النظم في برنامج عمل يوم كامل

النظم في برنامج عمل يوم كامل

الشؤون اليومية للإمام في غاية النظم. وهذا يعني إذا ما نظرنا إلى برنامج عمل سماحته على مدار يوم كامل، وضربنا ذلك في 365 يوماً، يتضح برنامج عمل الإمام على مدار السنة.. عموماً يبدأ البرنامج الساعة السابعة صباحاً حيث يأتي الإمام إلى مكتبه في القسم الخارجي من المنـزل ويبدأ نشاطه في المتابعات واللقاءات.. طبعاً أحياناً يجري له الطبيب بعض الفحوصات، وأحياناً يأتي السادة رسولي وتوسلي، فيقوم السيد انصاري باطلاعهم على المهام الموكلة إليهم، وهي في الغالب مهام خاصة يكلفون بها من قبل الإمام.. كذلك ثمة لقاءات للإمام مع أفراد وأشخاص من كافة الفئات والطبقات ومن مختلف انحاء البلاد ممن لديهم حاجة. هذا فضلاً عن المهام الحكومية التي يود كبار المسؤولين في الدولة اطلاع الإمام عليها وأخذ التوجيهات اللازمة.. بعد ذلك يخرج الإمام من مكتبه حوالي الساعة التاسعة ويتوجه إلى القسم الداخلي من المنـزل، حيث يحين موعد المشي. إذ اعتاد سماحته على المشي لمدة نصف ساعة، أي حتى الساعة التاسعة والنصف. بعدها يذهب إلى غرفته حيث يقوم بمطالعة النشرات الخبرية الداخلية والتقارير التي يتم إرسالها إلى سماحته من مختلف أنحاء البلاد وكلها ممهورة ومختومة يقوم الإمام بفتحها بنفسه ويحرص على مطالعتها كلها.. تستمر المطالعة حتى الساعة العاشرة إلا ربعاً. عندها يأتون لسماحته بالفاكهة وهي متنوعة باختلاف الفصول، مثل (يوسف افندي) والتوت والخس.. ثم يتوجه إلى سريره، أي يذهب في الساعة العاشرة وعشر دقائق ليستلقي وينام حتى الساعة الحادية عشرة والنصف. _ طبعاً نحن لا نعلم إن كان نائماً حقاً أو صاحياً _ .. بعد أن يستيقظ يستعد للصلاة، أي يتوضأ ويقرأ القرآن والنوافل ثم الصلاة. وفي الساعة الواحدة وخمس دقائق يتأتي لتناول الغداء.. بعد الانتهاء من الصلاة وحتى أن يجهز الغداء، ثمة عشر دقائق. فإذا كان أحد أبنائه موجوداً يتحدث معه بعض الوقت، وإن لم يكن ينشغل بالمطالعة لإستكمال ما بدأه في الصباح. وفي الساعة الواحدة وخمس دقائق بالضبط يأتي إلى زوجته لتناول الغداء.. وأن غداء سماحته لا يزيد على مرقة اللحم يومياً.. مرقة اللحم بالليمون. وإذا ما حاولوا استبدالها بنوع آخر أحياناً لم يكن يستسيغه كثيراً.. تعجبه مرقة اللحم بالليمون أكثر من أي شيء آخر.. طبعاً إذا كان هناك رز أو مرقة أخرى، كان يأكل منها، غير أن بقية أفراد الأسرة لا يتناولون مرقة اللحم لأنها خاصة بسماحته.. والمعروف أن تناوله للغداء كان يتسم ببرنامج خاص. حيث كان سماحته يعلق أولاً فوطة برقبته تمتد إلى أسفل الحضن. ومن ثم يضع قطعة من (النايلون) السميك موضوعة داخل كيس نايلون رقيق، على الفوطة.. إذ يجب أن يكون كل شيء منظماً ودقيقاً. وإذا ما تم استبدال شيء من المائدة، الإناء الذي يوضع تحت صحن مرقة اللحم _ مثلاً _، كان سماحته يسأل عن السبب، على الرغم من أن الإناء الموضوع تحت الصحن ليس له علاقة بالطعام.. فلابد من وضع الإناء تحت صحن مرقة اللحم وهو واحد لا يتغير.. كما أن كلاً من صحن الطعام والمعالق خاصة بالإمام ولا يستخدمها أحد غيره.. وبعد تناول الطعام يتحدث عدة دقائق إذا ما أراد، خاصة إذا ما كنا نحن هناك أو إحدى البنات والأحفاد.. طبعاً طوال هذه الفترة يكون جهاز الراديو معه يستمع إليه. حيث يستمع إلى وقائع جلسات مجلس الشورى. وكان سماحته يحرص على الاستماع إلى المحاضرات التي كانت تذاع من الراديو ما بين الساعة الواحدة إلى الساعة الثانية عصراً. وعند الساعة الثانية يتوجه إلى غرفته ويستمع إلى نشرة أخبار الساعة الثانية. ويبقى في غرفته يطلع على التقارير الأخبارية حتى العصر. ثم ينام بعض الوقت وينهض في تمام الساعة الرابعة ليتناول قدحاً من الشاي. ثم يمشي لمدة نصف ساعة، إذ أنه حريص على أن يكون المشي على رأس الساعة.. خلال فترة المشي ينشغل الإمام بالذكر. طبعاً إذا لم يكن يذاع في الراديو موضوع مهم. وإذا ما كان ثمة ظرف خاص من الناحية السياسية أو الأحداث التي تشهدها البلاد، فانه يحرص على الاستماع إلى الراديو بدقة. ومما يذكر في هذا الصدد أن لدى الإمام راديو ذات حزام طويل يعلقه على كتفه، وأحياناً يقرأ الصحيفة وهو يستمع إلى الراديو.. وفي بعض الأحيان تكون في يده مسبحة يلهج بالذكر.. طبعاً من الممكن أن يلتف الأطفال من أحفاده من حوله ويسحبون يده ويحرفون مسيره ولا يقول شيئاً. ومن الطبيعي يكون ذلك في الحالات التي لم يكن يرغب بالاستماع إلى الراديو بشكل دقيق. أما في الحالات الخاصة فلن يسمح باقتراب الأطفال منه، أو أن نكلمه، كي يتسنى له الاصغاء إلى الراديو جيداً.
تنتهي فترة المشي في الساعة الرابعة والنصف، فيجلس ويتناول قدحاً من الشاي.. طبعاً خلال الصيف تتغير مواقيت هذا البرنامج بعض الشيء. أي ليس بالضرورة أن يستيقظ من النوم في تمام الساعة الرابعة دائماً. إذ أن ذلك يتبع طول النهار وقصره. فإذا كان النهار طويلاً فانه يهتم، بعد انتهاء فترة المشي، بقراءة الصحف الصباحية والمسائية. وان من الموضوعات التي يدقق فيها هي: الافتتاحية، وكذلك المقالات التي يهتم بقراءتها بشكل خاص، ويحرص على قراءتها بنفسه.. وإذا ما كان متعباً، أو كنا نحن عنده، وكي لا نبقى بلا عمل، يطلب منا أحياناً أن نقرأ له الصحف. فنقرأ له بعض الموضوعات التي يرغب بالاطلاع عليها.. وعشية الغروب يعود إلى تلاوة القرآن. وبعد التلاوة، يتوضأ مرة أخرى ويعود لقراءة القرآن ثانية ومن ثم يستعد للصلاة. وبطبيعة الحال أن صلاة سماحته تكون مقرونة بالنوافل. وفي معظم الأوقات يتوجه إلى باحة المنـزل ليصلي في فضاء مفتوح، إلا إذا كان الطقس بارداً جداً ويخشى الاصابة بالزكام.. ثم يعود إلى غرفته وينشغل بالمطالعة..
من الكتب التي يحرص على مطالعتها، الاصدارات الحديثة التي يتصفحها بدقة. كما أنه يحرص على متابعة الصحافة اليومية. وما أن يبدأ التلفاز ببث برامجه للفترة المسائية، يترك سماحته الراديو جانباً ويهتم بمشاهدة برامج التلفزيون، سواء القناة الأولى والقناة الثانية.. وما بين الصلاة والانتهاء من المطالعة، ثمة فترة تتراوح ما بين الربع ساعة والعشرين دقيقة، لا أتذكر على وجه الدقة ماذا يفعل خلالها، ربما يستمع إلى الإذاعات الأجنبية حتى تحين الساعة السابعة مساءً.. وقد اعتاد سماحته على الاستماع إلى الأخبار باهتمام شديد إلى درجة يكتفي بالرد على تحيتنا دون أن يكلمنا. وإذا ما أراد أن يتفقد أحوالنا فان ذلك يكون من خلال حركة العين، مما يعني ينبغي لنا التزام الصمت. وإذا كنا في الغرفة فانه ينبغي لنا عدم التحدث حتى فيما بيننا، لأن ذلك يزعجه إلا أنه لا يقول شيئاً، وبطبيعة الحال نحن نلاحظ ذلك. وإذا ما كانت ثمة مقابلة أو حديث خاص بعد نشرة الأخبار والتقارير الأخبارية، كان يستمع إليها دون شك. وطبعاً ثمة برامج كانت تحظى باعجاب الإمام أكثر من غيرها. وفي الوقت نفسه هناك برامج لا تعجبه من قبيل برنامج (الأسرة) مثلاً. ففي إحدى المرات كنت عنده وكان التلفاز يبث برنامج الأسرة، فلم يعجبه فقام واطفأ التلفاز. وعندما اردت معرفة السبب، قال: برنامج غير جيد أصلاً. قلت: لماذا؟ قال: متصنع كثيراً وغير جيد أساساً..
بعد سماع نشرة الأخبار، ثمة ربع ساعة مخصصة للاسترخاء، حيث يضطجع على الأرض ويضع تحت رأسه وسادة. ويقوم _ وفقاً لنصائح الطبيب _ برفع قدميه إلى الأعلى وثنيها ومدّها من منطقة الركبة.. يقوم بهذه الحركة عدة مرات بناء على توصية الأطباء.
يطلب سماحته احضار العشاء على رأس الساعة التاسعة. طبعاً تجهيز العشاء يستغرق بعض الوقت، فيجلس سماحته يشاهد التلفاز.
وبعد تناول العشاء، يتفرغ سماحته لشؤونه الخاصة حتى تحين الساعة العاشرة مساءً. وفي الساعة العاشرة، أو العاشرة وعشر دقائق، يتوجه إلى غرفته للنوم. وفي الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، ينهض لصلاة الليل. (هنا أيضاً تتغير المواقيت بعض الشيء بناءً على تغيير الفصول، حيث تتغير مواعيد النوم والاستيقاظ).
يستيقظ الإمام في الساعة الثانية والنصف تقريباً لصلاة الليل. وبعد صلاة الليل ثمة فاصلة حتى اذان الفجر. وخلال هذه الفترة يحاول التعرف على الاستفتاءات التي صدرت عن مكتب سماحته، إذ يحرص على الإطلاع عليها شخصياً. ولهذا يقوم المعنيون في المكتب بوضعها في علبة خاصة من الكارتون ويضعونها في متناول الإمام، فينتهز الإمام هذه الفترة للإطلاع عليها. بعدها ينهض لصلاة الصبح.. وبعد صلاة الصبح يسترخي حتى الساعة السادسة حيث ينهض ويتمشى لمدة نصف ساعة، بعدها يقرأ القرآن. ثم يأتون إليه بالفطور على رأس الساعة السادسة والنصف. وعموماً يكون قد أكمل فطوره قبل الساعة السابعة. وفي تمام الساعة السابعة يتوجه إلى المكتب وهكذا يبدأ يوماً جديداً.

* زهرا مصطفوي

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء