الاستقلال والاكتفاء الذاتي، حسب رؤية الامام الخميني (قدس سره)

الاستقلال والاكتفاء الذاتي، حسب رؤية الامام الخميني (قدس سره)

بسم الله الرحمن الرحيم

ان من اهم المكاسب التي تحصل عليها الدول المستقلة، خدمة لشعوبها ورقيها وتطورها، هو الاتكاء والاعتماد على النفس في كافة الحقول، لا سيما الحقل الاقتصادي، لانه حجر الزاوية في المجالات الاخرى، كالمجال السياسي، العلمي والاجتماعي. فالحربة التي تلوح بها القوى السلطوية، وتهزها لارعاب الدول على اختلاف مشاربها وانظمتها السياسية، وتضغط بواسطتها عليها، هي (الاقتصاد) ! وما يتبع ذلك من حواش تتسم وترتبط به، بشكل مباشر او غير مباشر، كحقوق الانسان مثلا، التي يدعي سفاكو الدماء، وقتلة الابرياء، انهم يطالبون بها لاحقاق الحق ودحض الباطل، واشاعة حرية الانسان المغتصبة، هنا وهناك ! كالقاتل الذي يذرف الدموع ويمشي خلف جثمان المقتول الذي صرعه بيده ! وخير دليل ومثال على ذلك، المستعمرة الانجليزية السابقة، والقوة الامبريالية، العنصرية اليوم، امريكا، التي قامت على جماجم الهنود الحمر، سكان البلاد الاصليين، انقاض اكواخهم وخيمهم ... فالزمرة الحاكمة فيها، سواء جمهوري وديمقراطي، وان اختلفوا فيما بينهم، هاجسهم الاول والاخر، هو، استعباد الانسان، خاصة الانسان غير الابيض ! والدفاع عن اذيالها التي اوجدتها بالتعاون مع الاستعمار الانجليزي البغيض، كالكيان الصهيوني الغاصب ... فهي تعتمد على معاقبة الشعوب، بقطع العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بالاتفاق مع الدول التي تدور في فلكها، وحضر ابسط الاشياء عن البلدان (المارقة)، ناهيك عن الاحتياجات المؤثرة على حياة الانسان مباشرة، كالمنتجات الطبية بكافة انواعها، وارتباطها بعلاج المرء، الذي يدعون انهم يدافعون عن حريته ! ... فالانعتاق، اذن، من اغلال العبودية، هو الاستقلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بما في ذلك الاکتفاء الذاتي، حيث لا يمكن لاية دولة ان تستقل، حقيقة وواقعا، الا به، واتخاذه اساسا لبناء واعمار البلد، والابتعاد عن الرق الحديث، الذي ارتدى ثوبا جديدا جميلا، وقناعا ذهبيا ناصعا ! ولا فرق في ذلك بين استعمار جديد وقديم وشرق وغرب ! وما الشعارالذي رفعته الثورة الاسلامية المباركة، بقيادة الامام الخميني (قدس سره )، وهو (لا شرقية ولا غربية) الا نموذج ورمز الاستقلال الواقعي، بعد انهيار النظام الشاهنشاهي، شرطي وعصا القوى القوى السلطوية، التي لا تزال تهيمن على كثير من الدول، بدعوى مساندتها اقتصاديا، سياسيا وعسكريا ! وعند احتدام الوطيس، تفر تحت جناح الظلام، تاركة (دميتها) فريسة سهلة، تلتهما ذئاب وضباع المجموعات المتربصة بها، والتي وعدتها بحمايتها منها !. .. وبما ان الدول المغبونة، المفتونة بالحضارة الغربية وبالسلع الاستعمارية ! هدفها الاول بقاء حكامها على عروشهم مهما كلف الامر، لا تحرك ساكنا ولا تتفوه بحرف، ضد ما تمليه وتقوم به قوى الاستكبار العالمي، حتى ولو ادى ذلك، الى الوقوف بوجه اشقائهم المسلمين، والاستقواء بمن اعتدى عليهم وغصب اراضيهم، واباد الحرث والنسل، اي، الكيان الصهيوني البغيض، الذي لم يطق الصمود امام (سيف القدس)، وارتد مستجديا الهدنة، لا لا يحز السيف البتار رقاب البهائم الصهاينة ... فهل الاستقواء بكيان كهذا، لا يستطيع حتى حماية نفسه، مما اوصى به الدين الاسلامي القويم؟ ... و( فاقد الشيئ لا يعطيه ! ). ان سماحة الامام (قدس سره) لم يرد الاستقلال الكامل، لايران والشعب الايراني المسلم فحسب، بل واراده للمسلمين كافة، اولا ولجميع الشعوب المحرومة، الرازحة تحت نير الامبريالية واقزامها، ثانية، ذلك لان " ... شعوب العالم المحرومة قد استيقظت من رقادها، ولن يمر وقت طويل حتى تنتهي هذه اليقظة، الى قيام ونهضة وثورة، تمكنها من النجاة من سلطة الظالمين المستكبرين ." _ (1). فاليوم وبعد مضي اثنين واربعين عاما، على انطلاق الثورة الاسلامية المظفرة، نرى ان ايران تحولت الى قوة اقليمية عظمى، ليس في المجال السياسي والعسكري فقط، بل في مجالات اخرى كالطب والصناعة، والذي اخاف الغرب وامريكا خاصة، هو الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية، على اختلاف وتنوع استخدامها، حيث شقت الطريق وتواصل التقدم فيه بخطى حثيثة، راسخة الى الامام، لبلوغ القمة في ذلك باذن الله تعالى، ولولا تطورها هذا، لاصبحت لقمة سائغة، سهلة في حلقوم الامبريالية الغربية، وعلى راسها امريكا ... وشتان بين العهد البهلوي البائد, المظلم وعهد الثورة الاسلامية المشرق، كما اشار الامام الخميني (قدس سره) قائلا: " الم تعلموا بان بلدنا الاسلامي، كان في ذلك العهد، قاعدة عسكرية لامريكا، التي كانت تراه مستعمرة لها؟ حتى كان كل شيئ بدء من المجلس وحتى الحكومة والقوات المسلحة في قبضتها ! " _ (2) ، موضحا سماحته معالم الطريق، نحو رفعة ونمو البلادو تطورها، بالقول: " اوصي الجميع بالانطلاق وبالاتكال على الله تعالى، نحو تحقيق الهوية الذاتية والاکتفاء الذاتي، والاستقلال بجميع ابعادهما. " _ (3) ... وما حل ببلدان العالم اجمع، ومنها ايران، على اثر جائحة كرونا, وامتناع قوى الاستكبار، عن مساعدة الدول الاخرى المنكوبة، في اللقاح المطلوب، بل وقيامها (اي القوى السلطوية) بنهب حاويات لقاح بعضها البعض، الا غيض من فيض، لدحض ادعائها وسلوكياتها الحيوانية ضد الانسانية جمعاء ! ... وما قامت به ايران الثورة، بهمم رجالها الاشاوس، وشبابها المتحمس الغيور، وعلماء اطبائها واخصائيها، بانتاج لقاحات متعددة، مؤثرة للقضاء والحد من (کرونا )، کلقاح کوفو برکت وفخرا، وتوفیر الکمامات المتنوعة، والموادالمعقمة بشكل واسع، وفي متناول الجميع، وانتاجها داخليا، الا وميض برق يبهر العيون، ومكسب اخر يضاف الى مكاسب الثورة الاسلامية المجيدة، ومفجرها الفذ سماحة الامام الخميني (قدس سره )، ودليل على الاستقلال الذي رفع ايران من الحضيض الى القمة، ... " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ... " (4)

________

1-      صحيفة الامام العربية، ج 21, ص 389.

2-       نفس المصدر، ... ص 390.

3-       نفس المصدر، ... ص 395.

4-       الاية 105, التوبة.

______

د. سيد حمود خواسته، القسم العربي, الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء