الامام الخميني

سماحة قائد الثورة:جاهَدَ الامام الخميني فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه

لقد كان الإمام الخميني الجليل من أهل الخشوع و البكاء و الدعاء و التوسل و التضرع إلى الله. في شهر شعبان المبارك هذا كان كثيراً ما يكرر في خطاباته هذه العبارة من المناجاة الشعبانية: «اِلهي هَب لي كمالَ الِانقِطاعِ اِليك وَ...

الإمام الخميني هو التجسيد العيني لمسيرة عظيمة بدأها الشعب الإيراني فغيّر تاريخه، والإمام الخميني مؤسس مدرسة فكرية و سياسية و اجتماعية.

طبعاً كان الإمام الخميني فقيهاً كبيراً، كان فقيهاً بارزاً كبيراً، وفيلسوفاً و خبيراً في العرفان النظري، وكان يعدّ في هذه الأمور و المجالات و الجوانب العلمية  والتخصصية وجهاً مبرزاً، بيد أن الشخصية البارزة للإمام الخميني غير مرتبطة بأيّ من هذه المجالات، إنما شخصيته الأصلية للإمام الخميني تكمن في تحقيق مضمون الآية «وَ جاهِدوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه». الإمام الخميني الجليل بحيازته على تلك المواهب العلمية المميزة خاض في ساحة الجهاد في سبيل الله و واصل هذا الجهاد و المجاهدة إلى آخر عمره وأطلق حركة عظمى ليس في بلاده و حسب بل في كل المنطقة وكل العالم الإسلامي، اَي في كل العالم. وكانت نتيجة هذه الحركة منقطعة النظير.
لقد تحقق على يد الإمام الخميني أمران و عملان كبيران غير مسبوقين في تاريخ هذا البلد، أحدهما إسقاط الملكية الوراثية الظالمة غير العقلانية التي استمرت في بلادنا لعدة آلاف من السنين. هذا البناء المتهرئ البالي الخاطئ بأنْ تكون السلطة و الحكم في البلد بيد أناس يتداولونه من شخص إلى آخر عن طريق الوراثة، أو ينتزعونه بالسيف والقوة العسكرية ثم يتوارثونه جيلاً بعد جيل، هو تقليد خاطئ وغير منطقي كان في بلادنا على مدى آلاف السنين، وكان اول ما قام به الإمام الخميني هو أن هدم هذا البناء وأوكل الأمر للشعب.
العمل الكبير الثاني الذي قام به الإمام الخميني الجليل هو تأسيس حكومة و نظام على أساس الإسلام، و هذا الشيء أيضاً لم يكن مسبوقاً في تاريخ بلادنا بل في كل التاريخ الإسلامي بعد الصدر الأول. الجهاد الكبير لإمامنا الخميني الجليل كانت له مثل هذه الحصيلة القيمة، ولذا من المناسب حقاً أن يقال عنه «جاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه»، كما جاء في القرآن الكريم: «وَ جاهِدوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه»، وكما يقال عن أولياء الدين فقد كان هذا الرجل الكبير أيضاً مصداقاً لـ «جاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه».
طبعاً أقول على هامش هذا الكلام بأن جهاد هذا الرجل العظيم لم يكن جهاداً سياسياً و اجتماعياً أو جهاداً فكرياً فقط، إنما كان إلى جانب كل ذلك جهاداً داخلياً وجهاداً مع النفس و التزاماً بالصلة المستمرة و الدائمة مع الله تعالى، و هذا بحدّ ذاته درس و عبرة. ليس ذلك لو أننا خضنا في ساحات الجهاد الفكري أو الجهاد العلمي أو الجهاد السياسي أو الجهاد العسكري، سيكون من حقنا أن نغض الطرف عن هذا الجانب من الجهاد. لقد كان الإمام الخميني الجليل من أهل الخشوع و البكاء و الدعاء و التوسل و التضرع إلى الله. في شهر شعبان المبارك هذا كان كثيراً ما يكرر في خطاباته هذه العبارة من المناجاة الشعبانية: «اِلهي هَب لي كمالَ الِانقِطاعِ اِليك وَ اَنِر اَبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيك حتى تَخرِقَ اَبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَة». كان هذا سلوكه وبكاؤه في الأسحار و مناجاته و أدعيته و ارتباطه الدائم وهي تمثل كلها أرصدته المعنوية للاستمرار في جهاده. لنتذكر هذا أيضاً على هامش الجهاد في سبيل الله الذي خاضه هذا الإمام الكبير.

من تصريحات سماحة قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي حول الامام الخميني ، في الذكرى السادسة والعشرين لرحيل الامام الخميني (قدس سره)في 4/6/2015 م

 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء