الامام الخميني

أمين الوحي

"هذا اليوم هو يوم عيد ميلاد علي بن أبي طالب سلام الله عليه. هو الذي كان باب الوحي وأمين الوحي وبولادة مولود هذا اليوم العظيم، ظهر –على وجه الغبراء– مفسّر القرآن ومفسّر السنة النبوية.

"هذا اليوم هو يوم عيد ميلاد علي بن أبي طالب سلام الله عليه. هو الذي كان باب الوحي وأمين الوحي وبولادة مولود هذا اليوم العظيم، ظهر –على وجه الغبراء– مفسّر القرآن ومفسّر السنة النبوية. وبوجود هذا المولود المبارك استحكمت حماية الوحي ولا شك أن إكمال البعثة وإتمام الدعوة النبوية كان بوجود وظهور هذا المولود العظيم. وعلينا أن نقول: إن فتح باب الوحي وتفسير الوحي واستمرار الوحي بوجود هذا المولود المقدس. و لذا فإنني أهنئ الأمة بهذا اليوم الذي هو في الحقيقة يوم البعثة ويوم الولاية ويوم النبوة ويوم الإمامة."
"لا يكمن توصيف مولود هذا اليوم، فكلما وصفوه بعيد عن شأنه ومجده وكلما قال عنه العرفاء والفلاسفة والأدباء وغيرهم لا يحوي سوى جزء يسير من تعريفه، إنهم غالبا يتطرقون إلى أمور يدركونها وما لا ندركها كثير ولا تصل إليها أفكار الفلاسفة والعرفاء والعلماء ولذا علينا أن نقدم اعتذارنا لمقامه المبارك ونطلب منه عذر التقصير فنحن قاصرون ولا يمكننا بيان كمال الإمام علي علـيه السلام وعظمته."
"أنا لا أستطيع ولا يستطيع غيري التحدث في شخصية أمير المؤمنين عليه السلام. نحن لا نتمكن من إدراك الجوانب المختلفة من هذا الإنسان العظيم. إنه الإنسان الكامل ومظهر جميع أسماء الله وصفاته وبالتالي فان أبعاده وجوانب شخصيته تكون ألفاً حسب أسماء الله تعالى ونحن لا نستطيع أن نوضح واحدا منها. هذا الإنسان الذي يجمع في نفسه الأضداد، لا يتمكن أحد من التحدث حوله. لذا أرى من الأفضل أن أصمت وأسكت …
كلما قيل أو كتب في شخصية أمير المؤمنين لم يف بحقه أبدا أي أن هذه المعجزة الإلهية ما زالت غامضة على الجميع. جميع الطوائف الإسلامية وبالأحرى الشيعة، ينسبونه إلى أنفسهم. العرفاء والحكماء والفقهاء والفلاسفة وحتى المتصوفة والدراويش والذين لا يعتقدون بالإسلام، كلهم يستشهدون بكلامه وأقواله. عندما كنت مقيما في العراق، الحزب العفلقي (البعث) الذي لا يعتقد أساسا بالإسلام، بل إنه ضد الدين والإسلام، حتى هذا الحزب كان يستشهد بأقواله ويكتبها على جدران الشوارع……
وعلى كل حال فان هذا اللغز لم يحل ولن يحل. هذا الموجود، معجزة إلهية لا يستطيع أحد الوصول إلى حقيقته بل الجميع يتكلمون حسب فهمهم ومقدار إدراكهم والإمام علي عليه السلام غير ما يتصورونه ويتوهمونه أي أننا لا نستطيع أبدا أن نمدحه بما هو هو. ولهذا فالكل يأخذ بضعة من صفاته المتضادة ويخيل إليه أنه قد عرف أمير المؤمنين عليه السلام… إذ ذاك فالأفضل علينا غض الطرف عن التحدث حوله بل نأمل أن نسير في مسير هدايته ونصل إلى بعض هذا الصراط."
"نحن لا نتمكن من الخوض في الأبعاد المعنوية لأمير المؤمنين، إلا أن بعض الأبعاد المادية والاجتماعية، يمكننا التحدث عنها. لاحظوا أن خليفة المسلمين وأميرهم كيف يصبح ويمسي وماذا يلبس؟! يريد أن يخطب خطبة الجمعة، فيرتقي المنبر ويحرك لباسه ليجف، ذلك لأنه لم يكن للإمام رداءين ولباسين يرتديهما (حسب الرواية) وأما نعله فهو يخصفه بيديه وعندما يُسأل عن ثمن نعله يجيب أنه لا فرق بين النعل وبين الإمرة عليكم إلا أن أقيم حدا أو أحكم عدلا. أين نحن من أمير وقائد كهذا؟!
إن أمير المؤمنين سلام الله عليه مظلومٌ حقا وحتى بين الشيعة فإنه مظلوم. عندما يريدون ذكر مناقبه وفضائله، يأتون بأمور غير صحيحة بل كلها إهانة له.
مثلا يدّعون أن الخاتم الذي أنفقه في صلاته على المسكين، تساوي قيمته خراج (ميزانية) بلاد الشام كلها! ذلك الإنسان الزاهد بذلك اللباس المتواضع والنعل الممزق، كيف يلبس مثل هذا الخاتم الثمين؟! هذا كذب وافتراء حتى لو جاء ضمن حديث فمثل هذا الحديث كذب مزخرف ولكنه ليس في الحديث أبدا……
نحن لا يمكننا أبدا أن نقلده في أفعاله وأعماله لكن -وكما أمرنا أيضا- علينا أن نعينه بصبر وسداد وتقوى واجتهاد."
"كل أعماله وأقواله تنبع من قلب إلهي. عندما يقول الرسول صلى الله عليه وآله "ضربة على يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين" إذا فرضنا أن شخصا آخر ضرب مثل تلك الضربة القاضية، فبالتأكيد كم تكن فيها مثل هذه الفضيلة أن تكون هذه الضربة أفضل من صلاة وعبادة الناس بما فيهم الأنبياء. ولكن هذه الضربة تنبع من روح أمير المؤمنين ولذا فضربة علي في كل يوم تربو على عباده الثقلين وليس في ذلك اليوم فحسب لأن القلب، قلب إلهي؛ قلب لا يشغله شيء سوى الله تبارك وتعالى وبهذا فإن الضربة التي تنبع من مثل هذا القلب، بل وكل عمل من أعماله، أفضل من جميع عبادات البشر."
"ثواب الأعمال على مقدار حبّ الله تبارك وتعالى، فكلما فني الإنسان في الله وكلما زاد توحيده وزادت معرفته، يزيد أجر عمله، وعلى هذا الأساس فإن ضربة على يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين. هدف الأعمال يكمن في هدفه المعنوي لا الصوري. فإذا فرضنا أن شخصا آخر ضرب مثل تلك الضربة القاضية وكانت نتيجة ضربته فوز الإسلام وترويج الدين، ولكن ليس في قلبه العشق والحـــب (لذات الله تعالى) فهل تكون ضربته على أجر أو فضيلة؟ (طبعا لا). الضربة تعني حركة اليد وقتل الكافر فكثير من الناس كانوا يضربون ضربات قاضية إلا أن بعض هذه الضربات كانت بلا أجر أبدا وإن كان في بعضها أجر فلا يكمن أن يصل إلى أفضل من عبادة الثقلين. فالمغزى إذن في ضربة علي ذلك الحب التوحيدي الكامن في قلبه، فتلك اليد التي تمسك بمقبض السيف لم تكن يده وتلك العين لم تكن عينه، إنها يد الله وإنها عين الله.
نحن نستطيع أن نتحدث بمثل هذا الحديث ولكن لا يمكننا تصوره، صدقناه ولا نتمكن من تصوره أبدا."

                 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء