جامع الاضداد

جامع الاضداد

بسم الله الرحمن الرحیم.

     ان الابعاد الوجودية في شخصية امير المؤمنين (ع) وامتدادها، وتحليه باسماء وصفات الهية جمة، مهد الطريق لاضداد تجمعت في شخصية رفيعة واحدة. لقد لفت الامام الخميني (قدس سره) الى ذلك خلال مسلكه العرفاني. قال سماحته : " ان عليا هذا الاول في جميع الابعاد الانسانية. ففي العبادة، وفي الزهد فوق جميع الزهاد، وفي الحرب، فوق جميع المحاربين، وفي القوة فوق جميع الاقویاء، وهو اعجوبة اذ يجمع فيه الاضداد. " _ (1). ... فالبعض اخذ بعدا واحدا من ذلك، واختصه للغور في شخصية الامام علي (ع) ! ... اما ... ليس كذلك !. فالذي يحصد المنحرفين بسيفه، لا يمكن ان يكون عطوفا ! والصائم نهاره، وبقطعة من الخبز والملح يرفع الصيام ... جمع، حقا، الزهد والرافة، وقوة الساعد والسيف في ان واحد ! ._ (2 و3). وقد تصدر ذلك صفحات كثيرة، مما قاله الادباء والشعراء. فهذا صفي الدين الحلي ينشد :

جمعت في صفاتك الاضداد

فلهذا عزت، لك الانداد

زاهد، حاكم، حليم، شجاع

ناسك، فاتك، فقير، جواد

شيم ما جمعن في بشر قط

و لا حاز مثلهن العباد

خلق يخجل النسيم من العطف

 وباس يذوب منه الجماد

فلهذا تعمقت فيك اقوام

باقوالهم فزانوا وزادوا

و غلت في صفات فضلك ياسين

و صاد وال ياسين وصاد

ظهرت منك للورى معجزات

فاقرت بفضلك الحساد. (4).

    وهكذا كان امير المؤمنين (ع)، برا بالمعوزين والضعفاء، وشدیدا علی المارقین، فقد جمع الرحمة والنقمة في كفيه، معا ! كما قال الامام الخميني (قدس سره)  : " فمولانا امير المؤمنين، سلام الله عليه، المثل الاعلى للانسانية، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وكان قدوة في العبادة والزهد، والتقوى والرحمة والمروءة، وكان مع المستضعفين، وكان يقتل بسيفه المستكبرين الظالمين والمتامرين. ان الله تبارك وتعالى غفور رحيم، في وقت العفو والرحمة، ومنتقم جبار، في وقت الانتقام. " _ (5). يتجلى فيما مضى، جزء من شخصية وعظمة، عظيم العظماء، الامام علي (ع). ورد عنه (ع)، انه، قال، عندما سمع بما فعله جند معاوية، مع امراة غير مسلمة : " ... لقد بلغني ان الرجل منهم، كان يدخل على المراة المسلمة والاخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها ورعاثها، ما تمتنع فيه الا بالاسترجاع والاسترحام ... فلو ان امرا مسلما مات من بعد هذا اسفا، ما كان به ملوما، بل، كان به عندي جديرا. " _ (6). وفي نظرة رائعة لسماحة الامام الخميني (قدس سره) حول جمع الصفات المتضادة، في شخصية امير المؤمنين عليه السلام، يقول : " هذا الرجل الذي بلغ من الشجاعة والبسالة، حدا هزم فيه صناديد العرب وبهم رجالها، فلم يثبت له احد في حرب، الا بعجه بسيفه ! وانه كان يقول _ والله لو تضاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها _ هذا الرجل الذي بلغ من الشجاعة، هذا الحد الخارق، بلغ في الوقت نفسه، من العطف والرافة حدا، عطف فيه على امراة يهودية، ذمية، سلبت حجلها، فعطف عليها، عطفا بالغا ... فهذا الرجل الذي، شهد له نهج البلاغة بالعرفان، وعلم ما وراء الطبيعة، كان يشهر سيفه بوجه الكفار والمخربين، فيحصدهم حصدا، ونحن شيعة هذا الرجل الاعجوبة. " (7).

______

1- صحيفة الامام العربية، ج 7, ص 200.

2 و3 و4 _ سيماى اهل بيت (ع) در عرفان امام خميني, ص 325_ 329.

5- صحيفة الامام العربية، ج 9، ص 225.

6-  نهج البلاغة، خ 27.

7- صحيفة الامام العربية، ج 11, ص 25. 

______

    القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره). بتصرف .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء