خطاب الامام الخميني (قدس سره)بمناسبة استشهاد آية الله مرتضى المطهري، الفيلسوف والمفكر الاسلامي الكبير وعضو مجلس قيادة الثورة. استشهد الشهيد المطهري في ليلة الثاني عشر من ارديبهشت (الشهر الثاني الايرانية) سنة 1358 ه-. ش/ 1980 م ، أي بعد أقل من أربعة أشهر على انتصار الثورة الاسلامية ، على يد جماعة فرقان المنحرفة التابعة فكريا إلي زمرة مجاهدي خلق الإرهابية، والتحق بالرفيق الأعلى، اغتالوه… لقد نفذ صبرهم وهم يشاهدونه يدفع بعجلة الثورة الإسلامية إلى الإمام بقلمه ولسانه وكل ما بوسعه فيما يلي نص هذا الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
إنني أعزي وأبارك للإسلام وأوليائه العظام وللأمة الإسلامية لا سيما الشعب الشعب الإيراني المجاهد، الحادثة المؤسفة لفقدان الشهيد العظيم والمفكر الفيلسوف والفقيه الكبير المرحوم الحاج الشيخ مرتضى مطهري- قدس سره- .. اعزي بشهادة شخصية أمضت عمرها الشريف والثمين على طريق الأهداف الإسلامية المقدسة، وحاربت بضراوة الاعوجاجات والانحرافات. العزاء في شهادة رجل قلَّ نظيره في احاطته بالإسلام والعلوم الإسلامية وفنون القرآن الكريم. لقد فقدت ابناً عزيزاً للغاية وجلست للعزاء بإحدى الشخصيات التي تعد ثمرة عمري. فبشهادة هذا الابن البار والعالم الخالد ثلم الإسلام العزيز ثلمة لا يسدها شيء.
وأبارك وجود هذه الشخصيات المضحية التي تشع بضيائها في حياتها وبعد مماتها .. إنني أبارك للإسلام العظيم مربي الإنسان، وللأمة الإسلامية، تربية أمثال هؤلاء الأبناء الذين يحيون الأموات بضياء أشعتهم ويملؤون الظلمات نوراً .. إنني وإن فقدت ابنا عزيزاً كان بضعة مني، ولكنني فخور بوجود أمثال هؤلاء الأبناء المضحين في الإسلام.
مطهري، الذي قل نظيره في طهارة الروح وقوة الإيمان وقدرة البيان، رحل عنا والتحق بالرفيق الأعلى، ولكن، ليعلم الأشرار أنه بذهابه لا تنتهي شخصيته الإسلامية والعلمية والفلسفية.
ليس بوسع الإرهابيين اغتيال الشخصية الإنسانية لرجال الإسلام. وليعلموا إن شعبنا برحيل الأشخاص العظام يزداد- بإذن الله القوي- اصراراً على نضاله ضد الفساد والاستبداد والاستعمار. إن شعبنا قد عثر على طريقه، ولن يتهاون في اجتثاث الجذور المتعفنة. للنظام المباد وأنصاره المنحوسين.
إن الإسلام العزيز قد انتشر وازدهر بالتضحية وتقديم الأعزة. ذلك أن منهج الإسلام منذ عصر الوحي والى الآن يتمثل في الشهادة الملتحمة بالشهامة. القتال في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين من أولويات منهج الإسلام (ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والولدان).إن هؤلاء الذين لمسوا هزيمتهم وموتهم، ويريدون بهذا السلوك غير الإنساني أن ينتقموا أو يخيفوا- بخيالهم الساذج- المجاهدين في الإسلام، قد أخطأوا الظن، إذ أن كل شعرة لشهيد منّا وكل قطرة دم تسقط على الأرض، ستنبت مناضلًا بطلًا إلّا أن تقتلوا جميع أفراد الشعب الشجاع، وإلّا فقتل واحد مهما كان عظيما لا يفيد في إعادة النهب. إن الأمة التي نهضت بالاعتماد على الله العظيم من أجل إحياء الإسلام لن تتراجع أمام هذه المحاولات اليائسة. إننا على استعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل الله.
إنني أعلن يوم الخميس 13 أردبيهشت 58 عزاءً عاماً من أجل تكريم شخصية مضحية ومجاهدة في سبيل الإسلام والشعب وسوف أجلس للعزاء في المدرسة الفيضية يومي الخميس والجمعة. أسأل الله المتعال الرحمة والغفران لابن الإسلام البار، والعزة والعظمة للاسلام، والسلام على شهداء طريق الحق والحرية.»
روح الله الموسوي الخميني
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج7، ص: 136
ما هو ذنب مطهري؟!
هؤلاء الذين قتلوا الشيخ مطهري، الذي لم يؤذ حتى نملة، إنني أعرف هذا الرجل منذ ما يقرب عشرين عاماً، إنسان بتلك الانسانية وبتلك السلامة، بذلك الأدب، لماذا قتلوه؟ ما هو ذنب مطهري؟ هل قتل أحداً؟ ماذا فعل؟ أليس هو انساناً؟! ألم يكن فيلسوفاً وعالماً وفقيهاً، ألم يكن بشراً؟! يقتلون هذا الانسان بهذا الشكل دون أن يكون له أي ذنب. ما هو ذنب «قرني»( الشهيد ولي الله قرني، رئيس هيئة الأركان بعد انتصار الثورة الإسلامية)؟ ماذا فعل هؤلاء حتى استحقوا القتل؟ إن لديهم الآن قائمة بأسماء الذين يريدون قتلهم. يتصورون أنه بقتل مطهري وأمثال مطهري، سينحبوا لهيب هذه النهضة، وتضيع ثانية حقوق شعبنا. بل أن أدعياء حقوق الانسان لم يكتبوا حتى كلمة واحدة بخصوص مقتل الشهيد مطهري. ولم يتحدثوا بشيء. إننا لم نسمعهم يتكلمون بشيء. أليس هذا انساناً؟! لم يعترضوا، لم يتكلموا، لم يستنكروا هذه الجريمة.
هل يجهلون ذلك؟ فلماذا إذاً لم ينتقدوا الجماعة التي قامت بذلك؟ إننا إذا عثرنا الآن على قاتل الشيخ مطهري وعاقبناه، وحكمنا عليه بالقصاص، سيرتفع صوتهم اعتراضاً على ذلك بأنه عنف! أليس هذا عنفاً أن يقتل إنسان دون ذنب؟ نعم، أحياناً يكون الإنسان قد فعل شيئاً، ولكن هذا الإنسان لم يكن لديه عمل غير التعلم والتعليم. كان إنساناً محترماً أعرفه منذ قرابة عشرين عاماً ومطلع على أوضاعه وأحواله، وأعرفه بأنه لم يؤذ أحداً. شخص قد أجهد نفسه من أجل هذا الشعب، كان كاتباً، فيلسوفاً، مفكراً. هل يستحق القتل حتى قتلوه؟ أين هي جمعية حقوق الإنسان، لماذا لم تصدر منهم أية كلمة؟ إننا لو عثرنا الآن على القاتل وقتلناه، ستبدأ أقلام (حقوق الإنسان) بالكتابة والدعاية ووصف ذلك بالعنف، وأنه يوجد في إيران عنف. ولا يراعون حقوق الانسان. أي أناس؟ إنني لا أدري أية تربية تربى عليها هؤلاء، وأية حيوانات هم هؤلاء؟!
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج7، ص: 234
اغتيال الشخصيات الدينية واصداؤه
انا اتعجّب من حماقة هؤلاء، إذ لا يرومون تصفية فرد مثل الشيخ المطهّري والشيخ المفتّح. إنّ هذه الأمور وسيلة لتثبيط النهضة. وحماقة هؤلاء تنشأ من انهم رأوا أنّهم كلّما اغتالوا فرداً تزايد وجود الجماهير الإيرانية في ساحات النهضة. فلو كان هكذا مثلًا، حيناغتالوا المرحوم المطهري انسحب نصف الناس، فحين ذلك كانوا سيغتالون المرحوم القاضي (إمام الجمعة في تبريز الذي اغتالته جماعة فرقان) والمرحوم الشيخ المفتح والآخرين. ولكنهم حين رأوا أنهم كلما اغتالوا شخصاً شهد ميدان النهضة ازدهاراً وإقبالًا شعبياً، واشتدّ ساعدُ النهضة. فلماذا يمارس هؤلاء مثل هذه الجرائم؟ إن جميع هذا لأنّ الله ختم على سمعهم وأبصارهم. لقد حرمهم من إدراكهم لإيجاد الطريق الصحيح. أي أنهم حرموا أنفسهم بأنفسهم ومهّدوا لهذا الأمر. إنّهم كانوا السبب في حرمان أنفسهم عناية الله التي كان يجب أن تهدي جميع الشرائح. وبعد أن حرموا أنفسهم يقومون بأعمال خلافاً لمصلحتهم.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج11، ص: 270
ولان هذا اليوم يصادف الذكرى السنوية لوفاة المرحوم المطهري- رحمه الله- فان بودي ان ادلي بحديث مختصر عنه. لقد كان المرحوم السيد المطهري شخصا واحدا اجتمعت فيه الجوانب المختلفة، فالخدمة التي قدمها المرحوم المطهري للجيل الشاب وللاخرين، لم يقدمها احد من قبله الا نادرا. فالمؤلفات التي خلفها جيدة جميعها دون استثناء. وانا لا اعرف شخصا اخر استطيع ان اقول بشأن آثاره ان جميعها جيدة دون استثناء. فآثاره جميعها جيدة دون استثناء ومن شانها ان تربي الانسان؛ لقد خدم هذا الرجل الكبير البلد، وقدم خدمات جليلة في اجواء الارهاب تلك. فنسال الله بحق الرسول الاكرم ان يحشره مع الرسول الاكرم. وان يتفضل الله على جميع شهدائنا بالرحمة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 183
الاشادة بشخصية الشهيد المطهري وخدماته وآثاره العلمية
..الشهيد مطهري، الذي ترك في عمره القصير آثاراً خالدة هي شعاع من الضمير اليقظ والروح الممتلئة بالعشق للمذهب.
لقد انكب بقلم سلس وفكر ثر على تحليل المسائل الإسلامية وتوضيح الحقائق الفلسفية وتعليم وتربية المجتمع بلغة الناس وبدون قلق واضطراب.
لقد كانت آثار قلمه ولسانه معلمة ومريحة للروح بدون استثناء ولقد كانت مواعظه ونصائحه النابعة من قلب مفعم بالإيمان والعقيدة، مفيدة وباعثة للسرور للخواص والعوام، لقد كان الأمل في قطف ثمار العلم والإيمان من هذه الشجرة أكثر مما تركها من آثار لتقدم علماء اقوياء إلى المجتمع.
ومع الأسف لم تعط أيدي الجناة أية مهلة، فحرمت شبابنا من الثمرة الطيبة لهذه الشجرة الباسقة، والشكر لله فإن ما بقي لدينا من آثار هذا الأستاذ الشهيد، بمحتواها الغني تعد مربية ومعلّمة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج14، ص: 256
حث الشباب على الانتفاع من مؤلفات وكتب الاستاذ الشهيد المطهري
مع ان الثورة الإسلامية في إيران قد انتصرت بإرادة الله تعالى وتوفيقه رغم الحاقدين والمغامرين، وأنشئت المؤسسات الإسلامية-- الثورية واحدة تلو الأخرى بهدوء ونجاح في غضون عام تقريباً، الا ان شعبنا وحوزاتنا الإسلامية والعلمية منيت بخسائر فادحة على يد المنافقين المعادين للثورة، ومن ذلك الاغتيال الخائن للمرحوم العلامة والخبير الإسلامي المرموق حجة الإسلام الحاج الشيخ مرتضى المطهري-- رحمة الله عليه.
انني لا استطيع في هذه الحال الاعراب عن مشاعري وعواطفي حيال هذه الشخصية العزيزة. وما يجب ان اقوله هو انه قدم خدمات جليلة للإسلام والعلم، ومن المؤسف جداً ان اليد الخائنة قطعت هذه الشجرة المثمرة من الحوزات العلمية والإسلامية، وحرمت الجميع من الثمار القيمة لهذا المرحوم. لقد كان المطهري أبناً عزيزاً لي وسنداً قوياً للحوزات الدينية والعلمية وخادماً مفيداً للشعب والبلاد. رحمه لله وحشره مع كبار خَدَمة الإسلام.
يتناهى إلى الاسماع حالياً أن معارضي الإسلام، والجماعات المعادية للثورة، ينوون بدعاياتهم الهدامة للإسلام، كفَّ شبابنا الجامعيين الاعزاء عن الانتفاع من مؤلفات هذا الاستاذ الفقيد. وانا اوصي الطلبة الجامعيين وطبقة المثقفين الملتزمين ان لا يتركوا كتب هذا الاستاذ العزيز تنسى، بفعل الدسائس غير الإسلامية.
لقد التحق الشهيد الأستاذ مرتضى مطهري بالرفيق الأعلى، يحشره الله برحمته مع أوليائه.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج12، ص: 161