الأخطار التي كانت تهدد المجتمع الاسلامي، زمن نهضة الامام الحسين (ع) والأمام الخميني قدس سره

الأخطار التي كانت تهدد المجتمع الاسلامي، زمن نهضة الامام الحسين (ع) والأمام الخميني قدس سره

في مقال للسيد غلام حيدر ابراهيم باي سلامي عضو الهيئة التدريسية في كلية العلوم الاجتماعية، جامعة طهران، قارن فيه ماتعرض له المجتمع الاسلامي، ابان نهضة الامام الحسين (ع)، بما واجهه المجتمع الايراني المسلم، عند نهضة الامام الخميني (قدس سره)، مُشيراً في المقدمة، الى انَّ المجتمع المطلوب والمُقاس عليه، هو ماكان زمن النبي (ص)، وانّ ماحدث بعد ذلك، هو ما يتطرق اليه في المقال، حيث اشار الى الافكار والمسالك الدينية والمذهبية، بعد رحلة النبي (ص)، مُعتبراً منشأ انحطاط وسقوط المجتمع الاسلامي، القراءة الخاطئة لمفهوم الدين والمعارف الأسلامية، واتخاذ الخلفاء والحكام، ذلك، ذريعة لتبرير تسلطهم وما يرتكبونه من اعمال منافية للدين، وتقوية الأسس القومية والقبلية... وقد توفرت الظروف لهم عند اعتزال الامام علي (ع)، سلمان الفارسي، عمار بن ياسر وابوذر الغفاري الحكم، واصبحت مقاليد المجتمع والافتاء بأيدي: كعب الاحبار (اليهودي) وامثاله، ممّن قام بتكفير وتفسيق اشخاص، كالصحابي الجليل للرسول(ص)، ابوذر الغفاري، بما اتوا به مقلوباً، من احاديث وروايات و شوّهوا به مسار حقيقة الدين والسيرة النبوية الشريفة، وماحدث في صفين من انشقاق وظهور الخوارج وماتبعه من امور، كحرب النهروان، الاّ دليل على تحريف آيات القرآن الكريم الشريفة وتأويلها حسب منافع و آراء خاصة، وتوالي بني امية على سدة خلافة المسلمين... مما دعا الامام الحسين(ع)، لأن يُعلن معارضته وثورته ضد الذين جعلوا الدين اُلعوبة بايديهم، لتمرير طغيانهم واشاعة ما انكره الاسلام من جديد، وقد خرج عليه السلام لأصلاح امة وسيرة الرسول (ص) وعلي (ع)... وعند دراسة الظروف التي سادت المجتمع الايراني المسلم، قبل اندلاع الثورة، نرى بوضوح، انّ المجتمع تعرض الى اخطار، تهدد اعتقاده الديني والمذهبي، مفادها، انّ الدين لا دخل له في الشؤون السياسية، الاجتماعية، والثقافية! وانه يرمي الى اعمال وعبادات فردية فقط! وهذا ماكانت تريده وتسعى اليه الشريحة الحاكمة، اضافة الى تبعية المجتمع الى الشرق و الغرب، و عرض نموذج المجتمع الغربي الذي روّج له الحكام، كنموذج مثالي للحياة!... وحسب رؤية الامام الخميني (قدس سره)، فانّ ما اُبتُلى به المجتمع، يعود الى صدر الاسلام، حيث قال:

«لقد كان ذلك مخططاً شيطانياً تم التخطيط له منذ عصر بني أمية وبني العباس، وقد أيدته بعد ذلك جميع الحكومات التي تعاقبت. والآن وقد نفذ الشرق والغرب في الحكومات الإسلامية، بلغ هذا الأمر ذروته فتم تصوير الإسلام على أنه ليس إلّا قضايا شخصية بين العبد والله، وأن السياسة منفصلة عن الإسلام، وعلى المسلمين أن لا يتدخلوا في السياسة، وعلى علماء الدين أن لا يدخلوا السياسة» (صحيفة الامام الخميني، ج16، ص 297).

واضاف سماحته، مشيراً الى مسألة فصل الدين عن السياسة، قائلاً:

«ان الأنانية وترك القيام لله، هما اللذان اوصلانا الى هذا اليوم الأسود، وسلطا علينا كلّ بني الدنيا، وجعلا البلدان الاسلامية تحت هيمنة الآخرين»(صحيفة الامام الخميني، ج1، ص 43).

واشار السيد ابراهيم باي سلامي الى اعادة الحكم القبلي، عند خلفاء بني امية، وتحويل الخلافة الاسلامية الى حكومة وراثية، كما كان ولايزال، في القبائل، والسياسة العنصرية بالنسبة لغير العرب، وترجيح وتقديم العرب عليهم، وذكر انّ ذلك ازال روح المساواة والأخوة بين المسلمين، وارجع عصر الجاهلية مرة اخرى، وتطرق الى نظر الامام (قدس سره) القائل، بانّ الاخطار التي يواجهها المجتمع الاسلامي، ومنذ القدم، هي ، عدم (تشكيل حكومة الحق) وقد بدأ بنهضته عندما رأي المجتمع الايراني وهو يرزح تحت سلطة ملكية فاسدة، لاتهتم الاّ بمنافعها الفردية، وتأتمر بما يُمليه عليها اسيادها من الخارج. لقد اعتبر الامام (قدس سره) انتصار حكومة الباطل، تهديداً رئيسياً للمجتمع، قائلاً:

«القيام للشخص، هو الذي يسلّط شخصاً مازندرانياً أميّاً على عدة ملايين ليعيث بحرثهم ونسلهم اشباعاً لشهواته»(صحيفة الامام الخميني، ج1، ص 43).

وذاكراً المساوئ والاخطار التي تهدد المجتمع عن طريق العوامل الاقتصادية والثقافية، وضّح السيد ابراهيم باي سلامي، انّ ماسنّه الاسلام من قوانين اقتصادية، تضمن لكافة ابناء المجتمع، العدالة والحقوق المشروعة التي يصبون اليها، والتي توفّر لهم حياة شريفة، سعيدة، وتُبعد اصحاب الثروة ومايتبعونه من مسارات شتى، لتجميع واكتناز المال، تبعدهم عن المجتمع، وتقطع ايديهم عن ابتزاز بيت المال ومايعود للأمة... الاّ انه، وبانحسار وتحريف القوانين الاسلامية النابعة من الدين والشريعة، وظهور شرائح مرفهة ومتغطرسة، وماتبع ذلك من ايجاد فواصل عميقة بين طبقات المجتمع، مهّد لحكومات بعيدة عن الاسلام وعدالته كل البعد، وامثلة ذلك كثيرة منذ صدر الاسلام الى يومنا هذا... اما الاوضاع الثقافية فحدّث عنها ولاحرج! .. تدهورها وانزلاق الشباب في مستنقعاتها المختلفة وترويج الحكام الفاسدين لها... اخطر مما تعرض له المجتمع، فيما يتعلق بالاقتصاد، ومما قاله الامام الخميني (قدس سره) في هذا المضمار:

«فذاك الخراب الأخلاقي الذي ساد إيران في عهد الأب وابنه، وذاك الفساد الذي ظهر في هذه البلاد، ووسَّعوه بدعوى التقدّم والترقّي والتحضّر تحتاج إزالتُها لوقت طويل. وأكثر الأشياء إيذاء للبلاد هو ما نزل بقوانا الإنسانية من الدّمار إذ لم يدعوها تنمو. كانت مراكز الفساد في المدن وطهران خاصّة فائقة الحدّ، والدعاية كبيرة لجذب شبّاننا لمراكز الفساد هذه، وفتحوا سبلًا لا تعدُّ لإفسادِهِم، وسَعَوا لإغراقِهم فيه، وهذا الخراب أَسوأ أنواع الخراب جميعا. وإصلاح الخراب المادّي أيسر من إصلاح الخراب المعنوي»(صحيفة الامام الخميني، ج8، ص 26).

تلخيص و ترجمة: د.سيد حمود خواسته

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء