سر القدر الكبير من النجاح

سر القدر الكبير من النجاح

لم أكن قبل رحلتي هذه لأقف على سر القدر الكبير من النجاح الذي حققته الدولة الاسلامية الايرانية، وهو ما دعاني للمحاولة الجادة للبحث عن ذلك السر الذي يقف خلف تلك الأنجازات.

غنيمة حبيب
جريدة السياسية
14/ 6/ 2014
لقد كان لي الشرف ان أكون أحد أفراد الوفد الكويتي المشارك في المؤتمر الدولي الذي أقيم خلال الفترة من 1 الى 6 يونيو 2014 تحت عنوان" العرفان الاسلامي بين النظرية والتطبيق" في عاصمة الجمهورية الاسلامية الايرانية طهران، وذلك بمناسبة الذكري 25 لرحيل آية الله الامام الخميني (قدس سره)، وقد أبهرني ذلك الحضور الكبير من شتى بقاع الارض وتنوع العقائد المشاركة، حيث وصل عدد المشاركين إلى نحو 400 مشارك من مختلف التخصصات السياسة والثقافية والأكاديمية، ومن تنوع المذاهب الاسلامية والعقائد الدينية الأخرى، إذ شارك في المؤتمر اتباع عقائد كثيرة، فلم تتوقف المشاركة عند العقائد السماوية، بل كان من الوفود المشاركة من يمثل العقائد الدنيوية والوضعية،  وعلى سبيل المثال أذكر مشاركة وفد يعتنق الديانة البوذية، كما اتضح من النقاش والحوار كان هولاء يرون في شخص الامام الخميني إلهاما روحيا وثباتا في المبادئ والعقيدة.
لم أكن قبل رحلتي هذه لأقف على سر القدر الكبير من النجاح الذي حققته الدولة الاسلامية الايرانية، وهو ما دعاني للمحاولة الجادة للبحث عن ذلك السر الذي يقف خلف تلك الأنجازات، في ظل الحصار الاقتصادي الذي فرض عليها لسنوات وسنوات، فاكتشفت إن تمسكهم بخريطة الطريق التي أرسى اسسها الامام الخميني، ووضع بها خلاصة أفكاره وتوجهاته، غير أن تلك الأفكار لم تكن لتتضح من دون إمعان النظر والملاحظة الدقيقة، فكانت قدرتهم على تحدي الصعاب تكمن في ثلاثة عناصر رئيسية كان الامام الراحل قد عمل على ثباتها في نفوسهم.
أولا: الثبات على الفكر الاستراتيجي الواحد، إذا مازالت السياسة الايرانية تتمسك بخريطة طريق واحدة لا تستبدلها ولا تحيد عنها، وقد لاحظت ذلك من خلال لقاءاتنا مع كل من المسؤولين القياديين الحاليين والسابقين، ومع ملاحظاتي ان الاختلاف في الرأي وأسلوب الطرح كان جليا، إلا أنني في المقابل رأيت أن كل ذلك الخلاف لم يكن ليمتد ويصل إلى الغايات والأهداف، إذ أن التوافق والإجماع على تحقيق الأهداف المحددة كان أبرز ملامح العمل الجماعي.
ثانيا: الاعتزاز بقدراتهم و الافتخار بها، سواء عن طريق استثمار الطاقات والكفاءات البشرية لديهم أم كان في صناعاتهم المحلية، بداء من صناعة المواد الغذائية مرورا بالصناعات المتوسطة، كالحديد الصلب، وصولا إلى الصناعات المتطورة كالصناعات النووية، وقد أبهرتني الحضارة العمرانية التي اعتمدت على الموارد والعقول المحلية، حيث زرت عن قرب الأبراج المختلفة ولاحظت ما تميزت بضخامتها وبجمالها وغاية وروعتها وحسن تصميمها وتنفيذ ها.
ثالثا: الابتعاد عن الشكليات والمظاهر الخارجية وقشورها الخادعة والتركيز على الجوهر، فقد لاحظت فيهم البساطة في كل الامور، كالضيافة والاثاث والديكور وغيرها، إلى جانب تميز القياديين والعاملين بكل مستوياتهم الوظيفية والاكاديمية، بالثقافة العالية والمخزون الفكري والعلمي الكبير، إضافة الى رؤيتهم القائمة على تقدير الوقت وضرورة الاستفادة منه، إلى جانب تمكين الشباب والاعتماد عليهم في الكثير من المجالات العملية والعلمية.

    

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء