... وسقط القناع

... وسقط القناع

بسم الله الرحمن الرحيم

المتتبع للأحداث العالمية الراهنة وما تحتويه، من التهاب حارق، صادم ومثير للجدل في كافة الاوساط السياسية والدينية ،سواء في الغرب او الشرق، يرى بوضوح تام لا لبس فيه، ان ذلك يشير ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية، إلى انقلاب الرأي العام العالمي، خاصة في أمريكا، رأس الامبريالية، على ساسة المجتمع الأمريكي، وقادة أمريكا المتغطرسين، وزعماء الأقطار الأوربية بشكل عام، لا سيما في كندا وبريطانيا وفرنسا، فلقد طفح الكيل واتسع الرقع على الراقع ! فمن كان يتصور ان جامعة كولومبيا وهي مركز دراسة أبناء وبنات، أصحاب القرار الأمريكي، ومختبر تربيتهم وتغذيتهم على حب (اسرائيل) اللقيطة والوفاء لها، تنقلب على كل ما خططوا لها واباحوا كل شيئ في سبيل ذلك، وتصبح اول جامعة (سياسية) هامة تقود احتجاجات الطلبة، وتفتح أبوابها وساحاتها للاعتصام، والانتصار للشعب الفلسطيني المظلوم، الأبي عامة، ولأهل غزة الجياع، المشردين، المرابطين في عقر دارهم رغم حمامات الدم، خاصة. فـ " ... هل في ذلك قسم لذي حجر " ؟ ٥/ الفجر. أين الذين لا يزالون يستنكرون (طوفان الأقصى) ويصفونه ب ( التهور) تارة و(السبب في ضحايا أهل غزة) بهذا العدد الهائل، تارة أخر ى ؟ والكل يعرف انهم ( ذباب إلكتروني )، يرتزق من فتاة اعراب متصهينين، باعوا حتى أنفسهم في أسواق نخاسة الرق الجديدة، التي تعمر بها البلدان الغربية باجمعها ! فقد ازال (الطوفان) اورق التوت التي كانت تغطي وجوههم المشوهة، واظهرهم على ما هم عليه في الحقيقة والواقع، إذ " ... يجعلون اصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت ... " ١٩ / البقرة. فهل ينفعهم ذلك والصواعق تنهال عليهم من كل حدب وصوب، والموت يلوح بمنجله ويهز عروشهم المتآكلة، ومضاربهم الدنيئة ؟. ان انفجار المجتمع الغربي برمته، خاصة، في أمريكا وثورة الشريحة الطلابية على الأخص وامتدادها على سطح القارة الأوربية، يشير إلى انتصار الحق على الباطل، وهزيمة الشيطان الأكبر، الذي جن جنونه وتعرى من كل ما كان يستتر به، لأطفاء شرارة انتفاضة الطلبة واساتذتهم ! ولكن .. هيهات ... هيهات. لقد أطلقوا العنان لشرطتهم المتوحشة، المتعطشة للدماء، خاصة دماء ذوي البشرة السوداء، لأن تبطش بكل طالب وطالبة واستاذ وأستاذة في الجامعات وتجرهم على الأرض ! نصرة للكيان الصهيوني المؤقت، والزائل بإذن الله تعالى قريبا. .."... فهل من مدکر ..." ؟ ١٧/ القمر. ليرى بأم عينيه، ان ما شيده وأقامه الاستعمار العالمي، ليكون قلعة لكل شذاذ الآفاق‌، خلال ٧٥ عاما، بدأت احجاره تتساقط تباعا، بانطلاق شرارة النار في بيوتهم بأيدي أبنائهم وبناتهم، وتوهجها سارية في كل هشيم، ينقلها (طوفان الاقصى) إلى كندا، أستراليا، فرنسا و...، لتكون مقولة الإمام الخميني (قده) : (اسرائيل) غدة سرطانية، لا بد أن تزول. (عصر إيران، صحيفة إلكترونية، ٦٩٣٦، سبتمبر ٢٠٠٨ )، الشعار المدوي الذي تصدح به ملايين الحناجر‌ في كافة أنحاء العالم، سيما في الغرب المتغطرس، التائه ! الذي يصدق عليه قول المتنبي:

 ومن البلية عذل من لا يرعوي

عن جهله وخطاب من لا يفهم.

 

فالساسة هناك، اذن، ينظرون إلى (العالم الثالث) نظرة عنصرية بحتة، واصفين شعوبه بالجهل والتوحش ! والحقيقة الناصعة هي، انهم هم الجهلة المتوحشون، والبراهين كثيرة وكذلك الدلائل، وهي ظاهرة للعيان اليوم، في الانتفاضات والثورات الطلابية في الغرب، التي تقمع بشدة وشراسة لا توصف ! ... أليس هذا دليل وبرهان ساطع على توحش الغرب، وانكفائه على ما يدعيه من حرية التعبير والاجتماعات السلمية ؟ وانخداع العرب، خاصة، بما يقوله المستعمرون الغربيون، تبعا لحكامهم و(أولياء أمورهم)، ف " الناس بأمرائهم اشبه منهم بآبائهم ". ( الإمام علي (ع) / بحار الانوار، المجلسي محمد باقر، ج٧٥، ص ٤٦، الباب ١٦ ). لقد عاد الأمل ثانية وبقوة إلى القلوب المهشمة، والانظار المتعبة والاسماع المغلقة، بانطلاق (الطوفان) الهادر وما جاء به، رغم الدماء الزكية التي تراق ساعة بساعة، بل لحظة بلحظة على أرض غزة العزة، ولابد من ذلك لإقامة صرح الحرية، الانعتاق، العدالة والإنسانية، بما تحمله هذه الكلمات من معنى، متبلورة في الدين الإسلامي الحنيف، وتعاليمه القويمة التي أرادوا از يطمسوها ويطفئوا نور الله تعالى ... "... والله متمالبل نوره ولو كره الكافرون " ٨/ الصف. فـ " علينا ان ننهض جميعا للقضاء على إسرائيل، وتحرير الشعب الفلسطيني البطل. " ( الإمام الخميني /قده/ عصر إيران، صحيفة إلكترونية، ٦٩٣٦، سبتمبر ٢٠٠٨ ). وجاء (الوعد الصادق) ليدك اوكار الطغاة الصهاينة في الأراضي المقدسة المحتلة، لأول مرة في تاريخ الكيان المهزوم، بهذا الحجم من المسيرات والصواريخ، التي أصابت العدو الصهيوني بمقتل، في قاعدتين هامتین‌ سریتین‌، معترفا بذلك بعد انكشاف الحقيقة، بتصريحات من بطانته، وتغطية اعلامية شاملة من الامبريالية الأمريكية، رغم مشاركة ٢٠٠ طائرة مقاتلة ومضادات جوية، وقبب حديدية متطورة، وانفاق أربعة مليارات دولار تبخرت في الهواء ! ومساعدة بعض الدول العربية المتصهينة كالعادة ! ... فأين تذهبون ؟ ... لماذا خيم الصمت القاتل على الشعوب العربية، اللهم الا ما ندر، كالشعبين العراقي واليمني، ولم تقم الشرائح المثقفة في الدول العربية بواجبها، تجاه أهالي غزة المظلومين، الصامدين ؟! فهل يا ترى مات الضمير العربي ... وصدق فيهم قول الله تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها ... " ؟ ٨٢ / النساء. وهل انحسرت‌ النخوة الإسلامية لدى المسلمين، في العالم الإسلامي على الأخص؟ ... ولماذا تكون إيران الثورة الإسلامية، هي المتواجده في الساحة وجها لوجه مع الكيان الصهيوني الغاصب، وقائدة لمحور المقاومة المنصور ... ومعها محور العراق الظافر، ومحور اليمن المتعطش للشهادة، ناهيك عن صمود أبطال حزب الله في لبنان وسيد المقاومة اللبنانية المجاهد السيد حسن نصر الله ؟ فأين انتم وما تدعون ايها المسلمون ؟ أ ترضون ان يسبقكم غير المسلمين في الدفاع عن فلسطين المسلمة وغزة الصامدة المسلمة ؟ ... وانتم صامتون، متفرجون ...! ماذا دهاكم وكنتم السباقين إلى الجهاد ؟! ... ويا أيها العرب ... أين أنتم؟! ...

تنبهوا واستفيقوا ايها العرب

فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

فيم التعلل بالآمال تخدعكم

وانتم بين راحات الفنا سلب

الله اكبر ما هذا المنام فقد

شكاكم المهد واشتاقكم الرب

كم تظلمون ولستم تشتكون وكم

تستغضبون فلا يبدو لكم غضب

ألفتم الهون حتى صار عندكم

طبعا وبعض طباع المرء مكتسب

وفارقتم لطول الذل نخوتكم

فليس يؤلمكم خسف ولا عطب. ( ابراهيم اليازجي، الديوان نت).

------------------ 

 د. سيد حمود خواسته، القسم العربي، الشؤون الدولية .

 

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء