منزلة الشهادة والشهيد حسب رؤية الامام الخميني

منزلة الشهادة والشهيد حسب رؤية الامام الخميني

إن الشهادة في سبيل الله ليست بالأمر الذي يمكن للعقل البشري المحدود أن يقيمها ويدرك مدى عظمتها.

فلسفة الشهادة في الاسلام

إن أحد الفروق بين مدرسة الإسلام، مدرسة التوحيد، وبين المدارس المنحرفة، المدارس إلالحادية، هو أن رجال هذه المدرسة يرون الشهادة فوزا عظيما لأنفسهم: (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما).
فهم يستقبلون الشهادة، لأنهم يعتقدون بأن وراء عالم الطبيعة هذا ثمة عوالم أسمى وأكثر نورانية من هذا العالم. المؤمن في هذا العالم يعيش في سجن، وباستشهاده يتحرر من هذا السجن. هذا أحد الفروق بين مدرستنا، مدرسة التوحيد، وبين بقية المدارس.
إن شبابنا يطلبون الشهادة، وعلماؤنا الملتزمون سباقون إلى الشهادة. أولئك الذين لا يعتقدون بالله وبيوم الجزاء هم الذين يجب أن يخافوا من الموت، هم الذين يجب أن يخافوا من الشهادة. أما نحن وتلامذة مدرسة التوحيد فإننا لانخاف الشهادة، لا نخشاها. فليأتوا ويجربوا، كما جربوا من قبل. إن إحدى المسائل التي تحققت وهي ما ورد في الحديث: (لا يزال يؤيَّد هذا الدين بالرجل الفاجر). فبواسطة الرجال الفجرة يتأيَّد هذا الدين بإرادة الله.(صحيفة الامام الخمينی ، ج‏7، ص140)

الشهادة، عز أبدي

اليوم وقد اجتمعتم هنا للتعزية باستشهاد أحد أعزائنا، واغتيال عالم من العلماء، فإنكم مصممون وبوعي على استمرار النضال ضد الطاغوت والاستعمار والاستكبار. إخواني! أخواتي! أعزائي! واصلوا عزمكم وثباتكم ولا تخشوا الاغتيال، لاتخافوا الشهادة، ولستم بخائفين، إن الشهادة عز أبدي، حياة أبدية. هم الذين يجب أن يرهبوا الموت لأنهم يرونه نهاية الإنسان. أما نحن الذين نرى أن الإنسان باق ونرى الحياة الخالدة أفضل من هذه الحياة المادية، فلماذا نخاف؟! إنني اشكر كافة الفئات الموجودة هنا من العشائر والعسكريين والنساء والمعلمين، اشكر الجميع وأسال الله تبارك وتعالى السلامة والسعادة لهم جميعاً. (صحيفة الامام الخميني، ج‏7، ص184)

تكريم مكانة و منزلة الشهداء

إن الشهادة في سبيل الله ليست بالأمر الذي يمكن للعقل البشري المحدود أن يقيمها ويدرك مدى عظمتها، فالمقام السامي للشهيد في سبيل الحق والهدف الالهي، لا تستطيع الرؤية المحدودة للممكنات أن تدركه، فمثل هذه القيمة العظيمة التي لا يمكن أن تُقيم إلا بالمعايير الالهية، وهذا المقام الرفيع لا يمكن أن يدرك إلا بالعين الربانية ولسنا نحن الترابيون فقط من نعجز عن درك كنه ذلك، بل حتى الخلائق الملكوتية لا تجد إلى درك كنه ذلك سبيلًا. لأنه من مختصات الانسان الكامل. والملكوتيون تفصلهم مسافات عن هذا المقام المفعم بالأسرار .. فليتوقف القلم عند هذا الحد ويعترف بعجزه.
ونحن الباقون والمتخلفون عن ركب الشهادة، علينا أن نعدّ الايام في طلب وتمني هذا المقام وتلك القيمة. وأن نحمل معنا إلى قبورنا حسرة الشهادة والشهداء وذويهم، الذين قدموا ثمرة حياتهم وأفلاذ أكبادهم بكل ايثار وفخر على طريق الشهادة والشهداء.
وأن نشعر بالخجل من أنفسنا، أمام هذه الشجاعة المنقطعة النظير للشهداء وأصدقائهم من الأسرى والجرحى والمفقودين، وشوقهم الذي يفوق الوصف للعودة إلى ساحات الحرب والشهادة. فهؤلاء النساء والرجال والأطفال القدوة، الذين يهتفون وينشدون للشهادة من تحت الانقاض وعلى أسرّة المستشفيات، وبأيدٍ وأرجلٍ مقطوعة يتمنون العودة إلى جبهات بناء الانسان. هم فوق ما يمكن أن نتصوره، أو ما يكتبه العرفاء والفلاسفة ويقدمه الفنانون والرسامون.
فإن ما وصل إليه هؤلاء بالاستدلال والبحث والسير والسلوك، وصل إليه أولئك بالعيان، وما كانوا يبحثون عنه في الكتب وبين صفحاتها، وجده أولئك في ميادين الدم والشهادة في سبيل الله. (صحيفة الامام الخميني، ج‏18، ص69)

((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون))
لولم تكن للشهداء ومكانتهم السامية إلّا هذه الآية الكريمة لكفتهم، الأعزة الذين ضحّوا بأغلى ما لديهم في سبيل حفظ الاسلام والبلد الاسلامي. الشهداء الذين قدموا للّه المتعال وفي سبيل حفظ كرامة الاسلام والدفاع عن الجمهورية الاسلامية كل ما يملكونه بكل إخلاص. إن هذه الآية الكريمة لاتبحث في الحياة بعد الممات حيث تحيا كل المخلوقات ذي النفس الانسانية حسب المراتب من الحياة الحيوانية وما دون الحيوانية إلى الحياة الانسانية وما فوق الحياة الإنسانية، بل إن ما يشرّف شهداء طريق الحق الكبار هو (الحياة عند الرب) والدخول في (ضيافة الله) إن الأقلام المحطمة كقلمي عاجزة عن وصف هذه الحياة وهذه الضيافة. ان هذه الحياة وهذه المعيشة غير الحياة في الجنة والعيش فيها. إنها لقاء الله وضيافته. أليس ذلك مما ورد بحق أصحاب النفوس المطمئنة (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
 وإن أبرز هؤلاء العباد هو سيد الشهداء- سلام الله عليه- فإذا كان كذلك فأي بشارة أكبر لشهداء طريق الحسين- عليه سلام الله- الذي هو سبيل الله، من أنهم يدخلون الجنة التي يدخلها ذلك العظيم الذي أستشهد في سبيل الله ويحلو ضيوفاً بجواره. فهي مختلفة عن الضيافات الأخرى في الجنة مما لانستطيع تصورها. لقد صان شهداؤنا الذين هم أتباع شهيد الاسلام العظيم- عليه السلام- هذه الجمهورية الاسلامية وأتحفوا ايران والشعب الايراني وسائر الشعوب المسلمة والمستضعفين في العالم بالنصر على أعداء الاسلام. (صحيفة الامام الخميني، ج‏18، ص262)

الشهداء شموع محفل الأحباب

أما الشهداء فلا يمكن أن نقول عنهم شيئاً. الشهداء شموع محفل الأحباب .. الشهداء في قهقهة سكرتهم وفي بهجة وصولهم عند ربهم يرزقون. و هم من النفوس المطمئنة التي خاطبها خالقها: «فادخلي في عبادي وادخلي جنتي». وهنا يكون الحديث عن العشق والعشق فقط، والقلم يعجزعن تصوير ذلك. (صحيفة الامام الخميني، ج‏21، ص134)




ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء