اتباع الهوى و طول الامل

اتباع الهوى و طول الامل

إعلم إذاً أیها العزیز! أن أمامک رحلة خطرة لا مناص لک منها، وأن ما یلزمها من عدة وعدد وزاد وراحة هو العلم والعمل الصالح. وهی رحلة لیس لها موعد معین، فقد یکون الوقت قصیراً جداً، فتفوتک الفرصة. إن الإنسان لا یعلم متی ینقرع ناقوس الرحیل للانطلاق فوراً! إن طول الأمل الممزوج عندک وعندک أیضاً من حب النفس ومکائد الشیطان الملعون ومغریاته، تمنعنا من الاهتمام بعالم الآخرة ومن القیام بما یجب علینا، وإذا تکاثرت هناک مخاطر وعراقیل فی الطریق، فلاسبیل لإنهائها بالتیه والأمانیة والراحة، والرجوع إلی طریق الله، ولنعمل علی تهیئة زاد وراحة، حتی إذا ما أزف الموعد اضطررنا إلی الرحیل.

دون زاد، ولا راحة. ومن دون العمل الصالح، والعلم النافع، الذین تدور علیهما مؤونة ذلک العالم، ولم نهیّئ لأنفسنا شیئاً منهما. وحتى لو کنا قد عملنا عملاً صالحاً، فإنه لم یکن خالصاً لم یکن بالنّیة، فهو الأعم من مواضع القبول. وإذا کان قد نلنا بعض العلم، فقد کان علماً بلا نتیجة، وهذا العلم إما أن یکون لغواً وباطلاً، وإما أن یکون من الموانع الکبیرة فی طریق الآخرة، ولو کان ذلک العلم والعمل صالحین، لکان لها تأثیر کبیر وواضح فی القلب، لکن الذی مرّ علینا عشرین سنة أو أکثر، ولربما ثلاثین سنة وحالاتنا وکیفیاتنا لم تتغیر، فماذا کان علمنا وعملنا مدة أربعین أو خمسین سنة؟ إنّه معکوس حیث أصبحت قلوبنا قاسیة کالصخر القاسی!! ما الذی جنیناه من الصلاة التی هی معراج المؤمنین؟ أین ذلک الخوف وتلک الخشیة اللازمة للقلب؟ لو أننا أخذنا علی الجبل ونحن علی هذه الحال، لا سمح الله، لکان علینا أن نتحمل الکثیر من الحسرات والخسائر العظیمة فی الطریق، مما لا یمکن إزالته!

--------

القسم العربي، الشؤون الدولية، كتاب "الاربعون حديثاً"،تعريب :السيد محمد الغروي، ص ٢٠٠-٢٠١.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء