بين الامام الخميني(قدس سره) وحافظ الشيرازي

بين الامام الخميني(قدس سره) وحافظ الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الشاعر الكبير حافظ الشيرازي، من شعراء وعرفاء القرن الثامن الهجري. انس بالقران الكريم في اوائل شبابه، وحفظه ودخل الحكمة والاداب العربية، وكذلك الادب الفارسي من اوسع الابواب واجاد في ذلك اجادة تامة ... تحبب الى التعاليم والافكار العرفانية والصوفية، وذكرها في اشعاره، وانتقد كثيرا المتصوفين والعرفاء المزيفين وهاجمهم! رغم ان عصره كان عصر كثرة العرفاء والمتصوفة، ومن تلبس بذلك زيفا لمصلحة ما! ... لقد تاثر الامام الخميني (قدس سره) باشعار حافظ ونظرته بالنسبة للعرفان خاصة، حيث ظهرذلك في كلام وسيرة سماحته، فكما كان حافظ الشيرازي، منتقدا ومتهكما باشباه المتصوفة، كان الامام كذلك. فلطالما انتقد بشدة، المتلبسين باثواب الدين والمتحجرين ومدعي العرفان، خلال خطبه وسلوكياته، وقد استشهد سماحته مرات ومرات، باشعار الشيرازي ولاسيما في كتابه  (اداب الصلاة)، مشيرا الى طالب الحق والسالك الى الله تعالى، وما قاله حافظ في هذا المضمار ... مهيبا بالسالك والسائر على طريق الحق والحقيقة، بان يزيح كل لباس دنيوي عليه مهما كان ويتجه الى الله تعالى، كما خلقه ... فالدنيا سجن ينبغي التخلص منه (اداب الصلاة، ف، ص 52). كان لقلم الامام الخميني(قدس سره) حد كحد السيف في انطلاقه! ... مؤيدا لنظر ما او مهاجما ... وكان يبدو لاول وهلة صعب المراس، عميق الغور، لا يمكن لاحد الاقتراب منه! الا ان الامام، مدركا لذلك، يستعين باشعار من حافظ الشيرازي، وهي معروفة بلطافتها وحسن كلماتها وسبكها ... لتسهيل ما يقوله، وتمهيد الارضية المناسبة لمن يريد درك واستيعاب ذلك. ولربما تشابهت الاقوال والنظرات وحتى الكلمات في اقوالهما! ... عارف وشاعر من القرن الثامن الهجري واخر عارف، عالم نحرير من القرن الرابع عشر الهجري، فقد اشار سماحته (قدس سره) الى _ الحجاب الاعظم _ وكيفية طيه خلال السلوك، وانه لا يمكن ذلك الا لمن انتزع نفسه بصورة كاملة من الدنيا ... وفي غير هذه الحالة، لايستطيع احد ازالة الحجاب المذكور ولو كان طائر سلیمان! ... وهذا ما اشار اليه حافظ، ايضا، في احد اشعاره ذاكرا ... (منزل العنقاء... وطائر سلیمان)،  (تفسير سورة الحمد، ف، ص 30). وما وصلنا من تراث الامام، حينما نتصفحه، نجد فيه افكارا تموج في طياته ل (عارف الشيرازي)، كما كان يسميه سماحته. كلاهما يشتركان في بعض الحالات والعناصر العرفانية، لكن حافظ الشيرازي، يختلف مع الامام في مقام الزهد والتوبة (النظرية).

   فيما يتعلق بمدرسة ومشرب العرفان، فانهما يتبعان مدرسة ابن عربي، ومن ناحية العرفان الاجتماعي، فان عرفان حافظ، عرفان فردي، منتقد لاوضاع المجتمع انذاك، اما عرفان الامام الخميني (قدس سره)، فهو جامع للشريعة، الطريقة والحقيقة، وفي نفس الوقت، مهتما بظواهر الشريعة.

________

د. سيد حمود خواسته، نقلا عن محمد رجائي نجاد، بتصرف. القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء