النفي الى باريس

النفي الى باريس

ان الإمام الخميني ـ وبعد التشاور مع نجله حجة الاسلام الحاج السيد احمد الخميني ـ قرر السفر الى باريس.

اتفق الطرفان في الاجتماع الذي عقد بين وزيري خارجية العراق وإيران في نيويورك على اخراج الإمام الخميني من العراق.
وفي الرابع من ايلول 1978 م حوصر منزل الإمام الخميني في النجف من قبل قوات امن النظام العراقي، مما فجر غضب المسلمين في إيران والعراق وسائر البلدان. ففي لقائه الإمام ابلغه رئيس دائرة الأمن العراقية بأنَّ شرط إقامته في العراق، الكف عن نشاطه الجهادي وعدم التدخل بالسياسة. وقد ردّ الإمام بحزم على هذا الاقتراح منوهاً الى احساسه بالمسؤولية قبال الامة الإسلاميّة، الأمر الذي يمنعه من السكوت او عقد أيّ نوع من المصالحة.
في الرابع من تشرين الاول من العام نفسه، غادر الإمام الخميني النجف الاشرف متوجهاً الى الكويت، غير أنَّ الكويت امتنعت عن استقباله بايعازٍ من النظام الايراني.
عندها اقترح البعض السفر الى سوريا او لبنان، غير ان الإمام الخميني ـ وبعد التشاور مع نجله حجة الاسلام الحاج السيد احمد الخميني ـ قرر السفر الى باريس. وفي السادس من تشرين الاول عام 1978 م وصل الإمام الخميني الى باريس. وبعد يومين من وصوله انتقل الى منزل احد الايرانيين المقيمين في نوفل لوشاتو(ضواحي باريس).
بعدها قام موظفوقصر الاليزية بابلاغ الإمام الخميني بوجهة نظر الرئيس الفرنسي (جيسكار ديستان) المتمثلة بضرورة اجتناب الإمام الخميني لاي نشاط سياسي. وقد ردّ سماحته بحزم بأن هذا يتنافى ومزاعم الديمقراطية، وانه اذا اضطر للسفر من مطار الى مطار ومن بلد الى بلد فإنه لن يكف عن جهاده لتحقيق اهدافه.
كتب الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان في مذكراته بأنه كان حينها قد اصدر الأمر باخراج الإمام الخميني من فرنسا، لكنه عدل عن قراره في اخر لحظة عندما حذره ممثلوالنظام الايراني والسياسيون الذين كانوا يعيشون اقصى حالات القلق الاضطراب، من مغبة وقوع ردِّ فعل جماهيري يستحيل السيطرة عليه، وانهم غير مسؤولين حينها عما سيقع في إيران وفي أوروبا.
وخلال مدة اقامة الإمام في (نوفل لوشاتو) التي دامت اربعة اشهرٍ، تحولت تلك المدينة الصغيرة الى أهم مركزٍ خبري في العالم، وعرض الإمام الخميني من خلال اللقاءات الصحفية المتعددة التي اجريت معه مختلف وجهات نظره حول الحكومة الإسلاميّة واهداف نهضته المستقبلية امام العالم اجمع، وبذلك تعرف الكثيرون على فكر الإمام وثورته، ومن هنا ابتدأت قيادته لا صعب المراحل في النهضة الإسلاميّة الايرانية.
لم تستطع حكومة (شريف إمامي) الصمود اكثر من شهرين، وبعد سقوطها كلّف الشاه (ازهاري) بتشكيل حكومة عسكرية. فازدادت وتيرة المذابح، الا انها لم تستطع السيطرة على الجماهير. فطالب الشاه ـ بعد ان اصيب بالانهيار ـ السفيرين الأميركي والبريطاني بحلٍّ للازمة. الا انَّ أيّاً من مقترحاتهما لم تجد نفعاً.
وفي يومي تاسوعاء وعاشوراء انطلقت المظاهرات المليونية في طهران وسائر المدن الاخرى، والتي اشتهرت فيما بعد باسم (الاستفتاء غير الرسمي من قبل الجماهير ضدسلطة الملك).
تم اقتراح شابور بختيار، احد قادة الجبهة الوطنية، وآخر بيدق من البيادق الأميركية، علي الشاه لتعيينه رئيساً للوزراء. ففي اجتماعهم الرباعي في (غوادلوب) اتفق قادة الدول الصناعية على دعم وزارة بختيار.
وبعد ذلك وصل الجنرال هايزر (معاون قيادة حلف الناتو) الى طهران في مهمة سرية استغرقت شهرين، وقد
كشف النقاب في اعترافاته فيما بعد عن أن مهمته كانت تتمثل في توفير دعم وحماية العسكريين لبختيار وتوفير
الامن لوزارته، وافشال الاضربات، واخيراً الاعداد لانقلاب عسكري لإعادة الملك الى السلطة بشكل مشابه لما تمَّ في انقلاب 19 آب 1953 م. غير ان بيانات الإمام الخميني التي اكدت وجوب مواصلة الجهاد احبطت جميع مخططات النظام.
في مطلع عام 1979 شكل الإمام الخميني مجلس قيادة الثورة. كذلك فإن الملك ايضاً وبعد تشكيل مجلس الوصاية علي العرش وحصول وزارة بختيار علي ثقة اعضاء المجلس فرّ من البلاد في 16 كانون الاول 1978. وانتشر الخبر في طهران وسائر انحاء إيران وخرجت الجماهير الى الشوارع تحتفل وتعبر عن فرحها.
من جانب آخر لم تستطع اجتماعات هايزر المتواصلة بالمستشارين العسكريين الأميركان وقادة الجيش الشاهنشاهي، من مساعدة بختيار في التغلب على الاضرابات وانهاء الثورة الشعبية.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء