رأى قائد الثورة الاسلامية، سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، إن ما قام به العدو هو جرائم حرب وقرار المحكمة الجنائية الدولية غير كافٍ، ويجب إصدار حكم الإعدام بحق نتنیاهو والقادة المجرمين.
واستقبل قائد الثورة الاسلامية حشداً من التعبویین من مختلف أنحاء البلاد بمناسبة أسبوع التعبئة في البلاد، وذلك بحضور القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي، وقائد قوة القدس العميد إسماعيل قاآني، في حسينية الإمام الخميني(رض) بطهران.
وأشار قائد الثورة الاسلامية، خلال اللقاء، إلى أن التعبئة ظاهرة فريدة وليست موجودة في أي بلد بهذا الشكل، وهي لا تقتصر على البُعد العسكري رغم أهميته، بل تضم مجالات أخرى منها ثقافية واجتماعية لا تقل أهمية عن البعد العسكري. ولفت إلى أن هذه الظاهرة منبثقة من ثقافة وتاريخ إیران الوطني، وبأنه مبدأ أصیل ومتجذر ومرتبط بالشعب الإيراني وتاريخه وهويته.
واعتبر التعبئة شبكة ثقافية واجتماعية وعسكرية بطبيعتها، وأضاف سماحته: الإمام الراحل بعد حوالي 3 أسابيع من الاستيلاء على وكر التجسس وبعد أن كشّر الأمريكي عن أنيابه وأظهر مخالبه، أمر بتشكيل التعبئة في 26 نوفمبر 1979م، وحول ذلك التهديد الكبير إلى فرصة عظيمة، وزُرعت هذه الشجرة الطيبة في التربة الاجتماعية والثقافية والعسكرية للبلاد.
واعتبر أن خصائص التعبئة، من الشجاعة والمبادرة وسرعة العمل واتساع الرؤية والتأهب والحساسية لمختلف الحركات، هي نتيجة لأساسيها القويين، وأوضح سماحته بأن قوات التعبئة تعتمد على ركيزتي الإيمان بالله والثقة بالذات وتمتلك الشجاعة والإبداع وسرعة العمل ومعرفة العدو.
وأشار قائد الثورة، في معرض شرحه لتأثيرات ونتائج الإيمان بالنفس والثقة بالنفس إلى اكتشاف قدرات الإنسان، كقوّة اتخاذ القرار والإرادة والعمل، وتقدير هذه القدرات وتوظيفها في المجال الصحيح، وقال: إن اكتشاف هذه القدرات واستخدامها هو الحلّ لمواجهة مُخطّطات الاستكبار.
وفي إشارة إلى أن الإمام الخميني(رض) قد أبدع وأنتج الفكر التعبوي خلال 15 عاماً من الحركة والنضال قبل انتصار الثورة، أكد قائد الثورة الاسلامية على أنه ينبغي تقدير وتعزيز الإرادة واتخاذ القرارات وعدم إهمالها.
وتابع سماحته، موضحاً بأن خطط الاستعمار والاستكبار العالمي هي إنكار تاريخ وهوية الشعوب وإذلالهم، لذا فإن عدم الخضوع لإرادة العدو والتحلّي بثقة عالية بالنفس أمر مهم لمواجهة هذه الخطة، وهذا ما تقوم به التعبئة في مواجهة الإذلال الوطني.
ووصف سماحته عوامل الاستكبار الداخلية بأنها مكملة للضغوط الخارجية والنفسية للهيمنة والاستكبار، وقال: كما حدث في حالة تأميم الصناعة النفطية، فإن هذه العوامل مع أسيادها تنكر تاريخ وهوية وقدرة البلاد لتمهيد الطريق للمستكبرين.
ووصف سماحة آية الله الخامنئي التعبئة بأنها الجدار الذي يواجه هذا الإذلال الوطني، وأشار إلى إذلال البلاد خاصة في عهدي القاجار والبهلوي، وأضاف: بعد الحرب العالمية الأولى، لم يُسمح للوفد الإيراني حتى بحضور مؤتمر باريس؛ وبطبيعة الحال، طوت الثورة الصفحة وأعادت العزة الوطنية للبلاد.
ووصف القوة الاجتماعية والعلمية بأنها سبب القوة السياسية للبلاد، وأضاف سماحته: إذا أظهر الشعب قدراته العلمية والاجتماعية بالوحدة والعزم التأهب واستقطاب القوى الفاعلة إلى الميدان، فإنه سيكتسب أيضاً قوة سياسية ويمكن أن يكون لها ثقلها على الساحة الدولية أيضاً.
وعدّ قائد الثورة الاسلامية أن التعبئة تحطّم الحصار، وقال: إن الإيمان بالذات الناتج عن روح التعبئة يُبطل السلاح الأداتي الممنهج الخطير جداً لنظام الهيمنة الذي يسعى لزرع اليأس في نفوس الأمة، وهذه الروح والقدرات الناجمة عن روح التعبئة وأبناء جبهة المقاومة ستنتصر أمام سياسات أمريكا والغرب والكيان الصهيوني.
وقال قائد الثورة الاسلامية: تتضاءل قوّة الأعداء أمام قوتنا مع وجود الخصوصيات، والتاريخ يذكر أن قوّة فرعون أعظم من قوة الاستكبار الحالي؛ ولكنها مع ذلك تهاوت.
وأشار إلى أن الغرب استخفّ بقدرات الشعوب ومعتقداتها وکان یحتقرها، وقد ردّت قوّات التعبئة على ذلك بتطوير قدراتها، وأحبطت المؤامرات الغربية وخاصة الأميركية التي أرادت خداع إیران في قضية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.
وتطرق سماحته إلى مشاكل الشباب في مختلف دول العالم، واعتبر الشعور بالعبث والعجز أمام العوائق والطرق المسدودة العقلية، هي التي تفضي إلى الإنتحار، وقال: يفكر التعبوي بمعرفة الذات والثقة في النفس، وبقدراته يحطّم الطريق المسدود، وبإرادة وعزيمة لا تُرهبه أهواء المتسلّطين، ويبتسم ساخراً للسجالات الدعائية للمستكبرين التي تعتمدتها كل من أمريكا والكيان الصهيوني في مختلف القضايا.
واعتبر قائد الثورة أن وجود مثل أعلى وهدف هو ميزة أخرى للفكر التعبوي، وأضاف: التعبئة بإيمانها بهدفها المتمثل في خلق مجتمع إسلامي وحضارة إسلامية وإرساء العدالة، تمضي قدماً دون خوف من الموت وبرغبة في تحقيق العدالة ونيل الشهادة، كما شوهدت نماذج مشرقة من شغف الشباب بالجهاد والاستشهاد في فترة الدفاع المقدس والدفاع عن المراقد المقدّسة أيضاً. وشدّد سماحته بالقول: بسبب هذه الصفات فإن التعبوي الإيراني على يقين من أنه في يوم من الأيام سيدمر الكيان الصهيوني نهائياً.
وأكد الإمام الخامنئي على ضرورة زيادة تعزيز التعبئة وتحسين نوعية وعمق أنشطتها، وقال: يجب أن تظل راية التعبئة، وهي راية الدفاع عن الحق وحقوق الشعب، مرفوعة على الدوام، وهذا يتطلب العطاء، والتعمق في تعاليم التعبئة، وزيادة جودتها، وتجنّب النظرة السطحية إلى المشكلات المراد دراستها ومناقشتها، وتشكيل حلقات التدريس والبحث.
ولفت إلى استعداد التعبئة الدائم للعب دور ذراع فاعل للأجهزة التنفيذية، واعتبر أحد جوانب تعزيز التعبئة هو استمرار هذه الأنشطة، وأضاف: التعبئة كانت دائماً تساعد الحكومات وكانت ذراعها الفاعل، رغم أن بعض الحكومات لم تكن ممتنة لها.
وأفاد سماحته أن الأميركيین يسعون إلى إشاعة الاستبداد والفوضى في المنطقة حتى يسيطروا عليها، موضحاً: انه یجب أن نعلم أن أصابع العدو لها دور في أي حادث يحصل في منطقتنا وعلينا مواجهته.
وأضاف قائد الثورة الاسلامية: إن ما يحصل في لبنان وغزة من قصف المدنيين والمباني والمستشفيات والطواقم الطبية في ليس إنتصاراً إنما جرائم حرب، وجرائم الكيان الصهيوني هذه ستحقق عكس ما يريده العدو، حيث ستحقّق انتصارات لكل من لبنان وغزة.
وتابع سماحته بأن العدو الصهيوني لم يحقق نصراً في غزة أو لبنان ولن يحقق أي نصر فيهما، بل إن جرائمه في غزة ولبنان ستعزز من قدرات المقاومة وقوتها، وإذا كان محور المقاومة الذي توسّع اليوم فانه سيزداد توسعاً غداً.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية إن على الشعبين اللبناني والفلسطيني أن يدركا أن الطريق الوحيد لمواجهة الكيان هو الكفاح المسلح. کما رأى سماحته أن ما قام به العدو هو جرائم حرب، وقرار المحكمة الجنائية الدولية غير كافٍ، ويجب إصدار حكم إعدام بحقّ نتنیاهو والقادة المجرمين.