الحكومة الاسلامية في فكر الامام الخميني (قدس سره)

الحكومة الاسلامية في فكر الامام الخميني (قدس سره)

       في بداية، بهمن، 1348 ه. ش. (1970م)، عقدت اول جلسة لسماحة الامام، بموضوع، الحكومة الاسلامية وولاية الفقيه، في حوزة النجف الاشرف العلمية، في مسجد الشيخ الانصاري. دروس عرضت للمجتمع الديني والسياسي بطرق مختلفة، وتحولت الى نقطة عطف في الكفاح الاسلامي _ الشعبي، ضد النظام البهلوي المستبد. ما يلي نشير الى موضوعين بالنسبة (للحكومة الاسلامية) في فكر الامام الخميني (قدس سره) :

1-     خلفية ومسار فكر الحكومة الاسلامية في تراث الامام.

2-     ارتباط الحكومة الاسلامية بالجمهورية الاسلامية في فكر الامام.

  في اول وهلة، يمكن التعرف على ذلك خلال تراث الامام، حيث اشار سماحته الى موضوع الحكومة الاسلامية في كتاب : كشف الاسرار، وبعد اثبات ضرورة وجود حكومة للمجتمع الانساني، عقليا، ذكر ان "ولاية المجتهدالتي تحوم الاسئلة حولها، كانت ومنذ البداية، تحظى بالبحث بين المجتهدين انفسهم، ليس فقط في اصل اعتناقها او عدمه، بل وفي حدود الولاية وجغرافية حكومتها، وهذا احد الفروع الفقهية، التي يعرض الطرفان ادلة على ذلك. " (ک : ص 185) . ان رؤية الامام حول ولاية الفقيه، تعني الاشراف المؤثر. فقد صرح سماحته (قدس سره)، في كتابه المذكور اعلاه، انه عندما نقول، ان الحكومة والولاية، في عصرنا الراهن، بيد الفقهاء، لا نعني بذلك، ان الفقيه ملك، وزير، عسكري، وكناس ايضا ! بل، وكما يتشكل مجلس مؤسسين من ابناء الشعب، ويفضي الى ايجاد حكومة وتغيير نظام ملكي ... هكذا مجلس، يمكن ان يتشكل ايضا، من مجتهدين متدينين، عالمين باحكام الله تعالى، عدول، منزهين من الاهواء النفسية، غير ملوثين بالدنيا ورئاستها، ولا هدف لهم سوى مصلحة الشعب وتنفيذ حكم الله ... كما هو الحال بالنسبة لتشكيل مجلس شورى في البلاد, من تلك الثلة او باشراف منها، فحينما يتطرق سماحته (قدس سره)، في بحث الاجتهاد والتقليد، الى موضوع " شؤون الفقيه "، يثبت الحق للفقيه الجامع الشروط في الافتاء، القضاء والحكومة قائلا :  " فاذا علم عدم إهمال جعل منصب الحکومه والقضاء بین الناس، فالقدر المتیقن هو الفقیه العالم بالقضاء السیاسات الدینیّه العادل فی الرعیه " (الاجتهادو التقليد، ص 24)  

لقد عرض سماحته، ايضا، موضوع ولاية الفقيه، في كتابه القيم : تحرير الوسيلة. اضافة الى ان الامام (قدس سره) ذكر 13 مسالة تحت عنوان : ختام فيه مسائل، في كتابه : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, الذي قام بتدوينه عام 1344 ه ش. (1966م)، اي، باربع سنوات قبل مبحث ولاية الفقيه:

1-  لیس لاحد تکفّل الامور السیاسیه، کاجراء الحدود، والقضائیه والمالیه، کاخذ الخراجات والمالیات الشرعیه، إلا إمام المسلمین علیه السلام ومن نصبه لذلک.

2- فی عصر غیبه ولیّ الامر وسلطان العصر ـ عجل الله فرجه الشریف ـ یقوم نوابه العامه، وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوی والقضاء مقامه فی إجراء السیاسات وسائر ما للإمام علیه السلام إلا البدأه  بالجهاد (تحرير الوسيلة، ج 1، ص 459). الخطوة التالية، عرض فكرة الحكومة الاسلامية حسب رؤية الامام الخميني (قدس سره) عام 1348 ه. ش. (1970م)، في حوزة النجف الاشرف العلمية العريقة، وبجوار المضجع الشريف لامير المؤمنين (ع)، حيث كانت محركا لكفاح الشعب الايراني، ضد استبداد النظام البهلوي. اشار سماحته، خلال ابحاث عام 1348 ه. ش. (1970 م) الى موضوعين :

الف _ ان الاسلام ليس دينا فرديا ومعنويا محضا، بل هو، دين الفرد، المجتمع، المادة والمعنويات معا.

ب _ بما ان الحاكم، يجب ان يكون عالما بالقوانين وعادلا في تنفيذ احكام الاسلام في المجتمع، فالفقيه العادل، اذن، يحق له الحكم.  " إن الاسلام لیس عباره عن الاحکام العبادیه والاخلاقیّه فحسب، کما زعم کثیر من شبان المسلمین بل وشیوخهم... إن الاسلام قام لتأسیس حکومه عادله، فیها قوانین مربوطه بالمالیات وبیت المال واخذها من جمیع الطبقات علی نهج العادل، وقوانین مربوطه بالجزائیات... وقوانین مربوطه بالقضاء والحقوق... وقوانین مربوطه بالجهاد والدفاع والمعاهدات ... فالاسلام أسّس حکومه لاعلی نهج الاستبداد المحکم فیه رأی الفرد ومیوله النفسانیه فی المجتمع...  لیس لاحد من الولاه الاستبداد برأیه، بل جمیع ما یجری فی الحکومه وشؤونها ولوازمها، لابد وأن یکون علی طبق القانون الالهی" _ (كتاب البيع، ج 2، ص 655_ 657). ... الخطوة التي تلت بعد ذلك، هي، عرض نظرية ولاية الفقيه او الحكومة الاسلامية، خلال فترة تصاعد النضال، ومهاجرة الامام (قدس سره) الى باريس، حيث تم التاكيد والتكرار على نظرية (الجمهورية الاسلامية)، وما تبع من انهيار للنظام الشاهنشاهي، واجراء استفتاء حول ذلك ..." انني اعطي رأيي للجمهورية الاسلامية، ... لذا فان عليهم ان يدلوا بأصواتهم لصالح حكومة الإسلام والجمهورية الاسلامية لا اكثر ولا اقل.وقد يختار البعض توجهاً آخر، وهم أحرار في ذلك " (صحيفة الامام العربیة، ج 6، ص 286). لقد اوضح سماحته، في فترة اقامته في باريس, ركنين للنظام البديل للملكية، قائلا : "...هو ما يؤيده كل عاقل. فاذا تصور أي عاقل الاصل الثاني وهو ان اساس النظام الملكي غلط، فانه يصدق ايضاً بانه يجب ان تكون مقدرات كل شخص بيده... في حين ان النظام الجمهوري يعني ان تكون المقدرات بايدي الشعب نفسه الذي يقرر اليوم انتخاب فرد رئيساً للجمهورية ... اننا نطالب باقامة حكومة اسلامية جمهورية اسلامية نرجع فيها الى آراء الشعب، كما اننا نحدد شروطها أيضاً وهي الشروط المذكورة في الاسلام ونقول للشعب: يجب ان تنتخبوا الشخص الذي تتوفر فيه هذه الشروط". (نفس المصدر، ج 4، ص 356)، مشيرا الى هدف كفاح الشعب الايراني المسلم : "إن الهدف هو ما ذكرته في خطاباتي ونداءاتي: أ- إسقاط الحكم البهلوي والنظام الشاهنشاهي المنحوس.ب- إقامة نظام الجمهورية الإسلامية المرتكز إلى تعاليم الإسلام، والمعتمد على آراء الشعب". (نفس المصدر، ج 4، ص 294)، وان الشعب له الحق في تقرير مصيره ... " من الحقوق الاولية لأي شعب، التحكم بمصيره والتمتع بحقه في اختيار شكل ونوع حكومته‏". (نفس المصدر، ج 4، ص 285). اعرب الامام الخميني (قدس سره) عن نظره بالنسبة لاستفتاء وجه لسماحته، حول حكم المجتمع الاسلامي، بان ذلك، يكون، على اساس وراي الاكثرية "متى يكون للفقيه الجامع للشرائط ولاية على‏المجتمع الاسلامي؟ باسمه تعالى‏ للفقيه ولاية في جميع الصور، لكنّ تولي أمور المسلمين وتشكيل حكومة يرتبط بآراء أكثر المسلمين، حيث ذكر ذلك في الدستور أيضاً، وكان يعبر عنه في صدر الاسلام بالبيعة لولي المسلمين". (نفس المصدر، ج 20، ص 374)

  ما تطرق اليه الامام، هو، مستند في سيرة وخطب امير المؤمنين عليه السلام ... "أما والذی فلق الحبه وبرء القسمه، لولا حضور الحاضر وقیام الحجه بوجود الناصر وما اخذ الله علی العلماء أن لا یقاروا علی کظّه ظالم ولاسغب مظلوم، لأ لقیت حبلها علی غاربها ولسقیت آخرها بکأس اولها..."(نهج البلاغه، خطبه 3)

------------

 

-         نقلا عن موقع جماران الاخباري، محمد كاظم تقوي، بتصرف.

-         القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء