احمد مازني
من الجدير بالذكر أنّه قد كُتبت مقالات كثيرة حول أصول ومباني السياسة الخارجية من وجهة نظر الإمام الخميني(قده)، ويمكن للمهتمين الرجوع إلى المصادر ذات الصلة. ونكتفي هنا بالإشارة إلى النقاط التالية:
1. السعي إلى الاستقلال ورفض هيمنة الأجانب مع انتهاج دبلوماسية نشطة.
2. دبلوماسية نوفل لوشاتو (التفاوض المباشر وغير المباشر).
3. الرسائل إلى قادة العالم (مثل رسالة الإمام إلى غورباتشوف).
يُعدّ موضوع السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، أو بعبارةٍ أخری «دبلوماسية الإمام الخميني(قده)» من القضايا المهمّة في فكر الإمام وسيرته العملية. والمقصود بهذه الدبلوماسية هو الأساليب التي أقرّها الإمام نظريًا وعمليًا لتنفيذ السياسة الخارجية في نظام الجمهورية الإسلامية، مثل التفاوض، والحوار، وإرسال الممثلين السياسيين لتطوير العلاقات مع الأمم والحكومات غير المعادية. وقد أُشير إلى بعض هذه الجوانب سابقًا، ولكن نظرًا لأهميتها، لا سيما في الوضع الراهن، فإنّ دراسة مستقلة لها تبدو ضرورة في إطار سلسلة «العودة إلى نهج المؤسس».
ولا شكّ أنّ أسس دبلوماسية الإمام متجذّرة في القرآن والسنّة وسيرة رسول الله(ص) وأئمة الدين، بالإضافة إلى المباني الفقهية التي كان يعتمدها، حيث يحتل عنصرا الزمان والمكان ومصلحة الشعب والدين والنظام موقعًا مركزيًا فيها. كما أثّرت التجارب الشخصية للإمام خلال فترة الجهاد، والثورة، والحرب، وتأسيس النظام، إضافة إلى خصائصه الشخصية وإيمانه بالله وثقته بالشعب، في رؤيته النظرية والعملية.
وكما ذُكر، نكتفي هنا بذكر ثلاثة مبادئ أساسية في دبلوماسيته:
1. السعي إلى الاستقلال ورفض الهيمنة الأجنبية مع دبلوماسية فعّالة.
2. دبلوماسية نوفل لوشاتو (التفاوض المباشر وغير المباشر).
3. مخاطبة قادة العالم (مثل رسالته التاريخية لغورباتشوف).
ومن بين الاستراتيجيات الأساسية في فكر الإمام في السياسة الخارجية استقلالية الأمة ورفض الهيمنة الأجنبية. فقد أكّد الإمام الخميني(قده) مرارًا وتكرارًا في خطاباته على ضرورة مواجهة الاستعمار الأجنبي والاستبداد الداخلي، واعتبر الاستقلال أحد المبادئ والغايات الأساسية للثورة الإسلامية. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الإمام تحدّث عن موضوع الاستقلال أكثر من ألف مرة خلال ثلاثين عامًا من الجهاد والقيادة (1959-1989م). وفي وصيته السياسية – الإلهية يظهر هذا الاهتمام بوضوح، إذ وردت كلمة "الاستقلال" فيها ثلاث عشرة مرة، وأشير إلى مشتقات هذا المفهوم نحو أربعين مرة، مثل: الاعتماد على الذات، رفض التبعية، رفض الهيمنة الشرقية والغربية.
ومن أبرز مواقفه العملية في هذا المجال، مواجهته لاتفاقية الكاپيتولاسيون التي منحت المستشارين الأميركيين حصانة قضائية، والتي اعتبرها الإمام كارثة على استقلال إيران وكرامتها، وقد أدى اعتراضه العنيف عليها عام 1963م إلى نفيه إلى تركيا بأمر من نظام الشاه بدعم أميركي.
ويقول الإمام في بيان منطق الإسلام في رفض الهيمنة الأجنبية:
«منطقنا هو منطق الإسلام، وهو أن لا تكون هناك هيمنة للأجنبي عليكم. نحن لا نريد أن نكون تحت سلطة أحد... لا أميركا ولا الاتحاد السوفيتي ولا أي أجنبي.»
(صحيفة الإمام، ج4، ص91)
ويقول في موضع آخر:
«إنّ أحد أسس الإسلام هو الاستقلال الوطني، ولا يحق لأي دولة أو فرد أن يتدخل في شؤون بلادنا.»
(صحيفة الإمام، ج4، ص424)
لقد كان الإمام يرى استقلال البلاد في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكان يرفض أي علاقة تمسّ هذا الاستقلال من أيّ جهة كانت.
-----------
القسم العربي، الشؤون الدولية.