حوار خاص لموقع الامام الخميني باللغة العربية مع حجة الإسلام محتشمي بور رئيس مكتب مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني في العراق – النجف الأشرف
حجة الاسلام والمسلمين السيد علي اكبر محتشمي بور من بين وجهاء رجال الدين الذين رافقوا الامام الخميني (قدس سره)خلال النفي في النجف الاشرف وباريس.
في الحوار التالي يتحدث هذا الرفيق الصادق والوفي لسماحة الامام (قدس سره)،عن الايام التي صحب خلالها مؤسس الجمهورية الاسلامية في المنفي، وماقامت به ممثلية موسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) في العراق-النجف الأشرف- من انشطة ثقافية.
- بدايةً حبذا لو تذكر لنا لحمة تاريخية عن تواجدكم في النجف الأشرف (1966م وما بعد) إلى جانب الإمام الخميني(قدس سره)؟
بسم الله الرحمن الرحيم – في عام 1963م وبعد سنتين من دخولي إلى حوزة آية الله مجتهدي العلمية في طهران وفقني الله بالذهاب إلى قم وهناك تسنى لي التعرف على الإمام وفهمه واستيعابه. طبعاً ومنذ عام 1961م أي بداية النضال والكفاح الدين تحت قيادة ولواء الإمام الخميني(قدس سره) كانت لي معرفة خاصة ومتميزة بالإمام رضوان الله تعالى عليه. في ذلك الحين كنا ندرس العلوم الدينية لكن تعلقنا وحبنا للإمام جعلنا نقوم بتنظيم دروسنا وأبحاثنا بشكل يسمح لنا بالجلوس ولو بعيداً في الجامع الأعظم ليتسنى لنا مشاهدة تلك الطلعة البهية والمنظر الخلاب للإمام وطريقة تدريسه المفعمة بالطاقة والمباحثات الساخنة، التي كانت تجري أثناء تدريسه. وكذلك رؤية طريقة تعامل الاستاذ مع التلميذ عن قرب .كان هذا برنامجي اليومي وهكذا حال الكثيرين من الطلبة الشباب المتعلقين بالإمام وشخصيته. بعد فترة من الزمن اعتقل الإمام مرة أخرى. ( كان الإمام قد اعتقل سنة 1963 في شهر أيار وأطلق سراحه في مارس عام 1964) ومنذ ذلك الوقت بدأ الإمام ثانية بإلقاء خطبه ودروسه في الحوزة العلمية في قم. في نوفمبر عام 1964م حيث تم إقرار قانون منح الحصانة القضايية للامريكيين في مجلس الشورى الوطني في عهد الشاه المخلوع، اعلن الإمام الخميني موقفه من ذلك القانون وعلى إثره قام نظام الشاه المخلوع باعتقاله وشاع في ذلك الحين أن أمر اعتقال الإمام كان بامر من الامريكيين. وقام النظام بنفيه مباشرة إلى تركيا. بقي الإمام أقل من عام في تركيا وذلك بسبب الجهود الكبيرة التي بذلها الشعب والشخصيات البارزة العلمية منها والدينية وبخاصة التيارات السياسية الإسلامية وحتى غير الإسلامية داخل البلاد وخارجها والرسائل والكلمات التي كانت ترسل إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أو حقوق الإنسان، حيث أجبر النظام العلماني التركي على نقل الإمام إلى مكان آخر كايران أو بلد آخر. فلو عاد الإمام إلى ايران لما استطاع نظام الشاه من السيطرة على الأوضاع داخل ايران ولكان الحدث الذي وقع سنة 1978م وقع في تلك السنة أي 1965م، لذلك قرروا نقله إلى النجف الأشرف ذلك لأن العلاقات الايرانية - العراقية انذاك كانت متوترة جداً، إضافة إلى أن الايرانيين لم يكونوا يسافرون إلى العراق ، لهذا انقطع اتصال الإمام بالناس حينا. والسبب الآخر هو أنه كان في النجف الأشرف أشخاص مرتبطين بالنظام الشاهنشاهي وأما العلماء فكان عددهم قليلاً لذلك لم تكن للإمام (قدس سره) الحرية بمتابعة نضاله في ذلك المكان، والسبب الثالث هو أنه في ذلك الوقت كان الراي أن الحوزة العلمية في النجف الأشرف تتفوق على الحوزة العلمية في قم من الناحية الفقهية والعلمية، لهذا كانوا يظنون أن الإمام سيتأثر بالفضاء العلمي الموجود في النجف الاشرف، وينضوي تحت لوائه ويبقي في حالة تهميش من الناحية الفقهية والسياسية والعلمية.
عند وصول الإمام إلى النجف الاشرف لاقى ترحيباً كبيراً من العراقيين والايرانيين الموجودين هناك كما أرسل الرئيس العراقي في ذلك الوقت وهو عبد السلام عارف ممثلاً عنه إلى الكاظمين للترحيب بالإمام وكذلك كان محافظ مدينة كربلاء يقوم أحياناً يذهب لرؤية الإمام. أما الطلبة في الحوزة العلمية في قم فقد ساروا قوافل باتجاه النجف الأشرف عبر خرمشهر وآبادان (حيث أن أكثرهم كان في سن الخدمة العسكرية وبعد أحداث 15 خرداد لم يعد نظام الشاه يمنحهم الإعفاء منها من أجل الدراسة ولم يكن بمقدورهم الحصول على جوازات سفر) ذلك لأن الشاه لم يكن يسمح بخروج الطلبة (كلمة طلق علي الدارسين في الحوزات العلمية)من ايران إلى العراق. لذلك أصبحت الحوزة العلمية في النجف الأشرف تعج بالطلبة والعلماء القادمين من الحوزة العلمية في قم. وانهارت بذلك الكفة الراجحة لاتباع وأعوان النظام الشاهنشاهي في مدينة النجف الاشرف. أما أنا فقد توجهت إلى مدينة النجف الأشرف في آذار عام 1966 أي بعد سنة أشهر من وصول الإمام إلى هناك. ونظراً لازدحام الحوزة العلمية في النجف الأشرف بالطلبة الايرانيين القادمين من الحوزة العلمية في قم، لم استطع إعداد حجرة (الغرفة التي يسكنها طالب الحوزة العلمية تسمي "حجرة")لنفسي لمدة طويلة. وبقيت مدة في حجرة أحد الأشخاص في مدرسة الخليلي حتى أجد غرفة أخرى في مدرسة ما. إلى أن استطعت وبمساعدة المرحوم الشهيد الحاج مصطفى والشيخ نصر الله الخلخالي أن أجد غرفة في مدرسة آية الله البروجردي أي المكان الذي كان يقيم فيه الإمام (قدس سره) صلاة المغرب والعشاء جماعة. طبعاً قام الإمام وبعد شهر واحد من دخوله إلى النجف الأشرف ببدء دروسه في جامع الشيخ الانصاري المشهور المعروف بمسجد الأتراك في سوق الحويش (احدي المحلات القديمة في النجف الاشرف).
كان الإمام يدرس الفقه من الساعة العاشرة وحتى الحادية عشرة وبعد الانتهاء كان يبدأ بدرس البيع. وفي البداية الأمر كان الكثير من الأشخاص والأفراد البارزين من الناحية العلمية في النجف الأشرف يحضرون دروس الإمام لتقييم مستواه العلمي، إذ كانوا على علم بأن الإمام متمكن من الناحية السياسية بسبب الأقبال الذي شاهدوه من قبل الشعب الايراني تجاهه، ولم يكونوا على علم بمستواه العلمي. حتى أن بعض العلماء الكبار في النجف الأشرف كانوا يتابعون مستوى الإمام العلمي بشكل غير مباشر. وأذكر أيضاً في ذلك الوقت حينما قرر نظام الشاه المخلوع إعدام الإمام عقب أحداث الخامس عشر من خرداد (الشهر الثالث من السنة الايرانية) بتهمة الإخلال بأمن الدولة، حيث انطلقت أنشطة وفعاليات كثيرة لدرء هذا الأمر ومن بينها ذهاب آية الله المنتظري إلى النجف للطلب من مراجع التقليد في النجف الأشرف وخاصة آية الله الحكيم الذهاب إلى ايران وتعريف الإمام الخميني(قدس سره) إلى الشاه كمرجع تقليد، لأن المراجع انذاك كانوا يتمتعون بالحصانة حسب الدستور. وعندما كان (أي آية الله المنتظري) في النجف الأشرف كان يشارك في الجلسات بحضور آية الله الحكيم. فأعجب به آية الله الحكيم وبطريقة بحثه للمواضيع وطرحه لها، فطلب آية الله المنتظري مقابلة آية الله الحكيم، وعندما قبل الأخير بذلك سرد له قصة الإمام (قدس سره) وأخبره أنه أحد تلاميذه. حينها كتب آية الله الحكيم رسالة إلى الشاه ليعلمه بمرجعية الإمام(ض). إذن فقد كان لتلاميذ الأمام دوراً في تعريف الإمام لكثير من العلماء والمراجع الكبار في ذلك الوقت. لهذا فعندما دخل الإمام الخميني(قدس سره) النجف الأشرف توجه آية الله الحكيم مباشرة للقائه وكان الإمام اول من ذهب للقاء اية الله الحكيم، أيضاً ذلك لما كان يكن له من حب واحترام وتقدير.
كان الكثير من علماء الدرجة الثانية في النجف الأشرف ممن هم تلاميذ للمراجع هناك، كانوا يحضرون دروس الإمام بغية تقييم مستواه العلمي، فكانوا يعجبون بالإمام وتشدهم شخصيته منذ الأسبوع الأول حتى أن بعضهم كان يقول أنه الآن قد تخرج ولا حاجة له لتلقي دروس آخرى، لقد كان هؤلاء من تلاميذ مكتب آية الله الخوئي وآية الله الحكيم وآقاميرزا باقر الزنجاني وغيرهم من المراجع والعلماء العظام. وأنهم بحضورهم دروس الإمام قد فهموا أنه يتوجب عليهم الحضور لسنوات ليركعوا في جلسات الامام الخميني وينهلوا من دروسه.
لقد استطاع الإمام الخميني (قدس سره) تغيير الجو الحاكم في النجف الأشرف منذ عقود، أي منذ عهد الشيخ الطوسي إذ أنه منذ ذلك الحين لم يكن أحد يتجرأ على العمل خلاف أسلوب ورأي الشيخ الطوسي حتى عهد العلامة الحلي الذي قال ليس من الصحيح بصفتنا مجتهدين أن نكون مقلدين فحسب و بإمكاننا الاعراب عن رأينا أيضاً ولكن وبعد وفاته عاد ذلك الجو القديم ليخيم على الفضاء الحاكم هناك، فعند وصول الإمام إلى النجف أدرك السبب في ذلك وهو أنه عندما يدروس كان الجميع يسكتون حتى نهاية الدرس دون أن يتكلم أحد منهم. لذلك قام الإمام بانتقاد هذا السلوك وقال ما هذا الذي أراه هنا؟ يجب ان يكون الدرس مفعما بالحيوية والنشاط، هنا يجب أن يلقي الاستاذ دروسه والتلميذ يطرح إشكالاته ينبغي عليكم ايها الطلبة أن تحقحقوا بأنفسكم فليس من الصحيح أن أقوم انا بإلقاء الدرس وكلكم صامتون.
لقد استطاع الإمام الخميني أن يوجد تغييراً وتحولاً خاصاً في ساحة استنباط الأحكام كدليل على ذلك لو قارنّا شخصية الشهيد الصدر قبل وبعد دخول الإمام إلى النجف الأشرف لرأينا اختلافاً كبيراً وواسعاً، لقد تأثر الشهيد الصدر بأفكار الإمام السياسية والعلمية بشكل كبير. فلو قرأتم كتب الشهيد الصدر لرأيتم أنها تختلف عن كتب سائر الفقهاء هناك اختلافاً جذرياً. لقد كان الشهيد الصدر ممن تتلمذوا على يد السيد الحكيم أو الخوئي إلا أنه من ناحية الأبحاث الفقهية والأصولية والفلسفية يختلف عنهما بشكل كبير. إن الشهيد الصدر يشبه إلى حد كبير الشهيد مطهري (تلميذ الإمام الخميني) من الناحية العلمية والفكرية. لقد أدى هذا التغيير والتحول الذي أحدثه الإمام في ذلك المكان إلى انهزام الشاهي وتهشمه.
لقدكان الإمام بادئ الأمر عادياً كاي شخص إلا أنه رويداً رويداً تحول إلى شخصية بارزة ومعروفة يزورها الناس من كل بقاع الأرض.
النقطة المهمة الاخرى التي يجب التطرق اليها هي مسألة الاختلاف الطبقي القائمة على اساس القومية التي كانت سائدة في النجف الاشرف والتي كانت تؤثر على الوضع المعيشي للناس هناك فالعربي مثلاً كان يتلقى راتباً أكثر من الايراني وهكذا بالنسبة لباقي القوميات الأخرى كالباكستاني والأفغاني، إذ استطاع الإمام (قدس سره) تغيير هذه النظرة والاسلوب في التعامل مع الناس وعاد بالناس جميعهم بما فيهم المراجع الكبار إلى زمن المساواة في عهد النبي محمد (ص) "كلنا من آدم وآدم من تراب" لقد كان هذا هو الحاصل الذي استقاه الإمام من الإسلام المحمدي الأصيل وسعى لتطبيقه. ومع الجهود التي بذلها الإمام في هذا السياق ازدادت رواتب الطلبة التي لم تكن تكفيهم لعدة اسابيع حتى ان بعضهم كان يعاني الجوع بقية الشهر، إلى أن كتب أحد المراجع والعلماء إلى الإمام قائلاً إلى متى تريد أن تزيد من راتب الطلبة فرد الإمام قائلاً أن لكل واحد من هؤلاء الطلبة حكمه حكم دبابة وجندي يقف في وجه الأعداء ويفقأ اعينهم، يجب علينا ألقيام بعمل يرفع عزتهم حتى يحتفظوا بكرامتهم، فالطالب والمتدين الذي يعد جندي في جيش الإسلام الأصيل يجب أن تكون له عزة نفس ولا يحس بالضعف والوهن مقابل القوى العظمى. على كل حال إن لم يكن لدينا المال فسننفق بالقدر الذي لدينا واذا توفر المال فسننفق على الطلبة. يجب أن تتطور هذه الحوزة في النجف وتتغير.
لقد تحول الإمام الخميني (قدس سره) عند ذهابه إلى النجف الاشرف من شخصية بارزة ومعروفة على الساحة الايرانية إلى شخصية سياسية ودولية عظيمة ومرجع تقليد لعامة الشيعة في العالم في مختلف البلدان كالعراق وسوريا وافغانستان وباكستان وافريقيا و ... الأمر الذي جعل نظام الشاه المخلوع يرسل فريقاً إلى العراق للتعاون مع النظام العراقي لاغتيال الإمام(قدس سره) حيث استشهد على إثر ذلك الحاج السيد مصطفى نجل الإمام الذي كان استشهاده شعلة لانطلاق الثورة الإسلامية في ايران. حينها تصور النظام المخلوع انه وباستشهاد الحاج السيد مصطفى سيطفئ نور الإمام (قدس سره) فبسبب جهلهم لم يدركوا أن كل كان عند السيد الحاج مصطفى هو من الافكار و علوم الإمام ذاته فكل حماقة كانوا يرتكبونها كانت تعود بالنفع على الإمام (قدس سره).
- يرجى أن تتحدثوا عن منزل الإمام الذي أصبح مركزاً ثقافياً في النجف الأشرف وبرامجه المستقبلية؟
عاش الإمام الخميني في النجف الأشرف لفترة زمنية تمتد لحوالي 13 عاماً (من شهر اكتوبر سنة 1965 حتى شهر نوفمبر سنة 1978) وله الكثير من الذكريات منذ دخوله العراق وحتى مغادرته، فعند دخول الإمام إلى العراق نزل في الكاظمين في فندق السيد جمالي وبقي هناك عدة ليالٍ ومن ثم انتقل إلى سامراء و فإلى كربلاء حيث اقام في منزلٍ يعود لشخص ايراني الأصل يدعى الحاج رئيس وهو موجود حتى الآن، واقام الإمام في ذلك المنزل قرابة أسبوع قبل ذهابه إلى النجف. كان الإمام يحب هذا المنزل كثيراً إذ كان يرتاده خلال ذهابه غلى كربلاء شهرياً خلال فترة تواجده في النجف، وأخيراً توجه إلى النجف الأشرف وحيث استأجر منزلاً تبلغ مساحته 100-120 متراً وعاش فيه مع عائلته. كان المنزل بطابقين ويتألف من 4-5 غرف، كمااستأجر الإمام ايضاً منزلاً آخراً بمساحة 78 متراً كمكتب له لاستقبال زواره ومراجعيه من ايران أو الأماكن الأخرى. كان الحاج السيد مصطفى يقوم قبل حوالي ساعة من أذان الظهر بتناول أحد الأبحاث بعد انتهاء درس الإمام. والمكان الثالث الذي كان له ذكريات كبيرة للإمام خلال تواجده في النجف الأشرف خلال ال 13 عاماً من إقامته هو مسجد الشيخ الأنصاري الذي كان معروفاً بزهده وتقواه بين الشيعة على مر التاريخ حيث كان يقيم هناك صلاة الجماعة ظهراً وعصراً ويلقي محاضراته ودروسه من منبر ذلك العالم الجليل. ومن الأماكن الأخرى التي كان للإمام فيها ذكريات، مدرسة المرحوم آية الله البروجردي حيث كان الإمام يقيم فيها صلاة المغرب والعشاء كل ليلة. ومن اهم الاماكن التي كان يرتادها الإمام خلال تواجده في النجف هو مزار الإمام علي (ع) إذ كان يذهب إلى هناك كل ليلة (عدا الايام التي كان يغلق فيها الحرم بغية تنظيفه) ويقرأ زيارة أمين الله. هذه كانت الاماكن التي تعتبر تراث تواجد الإمام في النجف الأشرف خلال فترة تمتد لـ 13 عاماً.
بعد سقوط النظام الدموي الصدامي وتقلد السلطة من قبل أناس منتخبين من قبل الشعب تغير الفضاء الحاكم في العراق، فكان العمل الذي تقوم به مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قدس سره) هو إحياء الآثار المتبقية من عهد الإمام الراحل (قدس سره) في النجف الأشرف، حيث عقدت عدة اجتماعات بهذا الخصوص واجمع مسؤولوها بالتعاون مع الأصدقاء المتواجدين في النجف الاشرف على شراء المنزل الذي كان يقيم فيه الإمام الخميني هنالك. إلا أن المنزل كان قد دمر بالكامل نتيجة خلوه من الناس ونتيجة الفيضانات والأمطار، وهنالك صورة تظهر المنزل كيف كان في السابق، فقاموا بشراء المنزل وهو مدمر بالكامل وإعادة إعماره وكما كان السابقاً إلا أنه أصبح حديثاً وجديداً. فلو شاهدتم صورة المنزل في السابق للاحظتم التشقق والتصدع الذي كان في جدرانه حيث أن الامام كان يقيم في ذلك المنزل المتهرئ طوال السنوات الثلاثة عشرة. في المرحلة التالية كان من المقرر شراء مكتب الإمام الذي تم بعد فترة من الزمن أيضاً، حيت تمت إعادة إعماره هو أيضاً نظراً لوهنه وقدمه. كما عملت المؤسسة في وقت قصير على شراء منزل بجانب منزل الإمام تبلغ مساحته 140-150م متراً ومؤلف من 5 طوابق، ليكون منارة لإحياء فكر الإمام (قدس سره) وطريقه الذي كان قد بدأه حين وصوله إلى النجف الأشرف، حيث تقام في ذلك المكان الدروس والأبحاث التي تتناول مختلف المواضيع الفقهية والأصولية والعرفانية والبحثية. سنقوم بإنشاء مكتبة معتبرة هناك وكذلك صالة للاجتماعات، ليكون ذلك المنزل في الواقع مدرسة الإمام الخميني(قدس سره).
لنا هناك حركة ثقافية تأسيسية، فلو فرضتم أن لدينا في النجف إلى جانب منزل الإمام 10 دروس من الصباح وحتى الظهر خلال 4 ساعات تقام لأربع مرات، سيكون لدينا حينها 40 درساً. إلى جانب هذا تقام الدروس ليلاً في هذا المكان، وعندئذٍ سيكون هذا المكان صرحاً ثقافياً وفكرياً ينضوي تحت لواء واسم الإمام (قدس سره) ويتبنى أفكاره واهدافه وتطلعاته. حينها، عندما يأتي الكثير من الطلبة لنفرض 500 طالب ويتعلمون في هذه المدرسة، سيصبحون شديدي التعلق بالإمام وأفكاره وتوجهاته، وسيزداد شوقهم للتعرف على هذه الشخصية الفذَّة. لقد قمنا هنالك بإنشاء مكتبة الإمام التخصصية وسنعمل على توسيعها وتطويرها وتنميتها ليتسنى للطلبة وبكل سهولة الوصول إلى كتب الإمام بما فيها الفقهية والأصولية وباقي الكتب الأخرى، وبمختلف اللغات. فأول ما ينبغي ان نفعله هو نشر افكار الإمام وتوسيعها، ليتسنى لنا على المدى البعيد من إقامة حوزة الإمام الكبيرة في النجف الأشرف. لقد قمنا بالخطوات الأولى في هذا المجال وبعون الله سنخطوا الخطوات التالية، ولا ينبغي أن تكون هذه الحركة محصورة في محيط النجف الأشرف فحسب بل علينا الذهاب إلى كربلاء ونشرها هناك أيضاً، فلو استطعنا أن ننقل هذه المدرسة الفكرية العظيمة أي الفكر المحمدي الأصيل إلى كربلاء والكاظمين وباقي المدن العراقية، ونقوم بإحيائها مرة أخرى بعد 1400 سنة من زمن النبي الأكرم (ص) في العراق وايران ونشرها في مختلف الساحات في العراق، حينها يمكن أن يكون العراق المكان الثاني للشيعة في العالم المعاصر. تبلغ نسبة الشيعة في العراق 70 % وهم من الشيعة المخلصين والشباب الشيعي العراقي في النجف والعراق قاطبةً مهتم بالمسائل والقضايا الإسلامية والشرعية كالصلاة والصيام و ... خلاف ما كان سائداً قبل قيام الثورة الإسلامية، بشكل لا نجد له مثيلاً في العالم. لذلك علينا نشر الفكر المحمدي الأصيل في العراق.
-كيف يمكن لمؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني(قدس سره) وبالأخص قسم الشؤون الدولية؛ نشر أفكار وأهداف وتطلعات سماحة الإمام الخميني (قدس سره) في الظروف الحالية القائمة، في ظل التطور المنطقه والصحوة الإسلامية؟
إن أفكار الإمام الخميني (قدس سره) هي بحكم الماء العذب والصافي إن لم يعترضها شيء وجدت طريقها بنفسها. لكن إن كان هنالك ما يمنعها ستواجه المشاكل. إن أفكار الإمام (قدس سره) ستقوم بدورها من تلقاء نفسها وستنشر إينما كانت ويتم تعريفها وعرضها. حينها سينساق باتجاها الضمير والطبيعة الصافية. امامنا الكثير من الموانع والعقبات في الداخل والتي تشكل الغيوم الداكنة التي تقف في وجه نشر هذه الصورة النورانية والفكر الأصيل والخالص للإمام. فلو أن هذه الغيوم أزيحت جانباً وترك لأفكار الإمام (قدس سره) العنان لظهرت وبانت أصالتها ونورانيتها للجميع مرة أخرى. مثلاً الآن ومع تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد أزيح القليل من هذه الغيوم نرى كيف تركت أفكار الإمام تأثيرها الكبير مرة أخرى على الدول الأخرى. عندما كنت في العراق زمن الانتخابات لاحظت أنه تم التطرق إلى بحث الإمام الراحل في حين أنني وخلال تواجدي في العراق لثلاث سنوات لم أسمع بهذا الموضوع من قبل، لكن الآن الأمر تغير، وعلينا الآن القيام ببعض الأعمال لازاحة هذه الغيوم ونعرف المجتمعات العربية وغير العربية بأفكار وتطلعات الإمام بشكل أفضل.