في معظم الاعوام التي تلت عام 1321 شمسي، كان الامام يسافر في الصيف الى مشهد. وكان عدد من الطلبة ممن كانوا يكبروننا في السن، وكانوا على علاقة صداقة مع الامام، كانوا ينتهزون هذه الفرصة لاعداد عدد من المجالس واللقاءات لسماحته. ولدى وصول سماحته إلى المدرسة كانت تأتي عدة خاصة من العلماء، ربما كان يتراوح عددهم ما بين العشرة الى الخمسة عشر، لزيارة الامام والجلوس معه.. وكان يتولى الاشراف على المدرسة احد العلماء الكبار ممن على علاقة وثيقة بسماحة الامام.. وصادف شهر رمضان المبارك في ذلك العام مع فصل الصيف، وكان مسجد (كوهر شاد) في الليالي يعج بالحاضرين حتى وقت السحر. وقد اعتدت على الذهاب الى مسجد كوهر شاد في الليالي، حيث كان يرتقي المنبر وعاظ كبار، وكان والدي احد هؤلاء الوعاظ.. كان الناس موزعون في باحة المسجد والصحن، كل واحد منهم منشغلا بالدعاء والمناجاة. وكثيرا ما كنت ارى الامام قد افترش عباءته وجلس عليها بين الجموع الحاضرة. (يومئذ لم يكن الناس يعرفون سماحته سوى قلة خاصة). وفي هذا الصدد لازلت اتذكر كيف أني مررت يوماً من هناك الساعة التاسعة مساءً متوجها الى الحرم. وقد رأيت الامام جالسا يقرأ الدعاء ويتهجد. وفي الحرم الرضوي صليت ودعوت وتباحثت مع الطلبة، وبعد حوالي ثلاث ساعات عدت من نفس الطريق، فرأيت الامام لازال جالساً يصلي ويدعو
ويتلو القرآن. فعجبت كثيراً لصبر الامام وتحمله وأنه من أهل الدعاء والعبادة الى هذا الحد.
* آية الله واعظ زاده خراساني، المصدر السابق، ج3، ص189.