقة- هذه حرية غربية أن يفعل كل إنسان ما يشاء ولو كان الفحشاء، ولو كان أمراً مشيناً، إن مثل هذه الحرية لا يمكن ان تكون في إيران، الحرية يجب ان تكون ضمن حدود القانون، لابد من رعاية قوانين الإسلام .. فضمن إطار قوانين الإسلام وضمن إطار القانون الأساسي، يكون الإعلام حراً ويكون التعبير عن الرأي حراً.
الحرية أم الإباحية؟
هؤلاء الذين ينادون بالحرية إنهم متأثرون بالغرب، يريدون الحرية الغربية. هؤلاء الذين يتحدثون عن الديمقراطية، إنهم يتطلعون للديمقراطية الغربية، يريدون الحرية الغربية أي الإباحية. إن هؤلاء من جملة المتأثرين بالغرب. ان الصحف حرة في تناول الموضوعات، وطرح المسائل، ولكن هل هي حرة في الإساءة مثلًا الى مقدسات الناس؟! حرة في سبّ الناس.؟! حرة في اتهام الناس؟ ان مثل هذه الحرية لا يمكن أن تُقبل، حرية التآمر لا يمكن أن تُقبل.
صحيفة الإمام، ج7، ص: 381
ويقول سماحته أن للصحافة ووسائل الإعلام إطار للحرية وهي حرة في نشر الحقائق والترويج زنشر الإسلام:
أن الصحافة حرّة في نشر كلّ الحقائق والاحداث. كذلك تتمتع كافة التجمعات والتنظيمات الشعبية بحرية تامة طالما لم تعرض مصالح الشعب للخطر .. لقد وضع الإسلام أطراً لكل شأن من هذه الامور.
صحيفة الإمام، ج4، ص179
تبلور حرية وتحرر الاسلام في وسائل الاعلام:
ان الاسلام دين الحرية والتحرر ومن البديهي ان تتمتع وسائل الاعلام الاسلامية بالحرية.
حينما تكون ثورة شعبنا ثورة اسلامية، فاحرصوا انتم ايضا على ان تكون وسائل اعلامكم مرآة تعكس حقائق هذه الثورة. لذا فان كل مساعيكم ينبغي ان تنصب على تنوير افكار الشعب من خلال ايضاح حقائق الاسلام وابعاد ثورة الشعب الايراني.
صحيفة الامام، ج6، ص39
إن للحرية في الاسلام حدوداً وإطارات معينة، هذا وعلى الرغم من أن الإسلام يدافع عن الحريات المشروعة والمنطقية التي تخدم البشرية وأن لكل شخص الحرية في اختيار عقيدته وإبداء رأيه بكل حرية إلا أنه لا يسمح مطلقاً بحياكة المؤامرات ولا يقبل الحرية التي تحارب اعتقادات الشعوب. نقرأ سوياًَ حدود هذه الحرية في خطاب الإمام الخميني أمام جمع من عمال إحدى الصحف الايرانية المحلية والذي يعد ميثاقاً لحرية وسائل الإعلام والصحافة:
"إن الصحافة مؤسسة محترمة ولها تأثيرها الكبير، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يكرس عملها لخدمة الأمة بما ينسجم للضوابط الإعلامية. حرية الرأي وحرية التعبير لاتعني أن الانسان حرٌّ في كتابة ما يضر بمصلحة البلد أو يتعارض وأهداف الثورة التي ضحى الناس بدمائهم من أجلها، إن مثل هذه الحرية غير صحيحة. صاحب القلم حرّ في التعبير عن رأيه وليس التآمر على الثورة. صاحب الرأي حرّ في التعبير عن أفكاره، حتى الأفكار التي يقدمها له الآخرون، ولكن بعيداً عن التآمر. إننا عندما نشاهد إحدى الصحف تنشر أفكاراً ومقالات لأشخاص هم عملاء للأجانب ويريدون جرّ بلدنا إلى الدمار ثانية، وفي الوقت ذاته تقوم بتحريف المقولات والمفاهيم المتعلقة بقضايا الثورة، والمرتبطة بقضايا الإسلام، وعدم نشرها فإننا لا نستطيع احترام مثل هذه الصحف. إننا نحترم الصحافة التي تدرك ماذا تعني حرية التعبير وحرية الرأي، يقال إن الناس أحرار، فهل تعين الحرية بأن يضرب الإنسان رأس الآخر فيحطمه؟! هل تعني الحرية مخالفة القانون؟ هل تعني الحرية العمل في اتجاه معارض لمسير الشعب؟ هل تعني الحرية التآمر ضد الشعب؟ هذه ليست حرية. الناس أحرار ضمن حدود القانون، ضمن إطار الأعمال العقلائية. ونحن نرى أن بعض الصحف- لا أريد الآن ذكر أسماء- تسيء استغلال الحرية، تعمل على سلب الحرية من الناس باسم الحرية. الناس يريدون أن يكونوا أحراراً بعد الآلام التي تحملوها على مدى سنين طويلة، وبعد الدماء التي قدموها خلال السنتين الأخيرتين. غير أن بعض الصحف تريد سلبهم الحرية، وتعمل بما يتعارض مع توجهات الشعب باسم (حرية التعبير) إن بعض الصحف تعمل على فتح الطريق أمام الذين يريدون إيجاد الرعب والإرهاب بين الشعب، يريدون النهب. وهذا الأمر ليس بالحرية وإنما هو خيانة. إن الذي يمنح للشعب الحرية وليست الخيانة. حرية التعبير، لا الخيانة. حرية التعبير وإبداء الرأي، لا الرأي الخائن.