ماذا قال الامام الخميني في رسالته لعقيلة نجله السيد أحمد؟

ماذا قال الامام الخميني في رسالته لعقيلة نجله السيد أحمد؟

اهدي ابنتي العزيزة «فاطي» كتاب «آداب الصلاة» ـ جعلها اللّه‏ من المصلين ـ وإنْ كُنت أنا شخصياً لم أبلغ أسرار الصلاة، ولم أتأدب بآدابها، رغم انقضاءِ ما ينوف على الأربعين عاماً على تأليف هذا الكتاب الذي كنت قد ألّفته بعد بضع سنين من تأليف كتاب «سرِّ الصلاة».

آداب الصلاة

يعدُّ كتاب «آداب الصلاة»، الذي فرغ الإمام الخميني (قدس‏سره) من تحريره في الثاني من ربيع الثاني عام  1361هجري، بياناً تفصيلياً لآداب الصلاة القلبية واسرارها المعنوية. وكان سماحته حرر قبل ذلك بثلاثة اعوام كتاباً قيّماً أسماه «سرّ الصلاة»، حوى المعاني ذاتها ولكن بشكل موجز واسلوب لغوي يختصّ بأهل العرفان . ثم شرع بتأليف هذا الكتاب بأسلوب سهل لتتحقق الفائدة منه لأكبر عدد من القرّاء، لذا نراه يقول في مقدمته :
«قبل هذا الكتاب حررت رسالة ضمّنتها قدرا ميسوراً من أسرار الصلاة، ولكونها لا تناسب حال العامة، رأيت أن أحرر سطراً من الآداب القلبية لهذا المعراج الروحي، علّ إخوتي في الإيمان ينالون منها تذكرة ويتأثر القلب القاسي بها».
وقد طبع كتاب آداب الصلاة تحت عنوان «تحليق في الملكوت» متضمناً توضيحات وتعديلات. ثم نشر فيما بعد كما خطّه المؤلف. ونظراً لإفتقار الطبعات السابقة الجودة المطلوبة، بسبب عدم توفر النسخة الخطية لدى
الناشرين، ارتأت «مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني» مطابقة تلك النسخ مع النسخة الخطيّة مراعاة للدقة والامانة، واصدار الكتاب بحلّة جديدة.
وللكتاب مقدمتان حررهما سماحة الإمام عام 1984م، أهدى فيهما الكتاب إلى نجله «سماحة السيد أحمد الخميني» وعقيلته «السيدة فاطمة الطباطبائي».


رسالة الإمام الخميني قدس‏ سره الى السيدة فاطمة الطباطبائي، عقيلة السيد احمد الخميني يهديها فيها الكتاب

لهفي، فذا العمر انقضى بَطالةً
مخلِّفاً أثقاله .. معاصياً ثقالا
فما انقضى في طاعةٍ
وذاهب اني غداً لساحةِ العقاب
فاسمع المقالة
قد انقضى اوانها الندامة

بسمه تعالى
اهدي ابنتي العزيزة «فاطي»  كتاب «آداب الصلاة» ـ جعلها اللّه‏ من المصلين ـ وإنْ كُنت أنا شخصياً لم أبلغ  أسرار الصلاة، ولم أتأدب بآدابها، رغم انقضاءِ ما ينوف على الأربعين عاماً على تأليف هذا الكتاب الذي كنت قد ألّفته بعد بضع سنين من تأليف كتاب «سرِّ الصلاة».
اولا جرم، فإن إدراك سرّ الصلاة والتحلّي بآدابها غير التصنيف فيها، وإقامتها بحدودها غير التأليف عنها.
بل إن هذه الكتب حجة المولى تعالى على هذا العبد الفقير القليل الزاد والبضاعة، فباللّه أعوذ من أن أكون مصداقاً من مصاديق الآية الكريمة التي يثير التأمل فيها الخوف والرهبة: «يا أيها الذين آمنوا لِم تقولون ما لا تفعلون*كبُر مقتاً عند اللّه‏ أن تقولوا ما لا تفعلون»ولا ملاذ سوى رحمته التي وسعت كل شيء.
والأمل أن توفَّقي ـ أنت يا ابنتي ـ للتحلّي بآداب هذا المعراج الإلهي العظيم،فتهاجري من منزل النفس المظلم الى الباري تعالى بهداية هذا «البراق الإلهي».
وأعيذك باللّه‏ العظيم من فرط تعلق النفس ـ بعد قراءة هذه الأوراق ـ فتصبحي كمؤلف الكتاب ألعوبةً للشيطان.
بُنيّة
رغم ما ألمسه فيك من رهافة حسٍّ تدعو الى الأمل في أن تنالك هداية اللّه‏ تعالى، فتخرجي ـ بألطافه جَلَّ وعلا ـ من غيابة بِئر الطبيعة السحيق، وتجدي السبيل الى سلوك طريق الانسانية المستقيم، بيد أنّ عليك أن لا تغفلي عن كيد الشيطان والنفس الأشدّ خطراً من الشيطان. فلتستعيذي باللّه‏ جلّت عظمته فهو الرحيم بعباده.
بُنيّة
إذا لم تحصلي من مطالعة هذه الأوراق إلاّ على التظاهر والمباهاة والتفاخر فيالمجالس، فحريٌّ بك أن تُعرضي عن مطالعتها، بل أن تحرصي على تجنبها لئلا يصيبك الأسى والندم كما أصابني.
اما اذا تأهّبتِ ـ إن شاء اللّه‏ ـ وأرهفت سمع الروح لإدراك معاني مباحثها التي جُمعت مما ورد في الكتاب والسنّة وأحاديث اهل بيت العصمة عليهم‏السلام وما أفاض به أهل المعرفة، وبادرتِ الى الاستفادة عملياً مما أنعم اللّه‏ تعالى به عليكِ من لياقةٍ وشفافيةٍ فيالقريحة، فاشرعي بمطالعتها على اسم اللّه‏ تعالى و «هذا أوان الشدِّ فاشتدّي زِيَمْ» .
آمل أن توفّقي لإفراغ القلب من «الأغيار» عند العروج في هذا المعراج الانساني والمركب الرحماني، ولتطهيره بماء الحياة و بـ «التكبيرات الأربع»، ولعتق نفسك من رقِّ العُجب، حتى تصلي الحبيب «ومن يخرج من بيته
مهاجراً الى اللّه‏ ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه‏» .
اللّهم اجعلنا من المهاجرين إليك والى رسولك وأوصلنا الى الفناء في الحق،ومُنَّ على «فاطي» و «أحمد» التوفيق لكسب رضاك ونيل السعادة. والسلام.
الثاني من صفر المظفر 1405 هجري
روح اللّه‏ الموسوي الخميني   
 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء