العراقيل التي يضعها المستعمرون في طريق الأديان التوحيدية

العراقيل التي يضعها المستعمرون في طريق الأديان التوحيدية

المستعمرون يعيقون تحقيق أهداف الاديان التوحيدية.

إنّ الأديان الإلهية التوحيدية التي كانت سائدة بين البشر، لم تُطَبَّق-- للأسف-- بالشكل المطلوب لأنّ المستكبرين كانوا يعرقلون ذلك، ولاسيما دين السيد المسيح عيسى-- سلام الله عليه-- الذي وقع في يد طوائف، فحصلت فيه تحريفات وذكرت أشياء لا تليق بحضرة المسيح.

والأسوأ من ذلك السلاطين الذين نسبوا أنفسهم إلى الديانة المسيحية لكنهم ليسوا من المسيحية في شي‏ء. فحال هؤلاء دون تطبيق تعاليم السيّد المسيح.

ولو كانت تعاليم الأنبياء تطبق بالشكل الذي كانوا يريدونه-- كأن تطبق تعاليم السيّد المسيح بين المسيحيين، وتطبق تعاليم النبي موسى بين اليهود، وتطبق تعاليم الرسول الأكرم بين المسلمين-- لما حدثت للبشرية اليوم هذه المصائب والمشاكل في كل مكان.

انتم اليوم ترون الجرائم التي ارتكبتها القوى الكبرى بإسم المسيحية، وبإسم الانتساب لمذهب السيّد المسيح-- سلام الله عليه--. وكذلك رؤساء الدول الإسلامية، فمع أننا مسلمون ونحمل اسم الإسلام، لكن هؤلاء الرؤساء لم يتركوا جريمة لم يرتكبوها، فأنتم رأيتم محمد رضا-- هنا-- كيف كان يتظاهر بالإسلام ويطبع نسخاً من القرآن، ويظهر أنه ملتزم بالإسلام. لكنه مع كل ذلك فعل بالإسلام ما قد رأيتم جميعاً. ونظيره في المسيحية أمثال كارتر الذي كان يذهب الى الكنيسة ويدعو ويحثّ الآخرين على الدعاء. لكنه ملأ الدنيا ظلماً وإجراماً خلافاً لتعاليم السيد المسيح. فالديانات السماوية قد ابتليت منذ البداية بهؤلاء الطواغيت.

فمنذ بداية ظهور الديانات في العالم، كان الطواغيت موجودين أيضاً. وقد سعى أصحاب الأديان الى تهذيب الناس. فالإنسان إذا ركب رأسه، يغدو أسوأ من الحيوانات، لذلك ارسل الله الأنبياء منذ البداية لكي يكبحوا جماح الإنسان، لكنّ الأنبياء لم يوفقوا لتطبيق ذلك بالشكل الذي كانوا يريدونه. ومع ذلك فإنّ ذلك القدر الذي وُفّقوا الى تطبيقه هو سبب سلامة الدنيا؛ فهي مدينة للأديان الإلهية. وإننا إذا استثنينا الرؤساء، فإنّ أكثر الناس من اليهود والمسيحيين والمسلمين، ملتزمون بمقدار من تعاليم أنبياءهم، وهذا يكفل سلامتهم في الدنيا. ولو لم يكن هذا السعي من الأنبياء، لاشتبك بعضهم مع بعض في معارك بشكل أسوأ من الحيوانات.

فإذا كبح جماح الرؤساء، فإنّ هذا المقدار من السلامة الموجودة الآن تكفي لأن يكون سائر الناس في سلامة. وإنما وجد هذا المقدار من السلامة بسبب سعي الأنبياء. فسعي الأنبياء جعل الكثير من اتباع كل دين يلتزمون بتعاليم أنبيائهم، لذلك نراهم يبتعدون عن ارتكاب الجرائم التي كان من الممكن ان يرتكبوها لو لم يكونوا متديّنين، وهذه هي ثمرة سعي الأنبياء، ولو لم يكن هذا السعي من الأنبياء، لاتضح عند ذاك مدى ما يمكن أن يحدث في هذا العالم من الفوضى.

لكننا-- للأسف الشديد-- لم نشهد في عصر من العصور أنّ الناس قد عرفوا الإسلام على حقيقته. وأنتم لا تظنوا أننا الآن في دولة إسلامية بالمعنى الحقيقي، وإذا تحقق الإسلام-- إن شاء الله-- وطبق فعندئذ ترونه كيف يتعامل مع المسيحيين ومع بقية الطوائف! وبأيّ نوع من أنواع السلم والسلام والمحبة يتعامل معهم.

حسناً. فهذا رئيس مذهبنا الإمام أمير المؤمنين علي (ع) حينما سمع بإمرأة ذمية-- ولعلها كانت يهودية-- قد سلب جيش فلان حجلها من رجلها، اغتم كثيراً حتى بلغ به الى أن قال: (فلو أن أمرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً. بل كان به عندي جديراً) ، ففي مثل هذه الحكومة العادلة، الحكومة التي يريدها الإسلام، ويريدها الله-- تبارك وتعالى-- إذا تحققت في ايران، وفي بقية الدول الإسلامية، سيُغلَق باب الظلم، ويُسَدُّ باب التجاوز والاعتداء، ولن تستطيع الحكومات عندئذ أن تظلم، بل لا تفكّر في الظلم أصلًا، وسيكون الجيش وبقية قوى الحكومة في خدمة الناس.

فادعوا الله أن نوفق لتحقيق ما نريد تحقيقه، وأن نستطيع عرض الإسلام، وأدعو الله أن يهدي ويصلح هؤلاء المنهمكين اليوم بإثارة الفوضى والاضطرابات في أطراف البلاد، وهم لا يؤمنون بأيّ دين، أو أن يهلكهم، لكي تتحقق الحكومة الإسلامية الصحيحة التي تكون للجميع. فالإسلام دين صالح لجميع البشر. أسأل الله أن يوفقكم، ويؤيدكم جميعاً.

صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏12، ص: 39

 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء