قال قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي: إن أمريكا تعد شريكا رئيسيا بلا شك في جرائم الكيان الصهيوني بغزة، معتبرا إياها الإرهاب بحد ذاته والتجسيد الحقيقي له.
واستقبل قائد الثورة الإسلامية، صباح أمس مجموعة من أبطال الرياضة الإيرانية والفائزين بالميداليات في الأولمبيادات العلمية العالمية، ووصف هؤلاء المكرّمين بأنهم تجسيد للتطور وتعبير عن قوة الشعب الإيراني، وقال:"لقد أثبتّم أنّ شباب إيران الواعدين، باعتبارهم رمزا للشعب، يمتلكون القدرة على بلوغ القمم وجعل عقول وعيون العالم تتجه نحو الفضاء المشرق لإيران. "
وأعرب قائد الثورة عن سعادته البالغة بلقائه جمعا من الشباب الأقوياء الذين أسعدوا الشعب وألهَموا الجيل الشاب، بعزيمتهم وجهودهم وحصولهم على الميداليات في الميادين الرياضية والعلمية، وقال:"ميدالياتكم تتفوق على ميداليات الحقب الأخرى، لأنكم حققتموها في ظلّ ظروف يسعى فيها العدو، عبر حربه الناعمة، إلى إحباط الشعب وتيئيسه وإبعاده عن اليقظة والبصيرة. لكنكم، من خلال إظهار قدرات الشعب وقوته على أرض الواقع، قدّمتم أقوى رد ممكن."
ووصف سماحته بعض الادعاءات والشائعات التي تروّج ليأس الشباب الإيراني بأنها "كلامٌ غير مبني على دراسة"، مشددا على أن:"إيران العزيزة وشبابها هم تجسيدٌ للأمل، ويجب أن ندرك هذه الحقيقة المهمة. فالشاب الإيراني، إذا اعتمد على العزيمة والجهد، يمتلك القدرة والمهارة للوصول إلى القمم، تماما كما فعلتم أنتم حين وقفتم على قمم المنافسات الرياضية والعلمية العالمية. "
وأشار قائد الثورة إلى التقدم النوعي الذي شهدته بعض المجالات منذ انتصار الثورة الإسلامية، وقال:"المثال الواضح على ذلك هو سلسلة الإنجازات التي حققتموها هذا العام، والتي قد تكون غير مسبوقة في تاريخ الرياضة الإيرانية. " وأشاد سماحته بصعود النخبة من شباب الوطن إلى قمم العلم العالمية، معتبرا أن هذه الانجازات المحققة ستُحسب لصالح الشعب الإيراني وتُنسب إليه، وتجذب أنظار العالم نحو إيران.
ووصف سماحته "احترام العلم الايراني، والسجود، ودعاء الرياضيين المنتصرين" بأنها من رموز الشعب الإيراني، وأضاف:"أيها الشباب الأعزاء الفائزون في الأولمبياد، أنتم اليوم نجومٌ لامعة، لكن بعد عشر سنوات، وبشرط مواصلة الجهد، ستكونون شموسا ساطعة. وهنا تكمن مسؤولية المسؤولين في دعمكم. "
واعتبر قائد الثورة دور الشباب بعد انتصار الثورة حركة مستمرة، وقال:" في الحرب المفروضة التي دامت 8 سنوات، كان الجيل الشاب هو من واجه العدو رغم النقص الكبير في التجهيزات، وابتكر حلولا عسكرية مذهلة، فحقّق لإيران النصر أمام عدو مجهز تجهيزا عاليا ومدعوم من كل الجهات. "
ولفت سماحته إلى ميدان العلم باعتباره ميدانا آخر يتجلى فيه مجد الوطن عبر شبابه، وذكّر بأن إيران تحتل المراتب العشر الأولى عالميا في مجالات بحثية وعلمية متعددة، مثل "النانو"، و"الليزر"، و"الطاقة النووية"، و"الصناعات العسكرية المتنوعة"، و"الإنجازات الطبية".
وتابع الإمام الخامنئي بالقول، إنه قبل أيام قليلة، سمع خبرا مهما جداً مفاده أن أحد مراكز الأبحاث في البلاد نجح في إيجاد علاج لمرض عضال.
وأشار سماحته إلى جهود الأعداء الرامية إلى منع التقدم العلمي الإيراني، وقال:"يحاول أعداء الشعب الإيراني، من خلال إنكار بعض الإنجازات أو تجاهلها، وخلط الحقائق بالأكاذيب، وتكبير بعض السلبيات، والترويج الإعلامي المنحاز، أن يظهروا إيران وكأنها مكان مظلم كئيب. لكنكم، بوقوفكم على قمم الرياضة والعلم، أظهرتم للعالم كله الفضاء المشرق لإيران. "
واعتبر سماحته فقدان الثقة بالقدرات الذاتية أحد أساليب العدو لإحباط الشعب والجيل الشاب، وحثّ الشباب على أن يعتمدوا على طاقتهم الفيّاضة، ويزيدوا من جهودهم لتحقيق النجاح، ويبثوا الأمل، ويُظهروا عظمة الوطن وشعبه.
وشدّد قائد الثورة الاسلامية على أهمية أن يستثمر الشباب مواهبهم لصالح الشعب الإيراني، وقال:"قد يرغب البعض في العيش في بلد آخر، لكن عليهم أن يدركوا أنهم، مهما تقدّموا في تلك البلدان، سيبقون غرباء، بينما إيران هي وطنكم وترابكم وملك لكم ولأبنائكم. "
وفي جزءٍ آخر من كلمته، أشار سماحة قائد الثورة الإسلامية إلى غطرسة الرئيس الأمريكي وتصريحاته الاخيرة الفارغة والسخفية، وقال:"لقد حاول هذا الشخص، من خلال زيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة واعتماد سلوكه السخيف وأكاذيبه الكثيرة حول المنطقة وإيران وشعبها، أن يرفع معنويات الصهاينة ويوحي لهم بأنه قويٌ وقادر على دعمهم، لكنه إن كان فعلا قادرا، فليذهب وليهدّئ الملايين الذين يهتفون ضده في جميع انحاء الولايات الأمريكية. "
ووصف سماحته الصفعة القوية التي وجّهتها الجمهورية الإسلامية للعدو الصهيوني في الحرب المفروضة الـ 12 يوما، بأنها السبب الرئيسي ليأس الصهاينة، وأضاف:"لم يتوقّع الصهاينة أن صاروخا إيرانيا يستطيع، بلهيبه وناره، أن يخترق أعمق مراكزهم الحساسة والمهمة، ويدمّرها ويجعلها رمادا.
وفي السياق، أكد قائد الثورة أن هذه الصواريخ لم تُشترَ أو تُستأجَر من مكان ما، بل هي من صنع أيدي الشباب الإيراني، وتحمل هوية الشاب الإيراني، وقال:"عندما يدخل الشاب الإيراني الميدان، ويعمل بجد لبناء البنية التحتية العلمية، يصبح قادرا على إنجاز مثل هذه الأعمال العظيمة. "
وأضاف: "هذه الصواريخ كانت جاهزة لدى قواتنا المسلحة وصناعاتنا الدفاعية، وهي لا تزال جاهزة، وإذا دعت الحاجة، فسيتم استخدامها مرة أخرى في الوقت المناسب".
وبعد أن لخّص سماحته سبب تصريحات ترامب الفارغة بأنه محاولة لرفع معنويات الصهاينة، تطرّق سماحته إلى بعض ادعاءات الرئيس الامريكي، وقال: "أمريكا بلا شك تُعد شريكا رئيسيا في جرائم الكيان الصهيوني بغزة، بل إن رئيس أمريكا نفسه اعترف بذلك حين صرح أنه وإدارته كانوا يعملون مع هذا الكيان في غزة. وحتى لو لم يقل ذلك، لكان الأمر واضحا، لأن الأسلحة والقنابل التي انهمرت على رؤوس أهل غزة العُزّل كانت أمريكية الصنع. "
ووصف سماحته ادعاء ترامب محاربته الإرهاب بأنه مثال آخر على أكاذيبه، وقال:"أكثر من 20 ألف طفل ورضيع استُشهدوا في حرب غزة. هل كانوا إرهابيين؟ الإرهابي الحقيقي هو أمريكا، التي أنشأت تنظيم داعش الإرهابي، وأطلقته في المنطقة، ولا تزال تحتفظ ببعض عناصره في مناطق معيّنة لاستخدامها متى شاءت. "
واعتبر سماحته استشهاد نحو 70 ألف إنسان في غزة، واستشهاد أكثر من ألف إيراني في حرب الـ 12 يوما، دليلا صارخا على الطبيعة الإرهابية لأمريكا والكيان الصهيوني، وبيّن أنهم لم يكتفوا بقتل المدنيين عشوائيا، بل اغتالوا علماء إيران مثل طهرانجي وعبّاسي، وتفاخروا بهذه الجريمة. مؤكدا أنه يجب عليهم أن يعلموا أن العلم لا يمكن اغتياله.
وأكد سماحته أن أمريكا هي الإرهاب والتجسيد الحقيقي له و هي الإرهابي الحقيقي، ووصف ادعاء ترامب بأنه صديق للشعب الإيراني ويقف بجانبه بأنه "محض كذب"، وقال:"العقوبات الثانوية التي تفرضها أمريكا، والتي تشارك فيها دولٌ كثيرة خوفا منها، موجّهة ضد الشعب الإيراني. لذا، أنتم أعداء الشعب الإيراني، وليس أصدقاءه. "
وردا على تصريحات ترامب التي تفاخر فيها بقصف المنشآت النووية الإيرانية وادّعى أنها دُمّرت، قال سماحته:"لا بأس، اعتقدوا ما شئتم، لكن من أنتم حتى تقرّروا ما إذا كان ينبغي لإيران أن تمتلك صناعة نووية أم لا؟ ما علاقة أمريكا بامتلاك إيران لصناعة نووية أو عدم امتلاكها؟ إن هذه التدخلات غير مشروعة، وخاطئة، وتنم عن البلطجة والغطرسة."
وبخصوص عرض ترامب واستعداده للتفاوض والتوصل الى اتفاق، قال:"يقول ترامب إنه مقاول و رجل صفقات، لكن إذا كانت 'الصفقة' مصحوبة بالقوة والإكراه، وكانت نتيجتها معلومة مسبقا، فهي ليست صفقة، بل فرضٌ وبلطجة ، والشعب الإيراني لن يخضع أبدا للإملاءات."
وتعليقا على تصريح ترامب عن انتشار الموت والحروب في غرب آسيا (أو ما يسمونه بالشرق الأوسط)، قال سماحته:"أنتم من يشعل الحروب. أمريكا دولة حربية، وهي إلى جانب الإرهاب، تُشعل الحروب. وإلا، فلأي غرض توجد كل هذه القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة؟ ما شأنكم أنتم هنا؟ ما علاقة هذه المنطقة بكم؟ المنطقة تخصّ شعوبها، والحروب والدمار فيها ناتجان عن الوجود الأمريكي."
وأشار سماحته إلى المظاهرات الجماهيرية التي شارك فيها 7 ملايين شخص ضد ترامب في مختلف الولايات والمدن الأمريكية، وقال:"إذا كنتم فعلا أقوياء، فبدلا من نشر الأكاذيب والتدخل في شؤون الدول الأخرى وبناء القواعد العسكرية فيها، اذهبوا وهدّئوا هؤلاء الملايين وأعيدوهم إلى بيوتهم."
وختاما، وصف سماحته مواقف رئيس أمريكا بأنها "خاطئة، وكاذبة في كثير من الأحيان، وتعكس الغطرسة"، وشدّد قائلا:"قد تنجح الغطرسة مع بعض الدول، لكن بفضل الله، لن يكون لها أي تأثير على الشعب الإيراني.