فلسطين وحقوق الانسان

فلسطين وحقوق الانسان

بسم الله الرحمن الرحيم

اين المتبجحون باسم الديمقراطية ودعاة المساواة وحقوق الانسان؟، الذين اصمت صرخاتهم الاسماع في كافة انحاء العالم، لان يكون الانسان بغض النظر عن عرقه، لغته، دينه واصله، حرا اينما حل وارتحل، وان تراعي الدول جميعها ذلك، خلال قوانين واتفاقيات سنتها وتعاهدت عليها، وايدتها منظمات عالمية وعلى راسها ما يسمى بالامم المتحدة ! وهي ليست بالطبع متحدة، بل متنافرة، متخاصمة، تسيطر عليها قوى اطلقت على نفسها العظمى ! فان ارادت شيئا ما، اتفقت فيما بينها عليه، سرا او علانية، وان خالفت بعضها البعض عند احتدام المصالح، وتشابك الايدي والالسن !. فالعالم، اذن، صيد كبير، يكون السهم الاوفر فيه، للصياد الذي بدا اولا بمطاردة الفريسة ! وما بقي منها اشلاء متناثرة هنا وهناك، تلتهمها الضباع والكواسر، مكشرة بانيابها على ابناء جلدتها ! ... هكذا هو العالم، اليوم، الذي نعيش فيه ويسمى بالعالم المتمدن والمتحضر ! وليس له من التمدن والتحضر الا الاسم فقط !. ولاجل ان تلوك اللقمة السائغة، وتهضمها براحة بال، تسعى الدول السلطوية الى ايجاد مجموعات من الاقزام، يتبعونها وينفذون ما تريد مهما كان، بل ويدفعون لها ماعندهم من مال ! املا في ان تقوم بالدفاع عنهم او حماية كراسيهم وعروشهم من السقوط على رؤوسهم المتعفنة ! وهو ..."... كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ... " _ (1). .. هكذا هو حال الدمى التي تتلاقفها ايدي الامبرياليين، وتتلاعب بها تلاعب الصبيان بالحصى !، واوضح دليل وبرهان على ذلك، قضية فلسطين المغتصبة، بما فيها من مقدسات رفيعة، وتاريخ مشرف ينطق كل حرف فيه، بامجاد الاسلام والمسلمين العريقة، وتفوح منه رائحة الدماء الطاهرة، والارواح الزكية، التي خطت كلماته الحمراء النقية، وصبغتها بصبغة الشهادة والفداء، وعرضت الاسلام الاصيل، كما هو، للعالم الذي يدعي الحضارة والثقافة، وهو غارق الى الاذقان في اوحال ومستنقعات الرذيلة، وانعدام الهوية ! حيث لا يعرف الانسان الذي يعيش فيه، من هو ؟ ومن اين جاء ؟ والى اين يريد ان يذهب ؟ ! ... لقد اقتاده المستعمرون الجدد الى حيث يريدون، والبسوه ثياب الذلة والمسكنة البراقة، وقدموه على خشبة المسرح، كنموذج لانسان ضائع، تائه، انقذوه ومنحوه حريته المنشودة وكرامته، واعادوا اليه انسانيته وفطرته ! ... ف " ... هذه المنظمات التي تنادي بحقوق الانسان، تريد ان تسحق حقوق الانسان باسم حقوق الانسان !. ان هذه المنشورات وهؤلاء الصحفيين، الذين ينشرون كل هذه الاكاذيب باسم حب الانسانية، انما يهدفون من ورائها خدمة القوى العظمى ... " _ (2)، ودليلنا على ذلك، ارض فلسطين المقدسة، حيث قامت شراذم من اراذل وحثالات الناس في العالم، وبمساندة ودعم الاستعمار الانجليزي العجوز، سيئ الصيت، وخاصة وزير خارجيته انذاك، بلفور، باجتياح فلسطين وارتكاب ابشع الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية، من قتل وتشريد وابادة جماعية، لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وتاسيس ما يسمى باسرائيل ! على انقاض بيوت معمورة باهلها، ومساجد وكنائس معمورة بالمصلين وعباد الله تعالى ... وتسابقت القوى السلطوية حينئد، بما فيها الاتحاد السوفياتي السابق، الذي كان يطبل ويزمر بحرية وشرف الانسان وتحريره، تسابقت كفرسان الرهان في حلبة السباق، للاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب، الذي اصبح فيما بعد، عضوا في منظمة تطلق على نفسها زورا وبهتانا، اسم (الامم المتحدة) ! وهي في الحقيقة اداة ودمية، من ادوات ودمى الاستكبار العالمي، ولم نر او نسمع منها، حتى يومنا هذا، غير كلمات اكل الدهر عليها وشرب ! لا تسمن ولا تغني من جوع !. وهي، كلما حدثت في العالم واقعة تهز حتى الضمائر الميتة، لا تحرك ساكنا، اللهم الا كلمات، القلق والدعوة الى الهدوء وضبط النفس ! وهي ليست ملومة في ذلك، لان القوى العظمى، ارادت لها ان تكون فزاعة، لا حول لها ولا قوة ! ... فالانسان وحقوقه، ما يفسره السلطويون ولاغير ! وليس لاي احد ايا كان، الحق في عرض مفهوم اخر ! يخالف ارادة الامبريالية الجديدة، بقيادة الشيطان الاكبر، امريكا !  وهي التي احتلت الدور البريطاني في موازرة الصهاينة، بل وزادت عليه بانتهاك واستباحة كل شيئ، يتعلق بالانسان وحقوق الانسان، وهو واضح للعيان تماما، في دويلة الكيان الصهيوني الغاصب، التي اطلقت لها العنان، في القتل والابادة واباحة الحرمات وهتك الاعراض، والزمت من يدور في فلكها، خاصة اعراب التطبيع والانبطاح، بالاعتراف بقطعان البهائم (الصهاينة)، واقامة علاقات دبلوماسية مع كيان لم يشهد له التاريخ مثيلا، بسفك دماء المسلمين وابادتهم والتطاول على اراضيهم ! ... فاية ذلة ارفع وادهى من هذه ؟ واي عار اشد من هذا ؟ ... فلقد اجتاز هؤلاء حتى حدود الجاهلية، بكل ما حملته من عادات منكرة ومساوئ، وهم يسمون انفسهم قادة وزعماء دول اسلامية ! وليتهم لم يفعلوا، فقد شوهوا الاسلام واسدلوا خمار الذلة على وجهه الوضاء. " عجبا لهؤلاء البشر، فكل يوم يمضي على الكارثة المروعة لاغتصاب فلسطين، يزداد صمت ومساومة قادة الدول الاسلامية، ومجاراة اسرائيل الغاصبة، حتى وصل الامر الى ان تحرير بيت المقدس لا يتناهى الى الاسماع ! ولئن قامت دولة كايران ... بمساندة الشعب الفلسطيني، استنكروا وشجبوا ذلك ! حتى انهم يفزعون من تسمية احد الايام بيوم القدس ... " _ (3). ان انتفاضة الشعب الفلسطيني البطل، اليوم، والتحام اهل فلسطين في الاراضي المحتلة عام 1948، مع اشقائهم في الاغوار والاقصى وغزة، يبشر بصحوة المسلمين وسيرهم بخطى حثيثة على مسار تحرير فلسطين، من دنس الصهاينة الانجاس، وان انبثاق عمليات (سيف القدس) المباركة، وامطار قطعان المستوطنين بزخات متتالية من الصواريخ والطائرات المسيرة، اول الغيث قطر ثم ينهمر ... وهذا محور المقاومة في تصاعد قدرة ونمو وتطور، وعلى راسه ايران الثورة ... ف " ... العالم وحتى الذين عميت بصيرتهم، يعلمون ان ايران تتحدث من موقع القوة، وهي هبة الهية ... وانها ما زالت متمسكة بما قالته في اليوم الاول. اننا لسنا في حرب مع اي دولة سواء كانت اسلامية او غير اسلامية ... وليست لدينا نية الاعتداء علی اي بلد مهما كان، بل ندعو الدول الاسلامية، ان تقف الى جانب بعضها البعض، وتعلن التزامها الاسلامي بالدفاع عن حقوق المسلمين والدول الاسلامية، ضد اعتدا ءات المعتدين كاسرائيل .... " _ (4). هذا غيض من فيض، بما تفوه به الامام الخميني (قدس سره)، مناصرا فلسطين وداعيا لمساندتها. ففلسطين لاهلها مهما كلف الثمن، وسينقلب السحر على الساحر، ايها المطبعون، المهرولون، المنبطحون ... " ... وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .... " _ (5) ... فلاخير، اذن، في اكثر من يسمون انفسهم، قادة الدول العربية والاسلامية، الذين اتيحت لهم الهداية، بقيادة شعوبهم ... " ... فاستحبوا العمى على الهدى ... " _ (6) ... ومن تنادي ايها المسلم الحر ؟ ...

لقد اسمعت لو ناديت حيا

و لكن لا حياة لمن تنادي

و لو نار نفخت بها اضا ءت

و لكن انت تنفخ في رماد !(7)

فهم اموات وخشب مسندة، يلتذون بالاهانة والهوان ويعيشون به، و...

من يهن يسهل الهوان عليه

ما لجرح بميت ايلام (8).

ان ايران الاسلام، لا تزال علما من اعلام الحرية والانعتاق، وراس الرمح في محور المقاومة.

_______

1-       الاية 39، النور.

2-      صحيفة الامام العربية، ج 7، ص 86

3-      نفس المصدر، ج 20، ص 262.

4-        نفس المصدر، ج 16، ص 126.

5-      الاية 227، الشعراء .

6-      الایة 17، فصلت .

7-      عمرو بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي، (525_642م) .

8-      المتنبي .

_____

د. سيد حمود خواسته، القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء