انتخبوا نواباً متدينين
زاء ـ من الأمور الضرورية أيضاً، تدين نواب مجلس الشورى الاسلامي، فقد رأينا جميعاً أيٌة إضرار محزنة لحقت بالإسلام وبإيران نتيجة عدم صلاحية مجلس الشورى وانحرافه منذ الفترة التي تلت النهضة الدستورية وحتى عهد النظام البهلوي المجرم، والتي كان سواها وأخطرها عهد ذلك النظام الفاسد المفروض. يالها من مصائب وخسائر مدمرة حلت بالبلاد والشعب على أيدي هؤلاء العبيد التافهين المجرمين.
لقد أدى وجود أكثرية مصطنعة مقابل أقلية مظلومة خلال الخمسين عاماً الأخيرة ـ من العهد البائد ـ إلى تمكن إنجلترا والاتحاد السوفيتي وأمريكا بعد ذلك من تمرير كل ما أرادوه على أيدي هؤلاء المنحرفين الغافلين عن الله مما جر البلاد الى حافة الدمار والانهيار. فمنذ ما تلا الحركة الدستورية لم يطبق شيء تقريباً من مواد الدستور الأساسية، وقد تم ذلك قبل عهد رضا خان عبر المأمورين للغرب وحفنة من الباشوات والإقطاعيين، وعبر النظام السفاك وحواشي البلاط وأزلامه في عهد النظام البهلوي.
أما الآن، وحيث أصبح مصير البلاد ـ وبلطف الله وعنايته وهمة الشعب العظيم ـ بأيد المواطنين أنفسهم، حيث اصبح النواب منبثقين من سواد الجماهير يتم انتخابهم لمجلس الشورى الإسلامي دون تدخل الحكومة أو الباشوات، فإن المؤمل أن يحول التزامهم بالاسلام وحرصهم على مصالح البلاد دون وقوع أي انحراف.
لذا فإني أوصي أبناء الشعب أن يصوتوا في كل دورة انتخابية ـ حاضراً ومستقبلاً ـ لصالح المرشحين الملتزمين بالإسلام والجمهورية الإسلامية انطلاقاً من إرادتهم الصلبة والتزامهم بأحكام الإسلام وحرصهم على مصالح البلاد.
ولا شك أن مثل هؤلاء المرشحين يكونوا غالباً من الطبقات الاجتماعية الوسطى ومن بين المحرومين غير المنحرفين عن الصراط المستقيم نحو الغرب أو الشرق، ومن غير الميالين نحو المدارس العقائدية المنحرفة، ومن المتعلمين المطلعين على مجريات الامور المعاصرة والسياسات الإسلامية.
النواب صيانة الدستور
أطالب ممثلي مجلس الشورى الإسلامي ـ في هذا العصر والعصور الآتية ـ أن يصرّوا على عدم قبول أوراق اعتماد العناصرالمنحرفة التي تتمكن في وقت ما من فرض تمثيلها على الناس بالدسائس والألاعيب السياسية، وأن يحولوا دون وصول حتى عنصر مخرب عميل واحد إلى المجلس.
كما أوصي الأقليات الدينية المعترف بها رسمياً أن يأخذوا العبرة من الدورات الانتخابية التي جرت في عهد النظام البهلوي، وأن يحرصوا على انتخاب ممثليهم الملتزمين بأديانهم وبالجمهورية الإسلامية، غير المرتبطين بالقوى الإستعمارية، وغير الميالة للمدارس الإلحادية المنحرفة والإلتقاطية.
واطلب من جميع النواب أن يتعاملوا فيما بينهم بحسن النية والاخوة، وليسعوا جميعاً الى أن لا تسن القوانين المنحرفة عن الإسلام ـ لا سمح الله ـ وليكونوا جميعاً أوفياء للاسلام ولأحكامه السماوية، سعياً في نيل سعادة الدنيا والآخرة.
كما أطالب أعضاء صيانة الدستور المحترمين وأوصيهم ـ سواء في هذا الجيل أم الاجيال القادمة ـ أن يحرصوا على أداء واجباتهم الإسلامية والوطنية بكل دقة وحزم، وان يحاذروا من الوقوع تحت تأثير أية سلطة، وأن يحولوا دون سن القوانين المخالفة للشرع المطهر والدستور، دون الأخذ بنظر الاعتبار أية اعتبارات أخرى، وأن ينتبهوا إلى مصالح البلاد التي يجب أن تتحقق عبر الأحكام الثانوية تارة، أو عبر ولاية الفقيهتارة أخرى.
المشاركة في الانتخابات تكليف الهي
وأوصي الشعب المجيد بأن يسجل حضوراً فاعلاً في جميع الانتخابات، سواء انتخابات رئاسة الجمهورية أو انتخابات الخبراء لتعيين شورى القيادة أو القائد، وعليهم أن يحرصوا على إتمام عملية الاقتراع وفق الضوابط المعتبرة. فمثلاً في انتخاب الخبراء لتعيين شورى القيادة أو القائد عليهم أن ينتبهوا جيداً، فإذا تم تجاوز الموازين الشرعية والقانون في انتخاب الخبراء وحصل تساهل ما في ذلك، فمن الممكن أن يتعرض الإسلام والبلاد إلى خسائر لا يمكن جبرانها، وحينها سنكون الجميع مسؤولين أمام الله تعالى.
على هذا الأساس، فإن عدم مشاركة الشعب ـ بمراجعه وعلمائه العظام وتجّاره وكسبته وفلاحيه وعماله وموظفيه ـ يحمل الجميع المسؤولية عن مصير البلاد والإسلام، سواءٌ بالنسبة لهذا الجيل أم الأجيال القادمة. وقد يكون التساهل وعدم المشاركة في بعض الظروف ذنباً من أكبر الكبائر.
لذا وجب علاج المسألة قبل وقوعها، وإلا فلن يكون بوسع أحد أن يفعل شيئاً، وهي حقيقة لمستموها ولمسناها بعد الحركة الدستورية. فليس من علاج أفضل من قيام أبناء الشعب وفي مختلف أنحاء البلاد بأداء تكليفهم وفق الضوابط الإسلاميّة ومواد الدستور، كذا فإن عليهم ـ في انتخابات رئاسة الجمهوريّة أو مجلس الشورى ـ مشاورة الطبقة المتعلمة المثقفة المطّلعة على مجاري الامور والمعرفة بالتقوى والالتزام بالإسلام وبنظام الجمهوريّة الإسلامية والعلماء الروحانيين المتّقين الملتزمين بالجمهورية الإسلاميّة، وامثالهم ممن لا ارتباط لهم بالدولة القوية المستعمِرة.
ليحرص الجميع عند اختيار رئيس الجمهوريّة ونواب المجلس على أن يكونوا ممن لمسوا حرمان المستضعفين والمجتمع ومظلوميتهم، وممن يعتزمون تحقيق الرفاهية لأبناء الشعب. اولئك التجار والإقطاعيين من الساعين للوجاهة والشهرة، المرفهين الغارقين في الملذات والشهوات غير القادرين على إدراك مرارة الحرمان ومعاناة الجائعين والحفاة.
وعلينا أن نعلم أنَّ رئيس الجمهوريّة وممثلي المجلس إذا كانوا لائقين ملتزمين بالإسلام متحمسين لخير البلاد والشعب، فإنّ ذلك سيمنع من ظهور الكثير من المشكلات ويحلُّ الكثير منها إن وجد. وكذا هو الأمر في انتخاب الخبراء لتعيين شورى القيادة ـ والقائد بالأخص ـ فإذا تمَّ انتخاب هؤلاء من قبل أبناء الشعب بدقة متناهية أو باستشارة مراجع العصر العظام والعلماء الأعلام في جميع أنحاء البلاد والمتدينين والمفكرين الملتزمين، فإنّ ذلك سيؤدٍي إلى تفادي الكثير من المشاكل والمعضلات أو حلها بسهولة، بناءً على ما تمَّ تحقيقه من اختيار لأكثر الأشخاص التزاماً ولياقةً للقيادة أو شورى القيادة.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار المادة التاسعة بعد المائة[7] والعاشرة بعد المائة[8] من الدستور يتضح مدى جسامة مسؤولية الشعب في اختيار الخبراء، ومسؤولية الخبراء في تعيين القائد أو شورى القيادة، فأقل تساهل في الاختيار سيلحق ايّما ضررٍ بالإسلام والبلاد والجمهوريّة الإسلاميّة، وان احتمال هذا الضرر ـ وهو امر في غاية الاهمية ـ يمكن أن يرتّب عليها تكليفاً الهياً.
من وصية الامام الخميني(قدس سره)الالهية و السياسية