التعبئة في فكر الامام الخميني (قدس سره)

التعبئة في فكر الامام الخميني (قدس سره)

      اعلن سماحة الامام الخميني (قدس سره)، ضرورة تشكيل مدرسة الحب او التعبئة، خلال كلمة له في شهر اذر 1358 ه. ش. (1979م )، بما كان يعتقد به سماحته دائما ویؤکد عليه، في دور الشعب واهميته الحياتية، في ضمان سلامة ونجاح النظام. فقد غطت بركات هذه الشجرة المتنامية ونكهة براعمها، كافة انحاء البلاد الاسلامية، خلال ازمات السنوات الاولى للثورة، وكذلك الحرب المفروضة، مما ادى الى انتصار الثورة ونهاية الحرب المذكورة، لمصلحة الاسلام والمسلمين، ولم يحصل ذلك الا بتدبير وحصافة ذلك الشخص الفذ الشمولية، وتواجد القوى الشعبية وارتباطها الالهي بالولاية. ان مراد سماحة الامام الخميني (قدس سره) بالنسبة للتعبئة (البسيج)، ابعد واجمع من المعاني المذكورة (للكلمة) في معاجم اللغة ! وحتى ان ذلك يختلف عما يدركه اغلب الناس، عن التعبئة كمنظمة قتالية. حسب رؤية الامام، التعبئة، مجموعة اجتماعية ذات ابعاد متعددة، حيث انها، طبق ذلك، ليست منظمة عسكرية فقط، تشكلت في فترة الحرب للدفاع وصد الاعداء، وانما هي مجموعة واسعة ومسؤولة لتلبية احتياجات المجتمع الرئيسية، الحياتية ...  ولها ارتباط وتنسيق كامل مع سائر اجزاء النظام، ولا يمكن تصور فصلها الا بانحلال المجتمع الاسلامي !. ان توضيح (التعبئة) في فكر الامام الخميني (قدس سره) ومفهوم ذلك، يتلخص في ثلاثة محاور:

-          الحقل الاجتماعي:

ان مفهوم التعبئة في هذا الحقل، هو، هداية الناس وامكانياتهم نحو تنفيذ الاحكام، حيث يقوم الشعب بدور هام. فقد كانت الارضية الشاملة لسقوط الشاه والدفاع عن الفلاحين، في اوائل الثورة، والوقوف بوجه الاعتداء العنیف للنظام العراقي خلال الحرب المفروضة، وحماية اصول واسس الجمهورية الاسلامية، خاصة عن طريق المسيرات. حتى ان الامام، لفت الانظار الى تشكيل تعبئة عشرين مليون (شخص) للدفاع عن البلاد، ومائة مليون (شخص) عالميا للدفاع عن الاسلام. واذا ما اعتبرنا ان (التعبئة) والامة الاسلامية وشرائح الشعب، كتلة واحدة، لم نتخط الحقيقة. قال سماحة الامام (قدس سره) _ مخاطبا القوات المسلحة:

ان لم يكن الشعب معكم، لم تكونوا قادرين على ادارة الحرب ... هذا مما لا شك فيه. انه الشعب الذي ادار الحرب، اي الحرس الثوري، ابناء الشعب وافراد التعبئة. ان هؤلاء هم الشعب، كما وان الجيش اليوم، من الشعب .

-          الحقل العبادي _ السياسي:

تحدث الامام الراحل، حول مجالس واجتماعات الشعب العبادية، السياسية، واعتبر ان صلاة الجماعة والجمعة، اول انسجام وتعبئة شعبية، والحج اعلاها، المؤتمر العظيم العبادي، السياسي للمسلمين ... وانه سماحته باعلانه البرائة من المشركين، كان بصدد تحرير طاقة العالم الاسلامي المتراكمة.  لذا، فسماحته (قدس سره )، يعتبر انسجام المسلمين العبادي، في المساجد والمؤتمر العظيم للحج ... من المفاهيم الاخرى لساحة عمل التعبئة. قال سماحته: ان المساجد، افضل الخنادق، والجمعة والجماعات، انسب ساحة لتشكل وبيان مصالح المسلمين.

-          حقل الحب والعرفان:

جعل الامام الراحل، التعبئة في خانة الحب والعرفان، ومنحها ميزات فطرية اصيلة. فاصحاب هذه النظرية، وللحصول على رضى المعبود، يستقبلون اي خطر بصدورهم وهم السابقون الى الشهادة. ان هذه الرؤية تقربنا اكثر فاكثر من حقيقة بينة ... التعبئة هي مدرسة الحب، الشهود والشهداء المجهولين ... حيث يتربع التعبويون على منائرها الرفيعة، صادحين باذان الشهادة والكبرياء ... فالتعبئة، في الوقت الذي تشكل فيه موضوعا عاما، هي ظاهرة شاملة، ايضا، يجب الالتفات اليها في كافة النواحي.

_____

تم تدوين كتاب (التعبئة في فكر الامام الخميني _ قدس سره_ ) في ستة فصول، وكان المسعى فيه، جمع ما تطرق اليه سماحة الامام، بالنسبة للانسجام والنشاط الشعبي. ان رؤية الامام الخميني (قدس سره) حول التعبئة، تساعدنا كثيرا للتعرف على اهداف ومهمات هذه المجموعة الشعبية.

______

نقلا عن مقدمة الكتاب المذكور، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره)، بتصرف.

القسم العربي، د. سيد حمود خواسته، قسم الشؤون الدولية.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء