من آداب الصلاة: بعض من آداب الاستقلال القلبية

من آداب الصلاة: بعض من آداب الاستقلال القلبية

فان طالب الدنيا السائل الجاه والمال انما يعشق المال والجاه لانه يرى الكمال فيهما وهكذا هو حال صاحب كل مقصد، فهو يرى الكمان في مقصده ويعتبر الكمال من بلغ هذا المقصد فيعشقه وينفر من غيره.

ودور الانبياء عليهم السلام والعلماء بالله واصحاب المعرفه، انما هو اخراج الناس من الاحتجاب وتخليص نور فطرتهم من ظلمات الجهل وتعريفهم بالكمال والكامل. فإذا تم ذلك، فإن التوجه نحو الكمال وترك غيره لن يحتاج الى دعوةٍ او تشجيع، فنور الفطرة الموجود في افراد البشر قاطبة، يعدّ بحدّ ذاته أكبر الادلاء الالهيين.

وفي الصلاة العقار الالهي ومعراج قرب الحق يعدّ استقبال القبلة والتوجه نحو النقطة المركزية وتخلّي والاعراض عن الجهات المتفرقه استيقاظاً للفطرة وانطلاقاً لنورها من قيد الاحتجابات. وهذا الأمر يصدق على الكُمل واصحاب المعرفة. اما بالنسبة لنا نحن اصحاب الحجب، فإننا نحتاج الى التحلي بأدب الاستقبال لتحقيق التوجه نحو القبلة الحقيقية، وذلك بإفهام القلب، أن ليس في جميع دار التحقق من كمال ولا كامل سواى الذات المقدسة للكامل المطلق. فالذات المقدسة فقط هي الكمان الذي لا نقص فيه والجمال الذي لا يشوبه عيب، والفعلية التي لاتشوبها قوة، والخيريّة التي لا تخالطها شريّة، والنور الذي لاتعتريه الظلمة. وإن كل ما يوجد في دار التحقق بأسرها من كمال وجمال وخير وعزّة وعظمة ونورية وفعلية وسعادة انما هو من نور جمال تلك الذات المقدسة، ودون مشاركة لأحد معها في الكمال الذاتي، ودون أن يكون لموجودٍ جمال وكمال ونور وبهاء بغير جمال تلك الذات المقدسة وكمالها ونورها وبهائها.

--------------------

القسم العربي، الشؤون الدولية، آداب الصلاة، الامام الخميني (قدس سره)، مؤسسه تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره)، صفحة ١٧٤.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء