رواية عن زواج الامام الخميني(رض)

رواية عن زواج الامام الخميني(رض)

أسرة العريس كانت قد جاءت في اليوم الأول من شهر رمضان، وكان ذلك في اليوم الثامن. وخلال هذه الفترة كنت في دار والدي، وكانت والدتي تقوم بواجب الضيافة علي أحسن وجه.. ثم أخذوا يبحثون عن دار للايجار كى ينقلوا اليها العروس.

الحاج السيد محمد صادق لواساني، الصديق المشترك لكل من أسرة الثقفي والامام الخميني، هو الذي مهّد الارضية للتعارف وزواج سماحة الامام من السيدة (قدس ايران). فقد قال مرّة للحاج السيد روح الله : لماذا لا تتزوج؟ . فأجابه الامام: «لم أجد من أرتضيها للزواج حتي الآن، ولا أريد أن أتزوج بأمرأة من خمين. لذا لم يخطر ببالي أحد».. في هذه الأثناء قال السيد لواساني للامام: لدي السيد ثقفي بنتان، وأن زوجة أخي تقول إنهما حسنتان..
وهكذا يأخذ السيد لواساني علي عاتقه مهمة الخطوبة من هذه العائلة. غير أن ردّ الفتاة كان (الرفض)، لأنها لم تكن تحب مدينة قم، ولاترغب بالزواج من طالب العلوم الدينية.
وفي هذا الصدد تقول زوجة الامام: "  موضوع الخطوبة استغرق شهرين تقريباً، لأني لم أكن مستعدة للذهاب الي قم.. كان والدي يعرف "السيد" جيداً نظراً للصداقة التي كانت بينهما ، إلا أني كنت أقول: أنا لن أذهب الى قم اصلاً، علي الرغم من أني كنت قد أيقنت بأن هذه الزيجة مقدرة نظراً للأحلام المشجعة التي رأيتها... وأخيراً جاء السيد احمد لواساني - للمرة الخامسة خلال شهرين - وقال: ما هو قراركم في النهاية؟ .. اراد والدي أن ينهي الموضوع و يردّ عليه بالقول: أنا لا استطيع أن أجبر أبنتي على الزواج . إن الأمر يعود لها ولجدّتها، ونحن نحترم جدّتها كثيراً... " .
في مثل هذه الأيام، يقول والد زوجة الامام لإبنته: " الأمر يعود لك ، ولكن أري فيه – السيد روح الله - رجلاً مؤهلاً ذا علم و دين، وأن تدينه لن يدع (قدسي) العزيزة تري ما يعكر صفو حياتها ".
وأخيراً ، وإثر الموافقة الضمنية للسيدة ( قدس ايران ) ، يأتي السيد احمد لواساني و شقيقا الامام و السيد محمد صادق لواساني والعريس مع خادم يدعي مسيب، الى منزل الحاج السيد ثقفي لطلب يد الفتاة.. و السيدة التي كانت يومئذ في منزل جدّتها، تأتي الي منزل أبيها لترى العريس وتتخذ قرارها النهائي.
وفي هذا الخصوص تقول زوجة الامام: " كان الرجال جالسين في الحجرة ، فأخذت أنظر إلى العريس من وراء النافذة ... والدتي وشقيقاتي جئن ايضاً و نظرنّ الى العريس، لأن أياً منهن لم تراه من قبل .. كان منظر العريس مقبولاً بالنسبة لي ... كان أبي يقول دائماً: أريد أبناً عالماً .. أتمني أن يكون صهري من أهل العلم .. وهذا ما حصل.
وتمضي زوجة الامام بالقول: " أسرة العريس كانت قد جاءت في اليوم الأول من شهر رمضان، وكان ذلك في اليوم الثامن. وخلال هذه الفترة كنت في دار والدي، وكانت والدتي تقوم بواجب الضيافة علي أحسن وجه.. ثم أخذوا يبحثون عن دار للايجار كى ينقلوا اليها العروس. وكان قد قرر أن يقام العرس في طهران ومن ثم ننتقل الى مدينة قم.. وبعد ثمانية أيام تم العثور علي الدار.. فقال لي أبي: أوكليني كى أوكل السيد احمد ليذهب الي مزار السيد عبدالعظيم (الحسني) لقراءة صيغة العقد هناك. وأن السيد العريس سيوكل شقيقه السيد بسنديدة. صمت قليلاً ثم قلت: نعم ، قبلت.
وهكذا ذهبوا لإجراء مراسم العقد.. و بعد اعداد المنزل قال والدي: جهزوا بيتها، فإنهما عازمان على الذهاب الي منزلهما.. فبعثوا بالأثاث الضروري كالفراش ولحاف كرسي التدفئة وأدوات المطبخ وأشياء أخرى... وفي ليلة الخامس عشر أو السادس عشر من شهر رمضان المبارك، تمت دعوة الاصدقاء والاقارب، وارتديت فستاناً ابيض أنيقاً طرّزته أبنة عمي تطريزاً ماهراً... كان صداقي ألف تومان. وأن اسرة العريس كانت قد اقترحت علي قائلة: اذا ما أحببتي يمكن أن يكون الصداق منزلاً. إلاّ أن والدي قال لي: ليس لدّي اطلاع حول العقارات، ولاعلم لي باسعار  المنازل في مدينة خمين. ولذلك تم تحديد الصداق بالمال. ولم أطالب بالصداق أبداً، بيد أن الامام أوصى في أواخر حياته بأن يسجّل جزء من المنزل في قم باسمي بدلاً لصداقي " .
تذكر السيدة فاطمة طباطبائي، زوجة السيد احمد نجل الامام، في مذكراتها التي أسمتها (أقليم الخواطر): تقول السيدة (قدس ايران) بشأن شراء ملابس العروس و مستلزمات العرس: كانت عبارة عن قطعتين من القماش احداهما من المخمل والأخري من الحرير، اضافة خاتم و زوج قيراط من الذهب المطعم بالياقوت الأحمر وتعداد من الوسائل الأخرى، تم شراؤها من احد اصدقاء "السيد" في سوق الشاه عبدالعظيم الحسني (ع).
سألتها - تقول  السيدة طباطبائي - :هل أعجبتكم - أنت وأسرتك - الاشياء التي اشتروها لك؟ فقالت السيدة:لم تكن  سيئة.. فقد عملنا من قطعة قماش المخمل غطاءً للملحفة، لأن لونهالم يكن يعجبني.
وفي موضع آخر من كتابها تذكر كنّه الامام: فيما يتعلق بتجهيز العروس، تقول السيدة: استأجر السيد داراً بالقرب من محلة بامنار- ضواحي منطقة 12 بطهران – زقاق الميرزا محمود الوزير. وبعد أيام من عقد القران، جاءوا بالجهيزية و وضبوها داخل المنزل. وفي شهر رمضان بدأنا حياتنا المشتركة.. مكثنا شهر أو شهرين في هذا المنزل، ومن ثم إنتقلنا الى مدينة قم عندما بدأت الدراسة في الحوزة العلمية.
وهكذا بدأ سماحة الامام حياته المشتركة مع نصيرته ورفيقة دربه، وفتح فصلاً جديداً في حياته و في مسيرته التكاملية ، حيث شهد نضال سماحة الامام الطويل والمرير ضد النظام الشاهنشاهي المستبد، نقلة نوعية على طريق استقلال و تحرير الشعب الايراني البطل في ظل قيادته الربانية..
ان الوقائع والاحداث التي زخرت بها مرحلة النضال والجهاد والمسؤوليات الجسيمة التي تحمل اعباءها قائد النهضة الاسلامية لهذه الأمة، لم تفت في عضد سماحة الامام و لم تثنيه عن النهوض بمهامه و مسؤولياته تجاه أسرته و أهل بيته .. ان كل صفحة من صفحات سجل خواطر قائد الثورة الاسلامية الايرانية الفذ ، تزخر باهتماماته المتزامنة مابين مقارعة الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي، و إنقاذ الشعب الايراني المظلوم ، وفي الوقت نفسه تحمله لأعباء المسؤولية تجاه الأسرة والزوجة والأبناء.
وفي عبارات صادقة وخالصة تقول زوجة الامام بهذا الشأن: " كان تعامل الامام معي في غاية الاحترام علي الدوام..لم يكن يتحدث معي بلهجة حادة مطلقاً. واذا ما احتاج الي لباس ما أو حتي الى الشاي، كان يقول: هل من الممكن أن تقولي لهم أن يأتوا باللباس الفلاني ؟ واحياناً كان يذهب بنفسه و يصبّ الشاي.حتي في ذروة غضبه لم يكن يتخطى الاحترام و الأدب.. كان يقترح عليّ دائماً الجلوس في افضل مكان بالحجرة .. ومالم أحضر الي المائدة لم يبدأ بتناول الطعام. وكان يقول للأبناء: انتظروا حتي تأتي والدتكم . غير أن ذلك لا يعني أننا كنا نعيش حياة مرفهة.. بل كانت حياتنا لا تختلف عن حياة طالب العلوم الدينية. إذ لم يكن الامام يرغب بأن يمدّ يده الي أحد ، و هكذا كان والدي.. كان حريصاً علي أن يعيش بما يتناسب مع دخله المتواضع. بيد أن ذلك لم يدعه للتخلي عن معاملتي باحترام تام . وحتي أنه لم يكن يرضي أن أعمل في المنزل، كان يقول لي علي الدوام: لا تكنسي.. واذا ما حاولت أن أغسل شال الطفلة مثلاً عند حافة الحوض، كان يأتي ويقول لي: أنهضي، ليس من شأنك أن تقومي بذلك. و لهذا كنت اكنس المنزل في غيابه ، وعندما يكون خارج المنزل كنت أغسل ملابس الاطفال... باختصار لابد لي من القول أن الامام كان يرى أنه ليس من واجبي القيام بكل ذلك ، واذا كنت مضطرة لأن افعل ذلك، كان ينزعج كثيراً ويعتبر ذلك بمثابة نوعاً من الاجحاف بحقي. حتي عندما كنت أدخل الحجرة في الشتاء ،لم يكن يطلب مني أن أغلق الباب . كان ينتظر حتي أجلس ومن ثم ينهض ويذهب ليغلق الباب... ولم يكن الامام يتدخل في شؤون حياتي الخاصة. ففي اوائل حياتنا الزوجية لا أتذكر في الاسبوع الأول أو الثاني، قال لي: لا علاقة لي بشؤونك الخاصة. بامكانك أن تشتري وتلبسي ما يعجبك. ولكن ما أريده منك هو أداء الواجبات واجتناب المحرمات، اي أن لاترتكبي معصية.
المصدر: موقع جماران الاعلامي، موقع الامام الخميني



ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء