بسم الله الرحمن الرحيم
"يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اکرمکم عند الله اتقاکم..." 13_ الحجرات.
ان المنطق الذي يتكلم به القران الكريم، وما جاء به الاسلام، هو الحلقة المفقودة في عصرنا الراهن، الذي يزعمون انه عصر الحضارة والرقي بالانسان وحقوق الانسان ! وفي الحقيقة والواقع، انه عصر الخداع، الاستعباد وسحق شخصية الانسان باسم حقوقه وكرامته ! والسيطرة على شعوب مختلفة ونهب ثرواتها واباحة حرماتها، تحت قناع مساعدتها والنهوض بها الى منصة ما يسمونه (الديموقراطية) والمساواة ! وما محاربتهم للاسلام والمسلمين الاصوليين والاحرار بشكل عام في كافة انحاء العالم، الا ادلة واضحة وناصعة، تشير الى ادمغة متعفنة وشياطين بالبسة ناس هنا وهناك ! وما نشهده اليوم في الامبراطورية العنصرية، الاستعمارية الكبرى امريكا والاقمار التي تدور في فلكها، هو اظهر من الشمس على ما مر انفا... فاية حقوق هذه، التي يتكلمون عنها ويصرخون ليل نهار، وهم لا يطيقون حتى تنفس شخص واحد، لان بشرته سوداء ! رغم انه امريكي مثلهم ! والاعجب من ذلك تهليل وتكبير اقزام لهم من المسلمين، وابقار حلوب ! لما يقوم به صنمهم الامريكي، المعتوه ضد ابناء جلدته خاصة ! فاين هؤلاء من الاسلام الاصيل والمسلمين الحقيقيين، وتعاليم القران الكريم، بانه لا فرق بين انسان واخر، الا بالتقوى، التي شرف الله تعالى بها مخلوقه، ليبتليه في الحياة الدنيا وقد اوضح له طريقه بكل معالمه...؟ فبمراجعة ما تفوه به واصدره سماحة الامام الخميني (قدس سره)، بمناسبة حقوق الانسان ويوم السلطة القضائية، الذي يمر علينا، يتضح لنا اكثر فاكثر، الموقف الثابت، الراسخ والنظرة الثاقبة لسماحته، حول ما يدعون، حيث " لا يمكن قبول او تحمل ان يظلم _ لا سمح الله_ احد باسم الثورة والثورية، او صدور اعمال تتنافى مع المعايير الالهية والاخلاق الاسلامية الكريمة، من قبل الذين لا يعباون بالقيم المعنوية " (1) ، فربما يقوم شخص ما بحرمان احد من حقوقه المشروعة، تحت غطاء الثورة وما شابه ذلك، فهو عند الامام (قدس سره)، مما لا يرتضيه الاسلام او يتحمله، رغم ان بعض المتسلطين على رقاب المسلمين، يبيحون ما حرمه الاسلام ويحرمون ما اباحه !
و يرقصون بالسيوف، يدا بيد الى جانب معتوه، عنصري، سلطوي ومهرج لم يعرف التاريخ له مثيلا حتى في امريكا ! فنظرة الامام الخميني (قدس سره) في قوله، انه " بالنسبة للحقوق الانسانية، لا فرق بين الرجل والمراة لان كلاهما انسان، ومن حق المراة التحكم بمصيرها كالرجل. اجل، ثمة حالات توجد فروق بين الرجل والمراة لا علاقة لها بشانها. "(2)
ان المساواة، كما ارادها الدين الاسلامي القويم والسائرین على النهج المستقيم كالامام، هي الحلقة الذهبية المنشودة، التي يفتقدها العالم اليوم... المساواة، حقيقة وواقعا، بين جميع الناس على اختلاف مشاربهم، اعراقهم، دياناتهم، الوانهم والسنتهم وانه " لا اهمية للعرق واللغة والقومية والاقليم في الاسلام، فجميع المسلمين، سنة كانوا ام شيعة، هم اخوة متكافئون، متساوون في المزايا والحقوق الاسلامية." (3)... اما نظرة السلطويين الى الانسان، مهما كان، وخاصة الاسود، هي، نظرة السيد الى العبد ! والقاهر الى المقهور ! والظالم الى المظلوم ! وقد تجذرت هذه النظرة في انفسهم وعقولهم ف" هؤلاء _ زعماء القوى العظمى الاستكبارية _ يتحدثون عن حقوق الانسان ويعملون خلاف ذلك ! الاسلام يحترم حقوق الانسان ويعمل بها ايضا. " (4)... فهل يعمل بما يتشدق به العنصريون انفسهم، ويدعون اليه ؟!... كلا... فشتان ما بين هذا وذاك ! فقد غشيهم الصمم واعمى بصائرهم وابصارهم، عن سماع صوت مظلوم او بائس، يركلونه باقدامهم القذرة... وهم في الحقيقة اموات، لا يسمعون الا اصواتهم واصوات امثالهم !...
لقد اسمعت لو ناديت حيا
و لكن لا حياة لمن تنادي
و لو نار نفخت بها اضا ءت
و لكن انت تنفخ في رماد. (5)
_________
1- صحيفة الامام العربية، ج 17، ص 122.
2- صحيفة الامام العربية، ج 4، ص 255.
3- صحيفة الامام العربية، ج 5، ص 26.
4- صحيفة الامام العربية، ج 14 ص 57.
5- منسوب للشاعر عمرو بن معديكرب. عاش بين 525_ 642 م.
_____
د. سيد حمود خواسته _ القسم العربي.