الثورة الاسلامية..نظريات حديثة في العلاقات الدولية

الثورة الاسلامية..نظريات حديثة في العلاقات الدولية

تأثير التجدد:

كان دفاع الامام الخمینی (قدس سره) عن الاسلام في قضية سلمان رشدي، صراعاً بين القيم واضدادها، بين الدين والكفر، وبين النور والظلمات، حيث اصطف اتباع كل منها لمقاتلة الآخر، مما ادّى الى تقوية الاحساس بالهوية الاسلامية مدعوماً بتواجد المسلمين في العالم، والمعادلات السياسية، الامنية والثقافية الدولية، وبعث على قدرة روح التحرر ومقارعة الظلم بين المسلمين المضطهدين.

فقد رفعت الثورة الاسلامية، ليس فقط مقولة الاسلام بل ومقولة الدين ايضاً وادخلتها في المعادلات العالمية. اننا اليوم، نشاهد انّ دور الدين وقواعد الدين (شيء) لايمكن التغاضي عنه، حتى فيما يتعلق بالحصول على شرعية ومقبولية عامة. ليس من الغُلو لو قلنا ان الكنيسة الكاثوليكية استقوت بعد الثورة الاسلامية واستعادت دورها ومكانتها المتلاشية، امام المدارس والنظريات اللادينية. لاينسى عالَم السياسة، ان اول كنيسة وقسّيس، وقف بوجه الاستبداد وظلم الاستعمار، بعد الثورة الايرانية، في نيكاركوا، تعرض لأهمال من البابا جان بول الثاني... في الوقت الذي، جعل فيه نفس البابا، كنيسته في بلده رومانيا، قاعدة للتصدي للشيوعية والاتحاد السوفياتي، بعد عشر سنوات، وقام بفصل وتحرير اول حلقة اسْر في الكتلة الشرقية والمعسكر الشيوعي.

لقد ربط نلسون ماندلا، بدخوله السجن ما يقارب الثلاثين عاماً في افريقيا الجنوبية، ربط صرخاته المنبعثة على اثر التعذيب والتفرقة العنصرية.. بصرخات الشعب الايراني التحريرية، ذلك لان الثورة الاسلامية المطالبة بالعدالة والمقارعة للتسلط.. ضيّقت الخناق على المجموعة البلطجية الداعمة للأقلية البيضاء في افريقيا الجنوبية، التي كانت تفتح ابواب زنزاناتها المغلقة للأحرار.. ضيقت عليها ذلك الى حد لم تستطع فيه المقاومة!.. بعدها، انطلقت انتفاضة فلسطين، للأنعتاق من هيمنة الصهيونية العنصرية وسطّرت حماسة، لاتزال خالدة في الاذهان، لم يكن مثيل لها على امتداد قرن من الاحتلال، تقريباً. فالتغيير الذي حدث خلال انهيار جدار برلين الذي كان يفصل الشعب الالماني (العظيم) بعضه عن بعض وما اتاح ذلك الفرصة لمن فقد اعزائه عند جدار المعسكرين الشرقي والغربي لمعانقة قبورهم القديمية.. هذه مشاهد قليلة للتغيير الذي حدث بعد الثورة الاسلامية.

لقد تغيرت العلاقات بين السلطة والتبعية، التي كانت حاكمة أنذاك في الروابط الدولية.. حيث ان السلطة كانت تمثل الحكومات والتبعية كانت تمثل الشعوب.. تغيرت بعد الثورة الاسلامية، وتحولت الحكومات بالتدريج الى مسار ينطبق مع الادارة والاحتياجات المنطقية للشعوب، وانبثق من بين ذلك مفهوم تقرير مصير الشعب بنفسه، وهو، امل الانسان الدائم.

ان هذه التغييرات في مجال الفعل ورد الفعل فيما يتعلق بِبُنى وقواعد وسلوك مؤسسات المنظمة الدولية، لايمكن انكاره. فما يدور اليوم من حديث، حول تغيير هيكل الامم المتحدة وتنقية منشورها بالتحديث في القرن الحاضر، يقترن قسم كبير منه بالثورة الاسلامية.

-   من مقالة للدكتور محمود محمدي- صحيفة (همشهري الدبلوماسية)- ص 13- العدد 84- 8/11/1384 هـ.ش (2006 م)-ف.

-         قسم الشؤون الدولية.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء