الذي يلاحظ التاريخ الاسلامي بشكل عام وما هو عليه الآن بشكل خاص، يرى ان احدى القضايا المهمة التي هزت التاريخ الاسلامي ولازالت، هي قضية فلسطين المغتصبة، التي تحولت إلى قضية كل الاحرار والمستضعفين في العالم. فهل كان يخطر على بال احد أنّ زمرة من ابناء النبي يعقوب (ع)، تتقهقر الى الوراء وتركن إلى الظلم والطغيان والاستهتار بحقوق الاخرين من الموحدين خاصة، إلى ابعد حد! وتتخذ من سفك الدماء والمذابح، منهجاً لها باسم دين اليهود! وتتعدى بوقاحة لامثيل لها، على اولى قبلة للمسلمين وتريق دماء المسلمين على ارضهم المقدسة فلسطين! ويقف معها في كل ذلك الاستكبار العالمي بكافة فصائله وماله واسلحته، والمسلمون والعرب منهم خاصة يتفرجون على ذلك! بل ويساعدون الصهاينة المجرمين و يدفعون لهم المال للقضاء، مثلاً، على حركات المقاومة الاسلامية، وتخريج مجامع ارهابية تكفيرية هناك وهناك، هدفها مساعدة الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة، على اراقة المزيد من الدماء الطاهرة الزكية، على ارض فلسطين خاصة.. ولم يهب احد من قادة المسلمين للقضاء على الصهاينة، الّا القليل منهم وقد لايتعدون اصابع اليد، ومن ابرز هولاء الامام الخميني (قدس سره)الذي تنبه إلى خطر (اسرائيل)وحذر المسلمين من ذلك.. وهو اول قائد اسلامي بارز في التاريخ المعاصر، يدعو الى التضامن مع الفلسطين في أخر جمعة من شهر رمضان المبارك.. وهو مؤسس (يوم القدس العالمي)..حيث يقول:
«يوم القدس يوم عالمي لا يختص بالقدس فقط. إنّما هو يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين، يوم مواجهة الشعوب الرازحة تحت نير الظلم الأمريكي وغير الأميركي، للقوى العظمى. إنه اليوم الذي يجب أن يستعد فيه المستضعفون لمواجهة المستكبرين، وكسر شوكتهم.. يوم القدس يوم يجب أن يتضح فيه مصير الشعوب المستضعفة، والإعلان عن وجودها أمام المستكبرين.. يوم القدس يوم الإسلام، اليوم الذي يجب أن يحيى فيه الإسلام، سوف نحييه نحن، وتطبيق القوانين الإسلامية في البلدان الإسلامية.. يجب على دول العالم أن تدرك بأن الإسلام لايهزم، فالإسلام والتعاليم القرآنية هي التي ستنتصر في جميع الدول وستؤدي إلى تقدمها أيضا. يوم القدس مناسبة للتذكير بهذا الهدف، وهو إعلان تقدم المسلمين وتطورهم في جميع دول العالم. يوم القدس ليس يوم فلسطين فحسب، بل هو يوم الإسلام ويوم الحكومة الإسلامية، يوم يجب أن نفهم فيه القوى العظمى بأنها لن تستطيع التدخل في شؤون الدول الإسلامية بعد الآن..»
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج9، ص: 222
وأمر ليس فقط للامام الخميني (قدس سره)اصبح لغزاً! بل ولكل مسلم وحر في العالم.
«ثمة أمر بات لغزاً بالنسبة لي، وهو أن الدول والشعوب الإسلامية تدرك جيداً هذا الألم وتعي تماماً أن الأيادي الأجنبية تعمل على إيجاد التفرقة فيما بينهم، وتعلم بأن في هذه التفرقة يكمن الضعف والزوال، وها أنتم ترون الآن كيانا ضعيفا ومختلقا كإسرائيل يقف في وجه المسلمين- ولو اجتمع المسلمون وصب كل منهم سطل ماء عليها لجرفتها السيول.»
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج9، ص: 219
وها هو يدوى بصرخة النابعة من صميم القلب الملتهب، للدعوة إلى نصرة فلسطين، فيقول:
«اليوم وبعد تمادي حكومة اسرائيل الغاصبة في اثارة الفتن وعدوانها المستمر على البلاد العربية واستمرارها في نهجها الظالم لأصحاب الحق واضرام نيران الحرب مرة اخرى.. يجب على حكومات الدول الإسلامية كلها والدول العربية خاصَّة ان تعبئ جميع طاقاتها وقواها بالتوكل على الله- تعالى- والاعتماد على قدرته اللامتناهية، وأن تسرع إلى إسناد الرجال المخلصين المضحّين بحياتهم في مجابهة العدوِّ عاقدين آمالهم على الأمة الإسلامية، وعلى حكومات هذه الدول أن تشارك في تحرير فلسطين لاحياء المجد والشرف وعظمة الإسلام بهذا الجهاد المقدس.. وعلى الأمة الإسلامية ألّا تبخل ببذل الغالى والنفيس لاجتثاث ربيب الاستعمار هذا وذلك على اساس واجبها الإنساني والأخوي وطبقاً للمعايير العقلية والإسلامية. »
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج3، ص: 9
وهكذا.. يتمنى الامام (قدس سره)ويدعو.. يدعو.. النائمين للنهوض وتأدية واجبهم تجاه فلسطين، والشعار هو "الموت لاسرائيل":
«أنا امل وأتمنى أن يدرك المسلمون أهمية هذا الأمر، وأهمية المشاركة الفعالة في يوم القدس، من خلال التظاهر والإحتجاج وعقد المؤتمرات وتشكيل المحافل والتجمع في المساجد والهتاف الموحد والمدوي. إن هذا الهتاف سيرهب إسرائيل وسيزلزل أركانها، فخروج مليار مسلم ومشاركتهم في يوم القدس ورفع شعار الموت لإسرائيل سيكون له أثر كبير في تشديد حالة الذعر والخوف عند الأعداء.»
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج13، ص: 66